تراجع أسعار الذهب بسبب ضغوط الدولار
تراجعت أسعار الذهب خلال تداولات اليوم الثلاثاء للجلسة الثانية على التوالي، حيث استعاد الدولار بعض الاستقرار بينما ينتظر المستثمرون بيانات التضخم الأمريكية المقرر صدورها هذا الأسبوع لتوضيح مستقبل أسعار الفائدة الأمريكية.
سجلت أسعار الذهب الفورية اليوم انخفاض بنسبة 0.2% لتتداول عند المستوى 1932 دولار للأونصة، حيث تحاول أسعار الذهب الاستقرار فوق مستوى الدعم 1930 دولار للأونصة حتى صدور بيانات التضخم الأمريكية يوم الخميس القادم.
أسعار الذهب واقعة تحت ضعف سلبي خلال هذه الفترة، وحتى تقرير الوظائف الأمريكي الأخير فشل في تقديم دعم قوي للذهب بسبب اعتدال بيانات التقرير وإشاراته إلى استمرار تضخم الأجور حيث ترى الأسواق أن تقرير التضخم الأمريكي هذا الأسبوع هو نقطة التركيز ولهذا نشهد تذبذب في أداء الذهب والدولار في انتظار صدور البيانات، والمتوقع أن أية أحداث قبل هذه البيانات سيكون تأثيرها محدود على الأسواق.
بالرغم من أن التضخم قد تراجع بشكل كبير هذا العام، إلا أنه يظل أعلى بكثير من هدف الاحتياطي الفيدرالي، كما يظل التضخم الأساسي ثابتًا إلى حد كبير ومن المتوقع أن يسجل المؤشر السنوي لأسعار المستهلكين عن شهر يوليو ارتفاع بنسبة 3.3% أعلى من القراءة السابقة عند 3%، وعن المؤشر الجوهري السنوي متوقع تسجيل 4.7% من القراءة السابقة 4.8%.
قراءة التضخم وبالأخص القراءة الجوهرية يمكن أن تظل مصدر قلق كبير للبنك الاحتياطي الفيدرالي. فالأسواق تعرف بالفعل أن التضخم الرئيسي يتجه نحو الانخفاض، ولكن أي ثبات في البيانات أو ارتفاع بأعلى من التوقعات يمكن أن يكون حافز جديد لهبوط الذهب على المدى القصير، وفق جولد بيليون.
قد يؤدي صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين أعلى من المتوقع يوم الخميس إلى زيادة احتمال رفع سعر الفائدة مرة أخرى خلال اجتماع الفيدرالي في سبتمبر. وتعمل زيادات أسعار الفائدة إلى رفع عوائد السندات مما يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لامتلاك الذهب ذات العائد الصفري.
التسعير الحالي في الأسواق يشير إلى احتمال بنسبة 86.5% في ان يبقي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة دون تغيير في نطاقاها الحالي بين 5.25% - 5.50%، بينما هناك احتمال بنسبة 62% تقريباً بأن تظل أسعار الفائدة دون تغيير حتى نهاية العام.
انخفاض أسعار الذهب للجلسة الثانية على التوالي يأتي متأثرا بشكل أساسي بالتعليقات الصادرة عن عضوة البنك الاحتياطي الفيدرالي ميشيل بومان والتي صرح أنه من المحتمل أن تكون هناك حاجة إلى رفع أسعار الفائدة مرة إضافية من أجل خفض التضخم إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي البالغ 2٪.
من ناحية أخرى قال عضو الفيدرالي جون ويليامز إنه واثق من أن الاقتصاد الأمريكي يتحرك إلى بيئة أقل تضخمًا، وأن البنك الاحتياطي الفيدرالي على وشك الوصول إلى ذروة أسعار الفائدة خلال هذه الدورة.
شهد الدولار الأمريكي ارتفاع خلال تداولات اليوم ليستقر منذ بداية الأسبوع في محاولة لتثبيت أقدامه قبل بيانات التضخم وبعد سلسلة الارتفاعات التي سجلها خلال الثلاث أسابيع الماضي، حيث ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية اليوم بنسبة 0.2%.
تراجع توقعات الركود الأمريكي تؤثر على مستقبل أسعار الذهب
تزايدت التوقعات أن الاقتصاد الأمريكي قد لا يختبر ركود اقتصادي خلال عام 2023 كما كان متوقع من قبل، وذلك بعد البيانات القوية التي صدرت عن النمو وعن قطاع العمالة، وبالتالي زادت التوقعات أن الاقتصاد قد يشهد هبوط معتدل، أو تأخر الركود الاقتصادي لعام 2024، بحسب جولد بيليون.
البعض يرى أن رفع الفائدة الأمريكية بمقدار 525 نقطة أساس منذ مارس 2022 يجلب الركود الاقتصادي لا محالة، ولكن قد يتأخر بعض الشيء مع استمرار قطاع العمالة في دعم الاقتصاد ومعدلات إنفاق المستهلكين لفترة أطول من الوقت.
هذه التوقعات تؤثر على مستقبل أسعار الذهب على المدى المتوسط كون الركود الاقتصادي يعد أمر إيجابي بشكل كبير لأسعار الذهب التي تلعب دور الملاذ الآمن في أوقات الأزمات الاقتصادية والركود في النمو الاقتصادي.
ومع تراجع فرص ركود الاقتصاد الأمريكي هذا العام أصبحت توقعات الذهب حيادية أكثر خلال المتبقي من العام، خاصة أن الحافز المتبقي لدعم ارتفاع الذهب هو انهاء البنك الفيدرالي لدورة رفع أسعار الفائدة بشكل صريح، وهو الأمر الذي يعمل الفيدرالي الأمريكي على عدم إيصاله للأسواق بشكل واضح حتى الآن ويتمسك البنك باعتماده على البيانات الاقتصادية الأمر الذي يقلل من فرص ارتفاع الذهب.
رابطة سوق سبائك الذهب
رابطة سوق سبائك الذهب في لندن (LBMA) وهي رابطة تجارية دولية تمثل السوق العالمي لسبائك الذهب والفضة التي لديها قاعدة عملاء عالمية. أظهرت في تقرير لها أنه مع نهاية يوليو 2023 ارتفعت كمية الذهب المحتفظ بها في خزائن لندن إلى 8864 طن منخفضة بنسبة 0.01% عن الشهر السابق، لتصل قيمته إلى 561.6 مليار دولار أي ما يعادل حوالي 709154 سبيكة ذهب.
تدل هذه البيانات على قدرة لندن لدعم سوق التداول اللحظي للذهب ومع هذا التراجع في مخزونات الذهب فإن هذا يعكس تراجع الطلب على الذهب خلال الفترة الماضية في ظل التغير المستمر في توقعات أسعار الفائدة.
ارتفاع مشتريات البنوك المركزية من الذهب في يونيو
ارتفعت مشتريات البنوك المركزية من الذهب في شهر يونيو لتصبح مشتري صافي للذهب بعد ثلاثة أشهر متتالية من البيع، ليعود البنك المركزي التركي ليصبح لاعب محوري من جديد وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي، وفق جولد بيليون.
اشترت 6 بنوك مركزية عالمية الذهب خلال شهر يونيو بينما قام بالبيع بنكين مركزيين فقط، ليشير تقرير مجلس الذهب العالمي إلى ارتفاع صافي المشتريات بمقدار 55 طن من الذهب. لترتفع الاحتياطيات العالمية من الذهب منذ نوفمبر 2022 بمقدار 165 طن بارتفاع بنسبة 8%، من ضمنها 103 طن ذهب تم شراؤها عام 2023.
بعد ثلاثة أشهر من البيع عاد البنك المركزي التركي لشراء 11 طن من الذهب في يونيو الماضي وذلك بعد أن تراجعت احتياطيات الذهب لدى تركيا بمقدار 100 طن منذ بداية العام، بينما هيمنت الصين أيضًا على مشتريات الذهب بعد شراء 21 طنًا من الذهب في يونيو، مما يمدد عمليات الشراء إلى ثمانية أشهر متتالية.
أيضاً بولندا جاءت في المركز الثالث بشراء 14 طن من الذهب في يونيو للشهر الثالث على التوالي، بعد أن أشارت بولندا خلال العام الماضي إلى نيتها لشراء 100 طن من الذهب، ومنذ بداية العام وحتى الآن أضافت بولندا إلى احتياطيها 48 طن من الذهب ليرتفع إجمالي احتياطاتها من الذهب إلى 277 طن.
أسعار الذهب في مصر
تستمر أسعار الذهب المحلي في التداول في نطاقات ضيقة دون تغيرات كبيرة، وذلك على الرغم من تحركات عديدة في أسعار الذهب العالمي، يأتي هذا في ظل استقرار عوامل التسعير في السوق المحلي خلال هذه الفترة ولكن يبقى ترقب الأسواق مستمر.
سجل سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الثلاثاء 2155 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17240 جنيه.
استقرار عوامل تسعير الذهب في السوق المحلي عملت على الحد من التقلبات الحادة في السوق، ودفعت الذهب إلى التحرك بشكل عرضي داخل نطاقات محددة، وفق جولد بيليون.
الفترة الأخيرة شهد تراجع في الطلب على الدولار في السوق الموازية الأمر الذي أداء إلى استقرار وثبات سعر صرف الدولار في السوق الموازية الذي يستخدم في تسعير الذهب المحلي، يأتي هذا منذ تصريح الرئيس المصري أن سعر الصرف يعد أمن قومي ليزيد هذا من التوقعات بثبات سعر الصرف الرسمي لفترة أطول من الوقت والذي يبلغ حالياً في البنوك 30.95 جنيه لكل دولار.
من جهة أخرى نجد أن الطلب على الذهب قد شهد تراجع خلال الفترة الأخيرة خاصة مع ضعف السيولة النقدية لدى المشاركين في الأسواق منذ استحقاق شهادات الـ 18%، وهو الأمر الذي أدى إلى استقرار الأسعار بشكل كبير.
أيضاً مبادرة واردات الذهب بدون رسوم جمركية باستثناء ضريبة القيمة المضافة على المصنعية ساهمت في تحقيق استقرار في السوق بشكل كبير، وفقاً لوزارة التموين وصل إجمالي الذهب الوارد إلى مصر من خلال المبادرة إلى 600 كليو جرام.
تزايد المعروض المحلي من الذهب عمل على تهدئة الأسواق وتراجع السعر وتحقيق توازن بين العرض والطلب.
وبحسب تقرير جولد بيليون فقد ساعدت هذه العوامل على تجاهل أسعار الذهب للتغيرات في السوق العالمية واستقرار سعر الذهب المحلي، بينما يبقى الترقب مسيطر على الأسواق خاصة مع عودة التوقعات بإمكانية حدوث تخفيض في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار طبقا لطلبات صندوق النقد الدولي.