الكنيسة الكاثوليكية فى مصر تحتفل بذكرى رحيل القديس باولينو أسقف نولا
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في مصر اليوم، بذكرى رحيل القديس باولينو أسقف نولا.
وتزامنًا مع ذكراه ترصد “الدستور” في سطور أبرز المعلومات عنه.
ولد باولينو في بوردو الفرنسية حوالي العام 353 في كنف عائلة أرستقراطية رومية ملكت أراضي شاسعة في بلاد الغال وكمبانيا وإسبانيا.
تلقى تعليماً ممتازاً على أوسون الذي كان أعظم خطباء زمانه، فأجاد في الفن الشعري حتى اعتبر أحد أبرز شعراء المسيحية اللاتينية.
لما بلغ بالكاد الرشد أسندت إليه مهام سياسية رفيعة: صار عضواً في المشيخة وتلقى مقام قنصل وحتى مهمة حاكم لكامبانيا ، وإذ أقام لبعض الوقت في إسبانيا لأسباب تتعلق بأشغاله، اقترن بسيدة غنية اسمها تيرازيا، ثم عاد واستقر على أراضيه في أكويتين.
قسم وقته بين إدارة أعماله ونشاطه الأدبي. لقاؤه بالقديس فيكتريس روان والقديس مرتينوس التوري الذي شفاه من مرض في العين، وكذلك حجه إلى ضريح القديس فيليكس النولي، في كمبانيا، ولاسيما التأثير الطيب لدلفين، أسقف بوردو، عليه، كل هذا جعله يصحو إلى بطلان الحياة الدنيا وحوله نحو الله.
اعتمد في ميلاد العام 389 بيد دلفين وشرع لتوه في السلوك في الحياة النسكية منفصلاً عن خيرات هذا العالم. أقام في أسبانيا أربع سنوات.
سيم كاهناً رغماً عنه في برشلونة إثر إصرار الناس الذين أعجبوا بفضائله. خلال هذه الإقامة، عمق خسرانه لابنه الحديث الولادة هدايته وزهده بالعالم وشرع في تصريف ثروته ليقتني الخيرات السماوية.
كتب يقول: "بوساطة كل غناي اشتريت الحق في حمل صليبي، من خلال كل خيراتي الأرضية، دفعت من أجل الرجاء في السماويات لأن الرجاء والإيمان أكثر قيمة من غنى الجسد".
وإذ عاد إلى أكويتين أطلق عبيده في الحرية وفتح مخازنه للفقراء واستعمل المال الذي حصله من بيع أراضيه وبيوته ليفتدي الأسرى ويعين المحرومين.
من هناك توجه إلى ميلانو حيث اجتذب الإعجاب الذي لقيه من عدد كبير من الناس حسد بعض رجال الإكليروس.
حتى البابا استقبله ببرودة.أما للارستقراطية، التي بقيت وثنية، فاعتبرت هذه الحياة التائبة ضرباً من المبالغة وعيرت باولينو بأنه حرم الدولة من خدماته.
فيما كان القديس يلام من كل أبناء هذا الدهر، كان رجال الله يُكبرون ما فعل.
قال القديس مرتينوس في شأنه إنه يكاد يكون الشخص الوحيد في العالم الذي تعاطى كل أحكام الإنجيل.
وكتب إليه القديس إيرونيموس مزوداً بنصائح في شأن الحياة النسكية.
اعتزل القديس باولينو في نولا حيث رتب، في مضافة كان قد بناها الحجاج للفقراء خلال حجه الأول، جماعة من النساك.
زوجته التي لم يعد عائشاً معها منذ هدايته إلا كأخ مع أخته، أقامت في الجوار وأعانته في كل أعماله الخيرية.
وإذ فرغ من كل خيراته الأرضية، لبس شعر الإبل وصار لا يأكل في المساء سوى الخبز والأعشاب في إناء من فخار منكباً، بدقة، على الصلوات والأناشيد ليلاً نهاراً.
في كل عام، في الرابع عشر من شهر كانون الثاني كانت جموع الحجاج تفد إلى هناك لتحتفل بعيد القديس فيليكس في البازيليك الفسيحة التي شيدها باولينو مع بيت للمعمودية وبضعة أبنية للضيافة.
غير أن شهرة رجل الله اجتذبت إليه، هو أيضاً، عدداً كبيراً من الزوار والأرستقراطية التقية والنساك نير القديسة ميلاني الكبرى ثم حفيدتها ميلاني الصغرى.
العزلة وحياة التوبة لم تجعلا باولينو يتخلى عن عمله الشعري كما استمر يراسل رجال الكنيسة العظام في زمانه كالقديس أوغسطينوس والقديس أمبروسيوس والقديس سوليكيوس ساويروس وكذلك كبار شخصيات بلاد الغال ورومية الذين أثر فيهم لجهة السعي إلى اقتناء الفضائل الإنجيلية.
سنة 409 صار باولينو أسقفاً على نولا وتمم خدمته في حقبة مضطربة جداً.
ففي السنة التالية لسقوط رومية، اخترق البرابرة نولا وأوقفوا الأسقف القديس الذي واجههم بجسارة بعدما شدده القديس فيليكس في رؤيا.
يُحكى أنه باع نفسه عبداً للبرابرة ليفتدي فتاة أرملة فقيرة. حتى الأباطرة وقروه توقيراً شديداً.
فقد دعوه إلى مجمع في رافينا ليفصل بين اثنين ادعيا خلافة البابا زوسيما.
في أيامه الأخيرة مرض مرضاً شديداً. ظهر له القديسان جانغيي ومرتينوس ليطلعاه على خلاصه القريب.
احتفل بالقداس الإلهي على مذبح أقيم بقرب سريره بالاشتراك مع أسقفين حضرا لزيارته ودعا، لمساهمة القدسات، كل التائبين الذين سبق له أن قطعهم ثم صلى بحرارة ويداه مرفوعتان إلى السماء.
توفى في 22 يونية سنة 431.
رفاته اليوم رابضة في كاتدرائية نولا.