رمزًا محوريًا في المشهد الفرنسي.. "آلان تورين" أبرز فلاسفة العصر الحديث
رحل عالم الاجتماع الفرنسي، آلان تورين، عن عالمنا، قبل أيام قليلة، عن عمر ناهز الـ 97 عامًا، وفق ما أعلنت ابنته الوزيرة الاشتراكية السابقة ماريسول تورين.
وكتبت عنه صحيفة “lemonade” الفرنسية، أنه رمزًا محوريًا في المشهد الفكري الفرنسي والعالمي، بداية من أول عمل ميداني له، بين العاملين، في مصانع سيارات "رينو" وصولًا إلى كتاباته الأخيرة حول تحولات الرأسمالية المضاربة.
ونعته الصحيفة الفرنسية، قائلة: لم يتوقف هذا المسافر المتحمس أبدًا عن مراقبة العالم الاجتماعي، وتحولاته العميقة، وانقساماته الجديدة، ومصادر السخط والحرية.
وسبق أن صرح آلان تورين للصحيفة في 2017: "ما يهمني وما أحاول تسليط الضوء عليه في كل مكان، هو الصراع" مشيرًا إلى سرد قصة المجتمع وسرد صراعاته، فكانت هذه هي دعوة تورين الفكرية بفضول لا حدود له، المستوحاة من الأدب الفرنسي وتحرير فرنسا.
نشأة آلان تورين
وُلد تورين في 3 أغسطس 1925، في هيرمانفيل سور مير، في نورماندي، ونشأ في كنف عائلة برجوازية، حيث كان محاطًا بالكثير من الكتب حوله، فكان والده، وهو طبيب وأستاذ في طب الأمراض الجلدية، مشتركًا في الإصدارات الأولى للعديد من دور النشر الكبرى، أبرزهم Gallimard و Grasset.
وعن طفولته، كشف تورين، للصحيفة: "أنا أنتمي إلى الجيل الأخير الذي نشأ مهتمًا بالأدب" مضيفًا:"كانت تربيتي أخلاقية أكثر منها سياسية، بالنسبة لي، كانت السياسة في ذلك الوقت هي أمل مالرو" مشيرًا إلى تأثير كتابات الفيلسوف الشهير أندريه مالرو عليه.
درس الشاب تورين من خلال التحاقه بالمدرسة العليا المدرسة نورمال (ENS) في عام 1945، التاريخ في جامعة السوربون، وهناك، التقى بالبروفيسور الماركسي إرنست لابروس، الذي أرسله إلى المجر للاحتفال بالذكرى المئوية لثورات 1848، بقي الشاب تورين لفترة أطول مما كان مخططا له في البداية، وقام بجولة في البلاد وزيارة المزارع خلال الإصلاح الزراعي، قبل بداية الحرب الباردة، وهو ما جعله حريصًا على دراسة الواقع الاجتماعي.
تجربته في العمل بالمناجم
عمل تورين، في أحد المناجم، وهذه التجربة جعلت تورين أكثر قربًا من مشكلات العمال بهذه الصناعة، حتى أنه عاصر مشاجراتهم، وما يحلمون به، فتعرف من خلالها على الحياة الاجتماعية للعمال، وهو ما رصده في كتبه عام 1955، بعنوان "تطور العمل في مصانع السيارات"، كما استمر بحثه، في هذ الصدد وكتب عن معاناة عمال المناجم في تشيلي، كما ساهم عام 1959 في تأسيس مجلة "سوسيولوجيا العمل".
أهم أعمال آلان تورين
ولـ تورين، كتاب هام بعنوان "نحن ذوات انسانية"، الصادر عن المركز القومي للترجمة عام 2022، وفي هذا الكتاب يحلل تورين نظرته إلى المجتمع المعاصر، الي رأى أنه مجتمع يميل إلى الهيمنة والتسلط والسيطرة على الفاعلين، وأن الحركة الاجتماعية باعتبارها الذات الفاعلة، ما هي إلا "تعبير عن رفضها لهذه الهيمنة والتسلط والسيطرة بمختلف أبعادها، فهي عبارة عن تمرد اجتماعي يتم في هامش المجتمع حينما تكون هناك أزمة بين الطبقات الاجتماعية".
كما اشتهر كتابه "الحداثة المتجددة.. نحو مجتمعات أكثر إنسانية" الذي يدعو فيه تورين إلى الإنطلاق من جديد من فكرة الحداثة من أجل التفكير في عصرنا ضد نظام اقتصادي شرس يهدد بالإجهاز على العلوم الاجتماعية، ويُعيد بناء تصور عن ذاك الإنسان القادر على تغيير بيئته الإجتماعية وحتى شرطه الإنساني إنطلاقاً من ممارسة الإرادة وتجربتها.