قمة جدة.. حضور استثنائي وملفات عربية تنتظر التوافق
شهدت مدينة جدة، القمة العربية الـ32 التي تحتضنها المملكة العربية السعودية، بحضور سوريا لأول مرة منذ 12 عاما، مدفوعة بزخم كبير من إعادة ترتيب المشهد العربي والإقليمي، مع التركيز على ملفات الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتصاعد حدة النزاع في السودان، وبحث سبل الاستقرار والنهوض بالبلدان التي أنهكتها الحروب مثل اليمن وليبيا.
وقال الدكتور إسماعيل صبري مقلد، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إنه مع التحولات السياسية والأمنية التي تحدث حاليا في الشرق الأوسط، والتي قد لا تكون معالمها النهائية قد تبلورت بعد بالدرجة الكافية من الوضوح والتحديد، وإن كانت مؤشراتها ومقدماتها تنم عن طبيعة المسارات التي يمكن أن تتحرك هذه التحولات الجدبدة فيها.
وأضاف مقلد، بقوله: أتصور أنه يجب الشروع في بلورة استراتيجية جديدة للأمن الإقليمي في الشرق الأوسط تنبني في أساسها على إعادة تقييم طبيعة ومستوى الأخطار التي تشكل تهديدا حقيقيا لأمن هذه المنطقة من العالم، بعيدا عن الافتعال والمبالغة التي غلبت على هذه التقييمات في الفترة الماضية، من حيث تركيزها على تصوير التهديد العسكري الإيراني والبرنامج النووي الإيراني، وليس التهديد العسكري الإسرائيلي والبرنامج النووي الإسرائيلي الذي يتفوق على نظيره الإيراني عشرات المرات كمًا وكيفًا.
وتابع أستاذ العلوم السياسية: لا بد من وجود رؤية إقليمية أكثر واقعية لظروف َومتطلبات وآليات تحقيق الأمن الإقليمي المنشود للوصول به إلى أفضل صوره وحالاته ومستوياته، بحيث يدار لصالح دوله بالأساس، وليس لصالح قوى دولية خارجية، ولن يكون ذلك ممكنا عمليا إلا بتعاون الأطراف العربية مع الطرفين الإيراني والتركي، بصورة يمكنها أن تحقق الأمن المتكافئ للجميع.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية الإماراتي الدكتور عبدالخالق عبدالله، القمة العربية في جدة تدعو للتفاؤل، وسط أجواء عربية اعتادت على التشاؤم والإحباط من القمم العربية. لافتا إلى أن جميع الشواهد تشير إلى أن القمة ستكون ناجحة، وستدخل التاريخ ضمن القمم العربية القليلة الناجحة، وليست ضمن القمم العاثرة التي انتهت دون تحقيق الحد الأدنى من التوافق العربي.
وقال عبدالله، إن نجاح أي قمة عربية مرتبط بعدد ونوع الحضور في القمة. قمم كثيرة شهدت حضورا عربيا متواضعا، ودخلت التاريخ ضمن القمم التي وصفت بالفشل. والحضور في قمة جدة نوعي ومتميز، وعلى أعلى المستويات، ويبرز حرص الزعماء العرب على إعطاء هذه القمة الثقل الذي تستحقه.
وأشار إلى أن التفاؤل تجاه قمة جدة مرتبط أشد الارتباط بمسار تاريخي يمكن تسميته ببروز لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر.