افتتاح أول مقبرة يهودية منذ 500 عام فى بورتو.. ما قصة يهود البرتغال؟
افتتحت الجالية اليهودية في "بورتو" ثاني أكبر مدينة في البرتغال، مقبرة جديدة، في احتفال كبير ترأسه حاخامات من البرتغال وإسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فيما أقيم الاحتفال تزامناً مع احتفالات يوم "الذكرى" في إسرائيل الذي يوافق يوم 4 مايو من كل عام حسب التقويم العبري.
ضم الحفل ممثلين عن ديانات أخرى، إلى جانب حاخام المدينة، حضر رئيس الجالية المسلمة في البرتغال، عبدالمجيد وكيل، وكذلك المطران مانويل ليندا، حيث عبر الحفل عن الروابط القوية واتحاد مؤسساتهم ودياناتهم لمساعدة المجتمع، في رمز إلى التعايش السلمي في البرتغال.
كان قد تم تدمير المقبرة السابقة ليهود البرتغال عام 1497 بعد مرسوم طرد اليهود من البرتغال. فالمقبرة الجديدة للمجتمع اليهودي هي دليل على أن اليهود دائمًا ما يتجددون، حتى في أكثر الأماكن غير المتوقعة"، كما يقول الحاخام أساف بورتال، أحد أعضاء الجالية اليهودية في أوبورتو.
مقبرة وتاريخ
وفقًا لبيان صادر عن الجالية اليهودية في بورتو، فإن المقبرة الجديدة تحمل اسم إسحاق أبوآب، الذي عاش وتوفي في بورتو بعد طرد اليهود من إسبانيا، وقال حاخام الجالية اليهودية دانيال ليتفاك: "لسوء الحظ، لا نعرف حتى مكان دفن الحاخام الأكبر لأن المرسوم ومحاكم التفتيش دمرت كل آثار الجالية اليهودية في ذلك الوقت".
أشار رئيس الجالية اليهودية في البرتغال، الحاخام إيلي روزنفيلد، في الاحتفال إلى أن مقبرة الجالية اليهودية الجديدة في بورتو هي "دليل على أن اليهود يجددون أنفسهم دائمًا" وقال "إن وجود مقبرة يهودية أمر بالغ الأهمية في التقاليد اليهودية، لذلك فإن افتتاح المقبرة الجديدة هو حدث ضخم".
شملت المقبرة اليهودية الجديدة 300 مدفن فردي، وأقبية عائلية ومنزل للتطهير الطقسي، ويملأها الأشجار والمروج والبحيرة، وتقع خارج المدينة على أرض تم شراؤها من قبل الجالية اليهودية، لتجنب أعمال التخريب، لم يكشف المجتمع اليهودي في أوبورتو علنًا عن عنوان المقبرة المحاطة بسور عالي، كما يوجد بها حارس مسلح ومجهزة بكاميرات مراقبة لحمايتها.
يهود البرتغال
في عام 1492 أصدر ملك إسبانيا فرديناند وإيزابيلا "مرسوم الحمراء" الذي قضى بطرد اليهود من إسبانيا، مما دفع بعشرات الآلاف منهم إلى طلب اللجوء عبر الحدود في البرتغال. وعلى إثر دخول اليهود للبرتغال بات عددهم نحو خمس عدد السكان، ولكن في عام 1495 أراد ملك البرتغال مانويل الأول الزواج من ابنة فرديناند وإيزابيلا فاشترطا عليه طرد اليهود من البرتغال أيضا.
وفي ديسمبر عام 1496 أمر مانويل الأول بطرد كل اليهود الذين لم يعتنقوا المذهب الكاثوليكي المسيحي. وعلى أثر ذلك تحول 20 ألف يهودي إلى الكاثوليكية في لشبونة. على مدى السنوات القليلة التالية، طُرد آلاف اليهود البرتغاليين من منازلهم وأجبروا على مغادرة البلاد، واضط الكثير منهم إلى الفرار إلى دول مجاورة مثل المغرب وفرنسا، بينما توجه آخرون إلى الإمبراطورية العثمانية، حيث سُمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وكان
ورغم تحول بعض اليهود إلا أن المسيحيين الجدد واجهوا قيوداً قانونية ومالية ومدنية، بل تهديداً لأمنهم في عهد جواو الثالث خليفة مانويل، ففي عام 1536 تم طرد المشكوك في إيمانهم المسيحي وأنهم يمارسون الديانة اليهودية سراً، حيث كانت محاكم التفتيش تقيم محاكمات علنية لهم، ويقدر عدد المطرودين بنحو 40 ألفاً
إعادة بناء المقبرة له معنى رمزي بالنسبة إلى يهود البرتغال، بعد أكثر من 500 عام على تدميرها عام 1496، الذي كان حادثا مأساويا أثر على الجاليات اليهودية في جميع أنحاء أوروبا.
العودة
قال رئيس الجالية اليهودية في البرتغال: "إنه لمن دواعي السرور أن يمارس أحفاد العائلات اليهودية المطرودة حقهم في استعادة الجنسية البرتغالية منذ ذلك الحين". "وإنه لشرف عظيم أن يكون لشبونة قريبًا متحفًا جديدًا مخصصًا لتاريخ البرتغال اليهودي الطويل والغني.
في عام 2013 وافق البرلمان البرتغالي بالإجماع على قانون بمنح أحفاد السفارديم الجنسية البرتغالية، وهم أحفاد اليهود الذين طردوا من إسبانيا والبرتغال في القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر. كما مررت إسبانيا أيضا قانونا مشابها لكن مع واضع عوائق مثل شرط تعلم اللغة الإسبانية، لكن البرتغال لم تضع هذه الشروط.
ويقول غابرائيل شتاينهاردت رئيس الجالية اليهودية في لشبونة، وهو أشكينازي تعود أصوله إلى شرقي أوروبا وولد في البرتغال، إن هذا القانون بمثابة "قانون العودة".
يذكر أن الجالية اليهودية في البرتغال نمت بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، حيث يوجد أكبر مركز شاباد في أوروبا (في كاسكايس)، وعدد من المعابد اليهودية و متحف بورتو للهولوكوست.