فى "سره الباتع".. السلطان حامد صورة "أوزيريس" إله النماء المصرى
في الحلقة قبل الأخيرة من مسلسل "سره الباتع"، تتحقق أسطورة "السلطان حامد" وتحيا بعد رحيل الجسد وتبقى الحكاية/ الأسطورة، تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، لتخلد سيرة الإنسان المصري الذي يصنع أسطورته ومعجزته.
وبرغم تعاقب المحتلين على مصر من هكسوس وفرس ورومان وصولًا للحملة الفرنسية والاستعمار البريطاني، إلا أن قدرة المصري على المقاومة ودحر أعدائه عن أرضه لغز غامض لم يفك شفراته من تعاقبوا على تاريخ هذه الأرض.
وفي المشهد الذي يتبادل فيه نابليون بونابرت نخب انتصاره على السلطان حامد مع جنوده، لم يكن يعلم أن استشهاد "حامد" قد خلق الملايين منه، وحتى مع تمزيق جثة السلطان إلى أجزاء وتفريقها في أرجاء مصر، إلا أنه بذلك غذى روح المقاومة ونفخ في رماد العنقاء المصرية لتنبعث من رمادها نيران تحرق جنوده وتفشل حملته على مصر التي أتاها غازيا محتلا تحت شعارات نشر الحضارة ومبادئ الثورة الفرنسية.
تتشابه أسطورة السلطان حامد وتقطيع جثته إلي أجزاء وتفريقها، مع مثيله "أوزيريس" إله النماء المصري، الذي أحبه المصريون لحكمته وعدله، إلا أن هذه المحبة كانت سببًا في حقد أخيه "ست" عليه فتآمر ضده ليقتله ويمزق جثته ويفرقها في البلاد، وعندما تستجمع "إيزيس" أجزاءه يبعث من موته.
ــ "أوزيريس" "السلطان حامد".. السيرة أطول من العمر
وفي موسوعته "الفللكلور والأساطير العربية"، يشير الباحث شوقي عبد الحكيم إلى أسطورة "أوزيريس" إله النماء المصري، "أوزيريس" هو الابن الأول لجب ونوت، وجاءت ولادته في طيبة بمصر العليا، وصاحب ولادته الخوارق علي عادة الآلهة والأطفال الموعودين، حيث أعلن صوت في البرية، أن سيدا للعالم يولد، وكان أن عم الابتهاج، الذي سرعان ما تحول إلي أحزان وأسي ودموع، صحاب مصيره المؤلم- كإله ممزق ومعذب- ذلك أنه لحقته لعنة كبير الآلهة رع لأمه نوت، التي وقعت علي رأس أوزيريس حفيده، بمعني أن لعنة الآباء، تلحق وتقع علي رأس الأبناء، أو أن الآباء يأكلون الحصرم، والأبناء يضرسون.
ــ من هو أوزيريس؟
ويضيف "عبد الحكيم": وكان أوزيريس أسود الجلد، تفوق قامته المنتصبة كالرمح قامات كل الرجال، وعندما رفعه والده جب إلي السماء، تسامي كملك لكل مصر، واتخذ من إيزيس أخته، زوجة وأميرة له، وهكذا علم المصريين الزراعة الحديثة، وصناعة الخبز والنبيذ، والجعة أو البيرة، والعديد من الحرف والمهارات التي تنسب له، ومنها الغناء والموسيقي.
كما أنه كان أول من أرسي عبادة الآلهة، فشيد أول معبد، ونحت أول تكوين مقدس، وأنزل القوانين التي تحكم الناس، واصطنع "الفلوت" أو المزمار التي صاحبت موسيقاه الشجية أغانيه الجنائزية.
ثم بعد ذلك شيد أوزيريس المدن ومنح شعبه العدالة، وعرف بالإله الطيب وسمي الفرعون الرابع. ولم يكتف بتحضر مصر، بل رغب في أن تعم تعاليمه العالم القديم أجمع، فأقطع إيزيس حكم الإقليم المصري، وارتحل هو وتحوت إله الكتابة والحكمة، وأنوبيس قائد جيشه إلى أقاصي آسيا، فاكتسب الأقطار بعد الأقطار، كإله غير مسلح، فقط بموسيقاه، وأغانيه الجميلة، وآلاته الموسيقية الجديدة الشجية، وحكمته وبصيرته الخارقة المشوبة بالطيبة والعطاء.
ثم عاد من جديد إلى مصر ليواصل نشر تحضره وعدالته، وعند عودته وجد أن مملكته في أحسن حال بفضل حكمة إيزيس زوجته وشريكة حكمه.
ــ بعث جديد بعد الممات
ويستدرك "عبد الحكيم": لكن لم يمض وقتا كثيرا، إلي أن أحكم أخوه ست خطة اغتياله، وهو ست أو "سنخ" الذي كان شغوفا بالقوة والتسلط.
وفي العام الثامن والعشرين من حكمه، سقط أوزيريس الطيب صريعا تحت قدمي أعدائه ومغتاليه، فجمعت زوجته المخلصة إيزيس أعضاءه، كما فعلت نعيمة مع رأس حسن، وعادت به إلى مصر، وبمساعدة الآلهة تحوت وأنوبيس وحورس، نجحت الربة إيزيس في إرجاع جسد زوجها إلي الحياة من جديد.