"برنيطة نعيمة ولعة".. مشاهد من الفن في رمضان قبل نصف قرن
في عددها الرابع والخمسين، والمنشور بتاريخ 19 مايو 1953، نشرت مجلة الكواكب الفنية، جولة لأهل الفن في رمضان وملامح من أنشطتهم الفنية والسينمائية خلال أيام الشهر الفضيل.
واستهل محرر "الكواكب" جولته مشيرا إلى أنه كانت الظاهرة التي تستلفت النظر في الفترة الماضية، أن فرقة جماعة أنصار التمثيل والسينما قد بدأت تثبت نظرية البعث.
فنهضت تنفض عن نفسها غبار النوم الطويل لتطير في الوسط المسرحي، وقدمت على مسرح الأوبرا عددا من الحفلات التمثيلية اقتصرت في مجموعها علي روايتين فقط، هما "أكسبريس قبلي" ، و"السكرتير الفني"، وأسندت فيها أدوار البطولة لفاطمة رشدي وعبد الوارث عسر وسيد بدير.
ويبدو أن السبب الأول في عجز هذه الفرقة عن الاستمرار في العمل بطريقة منتظمة هو فقر مواردها المالية، فالتمثيل والسينما وحدهما ليس فيهما الكفاية لاجتذاب الأنصار من أهل الفن ولا الأنصار من أهل المال، ومع أن حفلات الفرقة كانت ناجحة من الناحية الفنية، فإن الإقبال عليها من الجمهور لم يكن في مداه المنتظر.
ــ ظهور الملك السابق وحاشيته علي المسرح
وتابع محرر “الكواكب” جولته: وشهد مسرح كازينو أوبرا في الأسابيع الماضية عددا من الانقلابات، فقد انتهي موسم فرقة الباليه المصري بحفلة ختامية أقامتها نقابة عمال المحال العامة، وكان برنامجها حافلا بالنمر والاستعراضات، ولكن أبرز ما عليه مسرحية ظهرت فيها شخصيات الملك السابق وحاشيته وقادة الثورة.
واحتلت المسرح بعد ذلك فرقة استعراضية أخري، ثم تركته لتحتله فرقة أخري جمعت كل ألوان الطرب البلدي وموسيقاه التي تختلف بين المزمار والربابة والطبول و"النقرزان". والطريف أن الفرقة الأخيرة راحت تعلن عن نفسها بميكرفون ضخم وعبارات ظريفة، منها "البلدي يوكل"، "يا أهل البلد .. أمضوا سهراتكم مع أولاد البلد" .. ألخ.
وقد علق أحد الظرفاء علي ذلك ، قائلا أن كازينو أوبرا بعد إلغاء الفتح سوف يجعل الزبائن يفتحون أكواب قمر الدين.
ــ نعيمة ولعة تقلد كارمن ميراندا
وتابع محرر "الكواكب" لافتا إلى أنه كانت كواليس هذا المسرح تزخر بالحياة فعلا في الأسبوع الماضي، وبرزت في حفلاته بعض الوجوه الجديدة في دنيا الفن الاستعراضي. فقد ظهرت فتاة صغيرة اسمها "تيتا" لتلقي الأغاني الخفيفة مقلدة النجمة الأمريكية المشهورة "كارمن ميراندا"، والطريف أن هذه الفتاة هي ابنة مونولوجست كانت تعرف في المسارح الاستعراضية باسم "نعيمة ولعة".
وقد حدث أن فقدت من قبعة "تيتا" بعض الفواكه الحقيقية، وما أن عرف ذلك مدير المسرح "منير الفنجري" حتي أخذ يسرق الفواكه من فوق القبعة ويلتهمها، وظل علي هذا الحال يجري أسبوعا قبل أن تكتشف "تيتا" أين تذهب الفاكهة، ولم تكتشف الأمر إلا عندما قال لها "الفنجري" يوما: "من فضلك تبقي بكره تحطي في البرنيطة مشمش علشان نفسي فيه".
ومنير الفنجري هذا فنان "غلبان"، فمع أنه يعمل في الوسط الفني منذ أكثر من 15 عاما إلا أنه يكاد يعرف بين الفنانين، وقد بدأت شركات السينما تلتفت إلي شخصيته الفكاهية فأسندت إليه بعض الأدوار الثانوية.