«عملة نادرة»| جمال سليمان: المسلسل يملك كل عناصر النجاح.. و«العالمية» ليست ضمن أولوياتى
- مصر الدولة الوحيدة فى المنطقة التى بها صناعة سينما.. ونعانى عربيًا من أزمة النص
- المنصات الرقمية لصالح الصناعة والمشاهد معًا.. وأبدأ تصوير «الملك إدريس» بعد رمضان
جمال سليمان.. فنان صاحب بصمة خاصة وإطلالة عشقها الجمهور فى مختلف الأدوار، خاصة الأدوار الصعيدية، التى يعود إليها فى الموسم الدرامى الرمضانى الحالى من خلال مشاركته فى مسلسل «عملة نادرة»، فى تعاون جديد مع المؤلف مدحت العدل وشركة «العدل جروب» للإنتاج.
وخلال حديثه مع «الدستور»، أشاد جمال سليمان بالتعاون مع المخرج ماندو العدل، وحسن إدارته العمل وقدرته على خلق صورة بصرية متميزة للمشاهد، كما أشاد بالفنانة نيللى كريم، فى أول تعاون بينهما، مشيرًا إلى أنها ساعدته كثيرًا على تجويد العمل وتحسينه؛ نظرًا لموهبتها وتواضعها وإخلاصها فى عملها.
■ بداية.. ما أسباب مشاركتك فى مسلسل «عملة نادرة» الذى يعرض ضمن السباق الدرامى الرمضانى هذا العام؟
- مسلسل «عملة نادرة» يملك كل مقومات النجاح، وكل عنصر فيه هو على أعلى مستوى، وتم اختيار الأفضل دائمًا، سواء فى فريق العمل أو من هم خلف الكاميرا، وأنا سعيد للغاية لأننى أشارك بهذا العمل فى الموسم الرمضانى هذا العام.
إلى جانب ذلك، فهناك سعادة خاصة بالعودة للتعامل مع المؤلف الدكتور مدحت العدل، الذى تربطنى به صداقة وتفاهم وتفكير مشترك، بعد أن تعاونا قبل فترة طويلة فى مسلسل «قصة حب»، وهو أحد أقرب الأعمال لقلبى، وأعتبره من الأعمال العربية المهمة، وأتمنى أن نقدم فى المسلسل الجديد تجربة مختلفة ومتميزة.
■ يناقش المسلسل قضية توريث المرأة.. فهل ترى أن المرأة العربية لم تحصل بعد على حقوقها فى هذه القضية؟
- بكل تأكيد، فرغم تطور التشريعات فى العالم العربى لصالح المرأة، إلا أن هناك كثيرًا من المشاكل لا تزال موجودة فى الأعراف والتقاليد داخل المجتمع نفسه، فربما يكون القانون نفسه منصفًا للمرأة، إلا أن تلك الأعراف تعرقل تمامًا تنفيذ تلك القوانين وتعطلها، فمن ناحية يقول الشرع والدين إن الأنثى ترث، بينما لا يطبق كثيرون فى المجتمعات الزراعية ذلك.
■ كيف رأيت التعاون مع الفنانة نيللى كريم؟
- فى الحقيقة أنا سعيد جدًا بالتعاون لأول مرة مع الفنانة نيللى كريم، وبعد التعامل معها فى هذاالعمل وجدت أنها إنسانة خلوقة ومحترمة ومتواضعة ومخلصة لعملها، وممثلة موهوبة، ولديها القلب والإحساس والمشاعر، بالإضافة ليقظة العقل.
■ ماذا عن المخرج ماندو العدل؟
- المخرج محمد جمال العدل استطاع خلال الفترة الماضية أن يحقق نجاحات كبيرة، وأن يجد لنفسه مكانة متميزة وسط المخرجين الكبار فى الوطن العربى، وفى مسلسل «عملة نادرة» رأيته يبذل جهدًا كبيرًا ليحقق معادلة بصرية للدراما المكتوبة، كما أن لديه حرصًا دائمًا على تقديم صورة جميلة وواقعية ومعبرة، بالإضافة إلى أنه يتميز بحسن إدارته للممثلين وباقى طاقم العمل، ما يخلق تناغمًا شديدًا يخدم المشاهد المصورة.
■ ماذا عن التعاون مجددًا مع شركة «العدل جروب» للإنتاج؟
- دائما ما أعتز بالتعاون مع شركة «العدل جروب» خاصة أن لدينا تعاونًا طويلًا، بداية من مسلسل «قصة حب» ومرورًا بمسلسلى «الشوارع الخلفية» و«سيدنا السيد»، وكلها مسلسلات أعتبرها علامات فى مسيرتى الفنية. بالإضافة إلى ذلك، فإن «العدل جروب» هى واحدة من أشهر وأنجح شركات الإنتاج الفنى فى العالم العربى وأطولها عمرًا، وأصبح المشاهد العربى والقنوات العارضة يعرفون أن أى عمل من إنتاجها يعنى الكثير، نظرًا لمصداقيتها، وحرصها على تلبية متطلبات العملية الإبداعية فى جميع الأعمال التى تقدمها.
■ فى رأيك.. ما الفارق بين الأعمال المقدمة فى الموسم الرمضانى والأعمال خارج الموسم؟
- الأصل هو النص، سواء كان العمل مقدمًا داخل رمضان أو خارجه، فرغم أن رمضان لا يزال الموسم الدرامى الأكثر مشاهدة إلا أننا لاحظنا جميعًا فى السنوات الأخيرة، أن هناك جمهورًا كبيرًا ينتظر الأعمال المقدمة خارجه، ووجدنا أيضًا أن هناك أعمالًا لا تأخذ حقها داخل الموسم لكنها تنجح بعده، كما وجدنا كذلك أعمالًا جيدة لكن أجواءها تكون غير رمضانية، وفى المقابل هناك أعمال تصنع على عجلٍ لكنها تحقق نجاحًا فى رمضان. والمسألة أن مزاج الناس نفسه أصبح جزءًا من الطقس الدرامى الرمضانى، وهذا المزاج يجعل الناس يحبون مشاهدة أعمال سهلة وبسيطة ومسلية، وقد تكون هناك أعمال قوية للغاية لكنها لا تحصل على حظها من النجاح فى الموسم.
ومن وجهة نظرى، تشهد الفترة الحالية تراجعًا قليلًا فى المشاهدة، لارتباط الجمهور ببعض الموضوعات والمناقشات الاجتماعية أو غير ذلك، كما أننا أصبحنا فى زمن المنصات الرقمية.
■ هل ترى أن هناك أزمة حقيقية فى النص كما يردد البعض؟
- بالطبع، نحن أمام أزمة نصوص ليس فى مصر فقط بل فى الوطن العربى كله، والدليل على ذلك هو أن هناك كثيرًا من الشركات بدأت تلجأ لفكرة الفورمات الأجنبية التى نفذت بالخارج لتحويلها لنصوص وأعمال عربية.
ونستطيع أن نقول إن كتابة السيناريو تحتاج فى البداية إلى من لديهم الموهبة فى المقام الأول، تحتاج إلى المعرفة بالمجتمع والحياة والناس، لأن الكتابة تكون عن شخصيات تعيش صراعًا معينًا ولديها مشكلاتها وأزماتها فى وقت ومكان معينين.
بالتالى، لا بد أن يكون لدى الكاتب كل هذا الوعى المعرفى الذى يخدم الكتابة، فمثلًا الرجل الصعيدى يحب، والإسكندرانى يحب، والدنماركى يحب، لكن لكل واحد منهم طريقته للحب ومفرداته فى التعبير عنه.
وأيضًا، كل شخص يحب أبناءه، فالإيطالى يحب أبناءه لكنه يعاملهم بطريقة تختلف عن الإنجليزى، فهناك من يوفر كل شىء للأبناء، وهناك من يقول لهم اذهبوا واعملوا لأنه يريد تربيتهم على تحمل المسئولية.
وهذا التباين بين الأشخاص والمواقف والزمان والمكان هو ما يحتاج كل مؤلف لمعرفته، لأن الكتابة صنعة، وهى مثل الهندسة المعمارية، تحتاج للفكرة والمعالجة وتقسيم الأدوار، وهذا لا يتوافر إلا فى عدد محدود جدًا من الكتاب فى العالم العربى، وحتى من يحاول منهم شق طريقه فى هذا المجال فإنه لا يجد من يساعده، بل نضغط عليه لكتابة العمل فى وقت أسرع، ونتناسى أن كتاب السيناريو فى العالم يكتبونه مرة واثنين وثلاثًا حتى يصلون إلى ما يخرج على الشاشة، لكننا لا نمنح تلك الرفاهية للمؤلف لدينا.
■ ما رأيك فى المنصات الرقمية؟
- المنصات الرقمية لصالح الصناعة والمشاهد معًا، فالمشاهد أصبح يختار ما يريد مشاهدته وفى الوقت المناسب له ووفقًا لظروفه، فمن الممكن أن يشاهد أى عدد من الحلقات يوميًا، ويمكنه أن يشاهد عملًا من ٢٠ حلقة مثلًا فى ٣ أيام فقط، وهذا أمر جيد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المنصات تسمح لفئات مختلفة من المشاهدين أن يتابعوا الأعمال، كما أنها منحت الكتاب الفرصة لوضع الأعمال وفقًا للفورمات التى يريدونها، فمنهم من يرى أن حكايته أفضل إذا قدمت فى ٦ حلقات فقط، ومنهم من يرى أن الأفضل هو تقديمها فى ٩٠ حلقة.
■ ما تقييمك لمستوى السينما العربية فى الفترة الأخيرة؟
- الحقيقة أن مصر هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى توجد بها صناعة سينما واضحة حاليًا، رغم وجود تجارب مميزة فى عدد من الدول العربية والمغاربية، وأرى أن هناك فجوة كبيرة بين الأفلام التى لها قيمة فنية كبيرة وسوق العرض الجماهيرية، لأن معظم الأفلام القيمة نراها فى المهرجانات لكنها ليست جماهيرية، وإن كانت المنصات قد أتاحت الفرصة حاليًا لمشاهدة تلك الأعمال المميزة.
■ ما الجديد لديك بعد رمضان؟
- بعد انتهاء رمضان من المقرر أن أبدأ تصوير مسلسل «الملك إدريس»، وهناك مشروع آخر أعمل عليه حاليًا مع كاتب سورى صديق، وهو أستاذ تاريخ ولاجئ ويعمل حاليًا سائق تاكسى، وهى تجربة غنية وثرية وبها الكثير من المواقف المهمة.
■ هل فكرت فى الكتابة من قبل؟
- بالطبع فكرت فى ذلك، لكن ليس لدىّ الصبر للجلوس طويلًا للكتابة، لأن الكتابة تحتاج للتركيز والجلوس للتفكير، وأنا لا أحب ذلك لأننى أفضل الحركة.
■ ما الشخصية التى تتمنى تقديمها على الشاشة؟
- أريد تقديم شخصية العلامة ابن خلدون، لأنى أحب التاريخ والأعمال التاريخية، وأرى أن استحضار هذه الشخصية مفيد تمامًا لحاضرنا، كما أرغب أيضًا فى تقديم شخصية ماكيير سينمائى.
■ هل تتقبل النقد من الآخرين؟
- أتقبل النقد طبعًا لكنى لا أحب الجهل، فلو كان الناقد على وعى ولديه معلومة فسأتقبل نقده بالتأكيد، لكنى لا أحب الجرأة المستفزة دون وعى، كما أننى دائمًا ما أنتقد نفسى فى بعض المشاهد، وقد أنتقد العمل ككل، لأن الكمال لله وحده، لكن السعى نحو الكمال هو أمر مهم للغاية.
■ ألا تخطط لخوض تجربة العالمية؟
- لا أضع هذا الأمر على رأس أولوياتى على الإطلاق، رغم أنى تلقيت بالفعل عددًا من العروض للعمل فى أعمال أجنبية خلال الفترة الماضية، وأنا أحب تسميتها أجنبية لأننى لا أحب مصطلح العالمية، فليس كل عمل يقدم بلغة أخرى هو عمل عالمى، وعلى العموم كانت تلك الأعمال لا تلبى طموحى، ولا تقدم نقلة فى حياتى، فهم أحيانًا يحتاجون لممثل لمرة واحدة ثم يعود بعدها إلى وطنه، وأنا لا أريد أن أعيش فى هذه الحالة، وإلى جانب ذلك، فإنه أصبح من الصعب حاليًا تكرار حالة عمر الشريف، لأن الوقت كان مختلفًا، واتجاه الغرب نحو الشرق كان مختلفًا.
لكنى بالطبع سأكون سعيدًا لو وجدت العمل الذى يحقق النقلة الفنية الهائلة فى مشوارى، لأننى قدمت العديد من الأعمال وأتمنى أن تكون ساهمت فى إسعاد الناس، وأن تظل لها مكانة، مثل شخصية «مندور أبوالدهب»، التى قدمتها منذ ١٨ عامًا لكن الناس لا يزالون يتذكرونها حتى الآن.