«التخطيط القومي» يقدم قراءة تحليلية للواقع الاقتصادي والاجتماعي فى المنطقة العربية
تحت عنوان "قراءة في تقرير التنمية العربية – النمو الاقتصادي العربي في ظل الأزمات: جائحة كوفيد-19 وما بعدها"، خصصت مجلة بحوث اقتصادية عربية في عددها الأخير رقم 86 (مارس 2023)، والصادرة عن الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، ورقة لعرض ما تضمنه الإصدار السادس من تقرير التنمية العربية 2022، وتحليلًا للأزمات التي عصفت باقتصادات العالم، وتداعياتها المختلفة على اقتصادات المنطقة العربية وبخاصة جائحة كوفيد 19، وما خلفته من آثار سلبية كبيرة على النمو الاقتصادي، وما فرضته من تحديات اجتماعية في دول المنطقة.
وفى هذا السياق، أوضحت الدكتورة فاطمة الحملاوي، مدرس الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي، وأحد أعضاء فريق إعداد التقرير، أن هذا الإصدار قدم تحليلاً للواقع الاقتصادي والاجتماعي في دول المنطقة العربية، فضلاً عن مراجعة تدابير وسياسات التعامل مع الجائحة وتداعياتها مقارنة ببعض التدابير العالمية، ومن ثم عرض لمداخل حوكمة وإدارة الأزمات (لاسيما جائحة كوفيد-19، والأزمة الروسية الأوكرانية) في دول المنطقة العربية.
وذكرت الورقة في عرضها للتقرير، أن الأخير استطاع أن يجيب على تساؤلات حول نوعية السياسات والتدابير التي ينبغي للدول العربية اتخاذها لتحقيق تحول جوهري يتعدى السعي لإنقاذ اقتصاداتها من الركود والانهيار إلى تحفيز وتقوية هذه الاقتصادات، من خلال إصلاحات هيكلية عميقة تساهم في رفع مستويات النمو، ووضع منطلقات وبلورة سياسات مقترحة لاستكمال التعافي من الأزمات، وتعزيز نمو وصلابة واستدامة الاقتصادات العربية.
ووفقا لما ورد في التقرير، فقد تسببت الجائحة في تكلفة اقتصادية هائلة للاقتصادات العربية، شأنها شأن دول العالم المختلفة، مع حدوث صدمة في جانبي العرض والطلب نتيجة لانهيار أسعار النفط وتأثر الأنشطة الاقتصادية على اختلافها، إذ عانت المنطقة العربية من انخفاض الطلب على كافة المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، وتعطلت معظم سلاسل الإمداد، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة.
وأشارت الورقة كذلك لما توصل له التقرير وفقا للبيانات المتاحة، بأن القطاعات الأكثر تضرراً بالجائحة في معظم دول المنطقة، كانت قطاعات السياحة والنقل والزراعة، وأن الاقتصادات العربية الأكثر اعتماداً على الخارج كانت هي الأكثر تأثراً بتداعيات الجائحة لانخفاض عائدات النفط وعائدات السياحة والتحويلات والاستثمار الأجنبي المباشر.
وفي قراءتها للتقرير، أشارت الحملاوي إلى وصف الإصدار السادس من تقرير التنمية العربية لتطور النمو في الاقتصادات العربية بالضعف والتذبذب وكذا التباين، خلال الفترة 2010-2019، وهي فترة ما قبل الجائحة، وسيطرة السمة الريعية على طبيعة تلك الاقتصادات، وذلك بسبب ضعف مساهمة القطاعات الإنتاجية، الزراعية والصناعية والتحويلية، وزيادة مساهمة الصناعة الاستخراجية، وخاصة النفط، في النمو الاقتصادي للمنطقة العربية.
وانتهت الورقة إلى ما اقترحه التقرير من "إطار قائم على السياسات" لحل معضلة النمو الاقتصادي في الدول العربية في فترة ما بعد الجائحة، من خلال تحديد نوعية الإجراءات والتدابير اللازمة لتحفيز النمو الاقتصادي المستدام والموفّر لأكبر عدد من الوظائف، وذلك ضمن رؤية إصلاح متكاملة، من خلال استراتيجية تنموية تهتم في المقام الاول بالمُمَكّنات الأساسية لتسريع التراكم الرأسمالي، من أجل توسيع القاعدة الإنتاجية وتنويعها، وذلك لتحقيق أهداف النمو الشامل التشغيلي والمستدام.
الجدير بالذكر أن هذا التقرير هو إصدار مشترك بين معهد التخطيط القومي بالقاهرة والمعهد العربي للتخطيط بالكويت، ويعتبر أحد أوجه التعاون الوثيق بين المؤسستين، وتجسيدًا للتعاون والعمل العربي المشترك، حيث ساهم في إعداده نخبة مشتركة من الباحثين في المعهدين.