في ظل رواج الرواية.. مناقشات جديدة حول مستقبل القصة القصيرة
تحظى الرواية بانتشار واسع في العالم أجمع، وتجد ما يعزز من حضورها سواء على مستوى القراءة أو الجوائز أو حتى النشر، لكن النقاش حول مستقبل القصة القصيرة لا يزال يتجدد من آن لآخر.
في مقال حديث، نشره موقع "outlookindia" أشار إلى جملة مناقشات أجراها مع مجموعة من الكتاب حول مستقبل القصة القصيرة، والتي انقسموا فيها إلى فريقين أحدهما لا يظن بأن ثمة مستقبلًا للقصة القصيرة، وآخر يؤمن بأنها فن مناسب تمامًا للوقت الراهن.
مميزات القصة القصيرة
سلط مؤيدو القصص القصيرة الضوء على سهولة قراءة القصة مقارنة بالرواية، فقوة القصة القصيرة تكمن في إيجازها وتكثيفها، إذ تستوعب الحبكة والشخصيات والصراع ونقطة التحول والزمان والمكان في صفحات قليلة، وهذا التكثيف بالتحديد هو الذي جعل هذا الشكل من الكتابة جذابًا.
على عكس الرواية، يمكن للقصة القصيرة أن توفر قراءة سريعة وسهلة من البداية إلى النهاية في فترة زمنية قصيرة، وغالبًا في جلسة واحدة، وعلى حد تعبير نيل جايمان: 'القصص القصيرة هي رحلات يمكنك القيام بها إلى الجانب الآخر من الكون ثم يكون بإمكانك العودة في الوقت المناسب لتناول العشاء".
من جهة أخرى، يمكن القول إن التكنولوجيا الحديثة كانت داعمة بشكل ما للقصة القصيرة، فمع وجود العديد من المواقع على الإنترنت، أصبح إنتاج المزيد من القصص القصيرة وتوزيعها أسهل من أي وقت مضى، إذ يمكن تنزيل قصة قصيرة على جهاز لوحي وقراءتها والاستمتاع بها في أي مكان وزمان.
مشكلة القصة القصيرة
في المقابل، يجادل آخرون بأن مشكلة القصة القصيرة في أنها محدودة بسبب قصر طولها وافتقارها إلى عمق الحبكة ووجهات النظر، فبسبب قصر طولها تعرض فترة زمنية قصيرة بدون عمق في أي من الفضاء أو المكان، وبسبب قصر طولها أيضًا، تتبع القصة القصيرة خيطًا واحدًا وتدعم وجهة نظر واحدة، ونادرًا ما تظهر أكثر من حبكة واحدة أو أكثر من شخصية رئيسية.
ولكن المعارضين لهذه الحجة، يشيرون إلى أن كثرة وسائل الإعلام أدت إلى تقليص انتباهنا، ولهذا كان من المهم تلخيص الرسالة بشكل قصير ومختصر وبطريقة تجذب انتباه القارئ، وتثير فضوله، وتجعله يرغب في قلب الصفحة وقراءة القصة حتى نهايتها.
وبنفس الطريقة، كانت القصص القصيرة وسيلة جيدة لغرس عادة القراءة إذ كانت رائعة للقراء المترددين أو البطيئين أو أي شخص يهاب الكتب.
معارضون ومؤيدون
يلفت معارضو القصة القصيرة إلى أن النهاية في القصة القصيرة لم تكن كاملة في كثير من الأحيان، فقلة التفاصيل تترك القارئ غير راض أو حتى مرتبك. تنتهي القصص القصيرة أحيانًا بملاحظة عاطفية أو بنهاية غامضة أو مفاجئة وبدون حل.
من ناحية أخرى، قدمت الروايات النهاية التي يحتاجها القارئ. فبعد قضاء قدر كبير من الوقت مع شخصية أو شخصيات، يحتاج القراء أن يعرفوا بوضوح ما حدث لهم، ولهذا السبب هم أكثر ميلًا إلى تفضيل الروايات.
أما الداعمين للقصص القصيرة، فينوهون بأن القصص القصيرة قدمت للعديد من المؤلفين نقطة انطلاق لمهنة أدبية مزدهرة، وساعدتهم في صقل مهاراتهم الكتابية.
وبينما يرى منتقدو القصة القصيرة أنها سهلة النسيان ولا تترك انطباعا دائما على القراء، ينوه المؤيدون لها بأهميتها ضاربين الأمثلة بعدد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الشهيرة والناجحة التي تستند إلى القصص القصيرة، ومنها فيلم "الحالة المحيرة لينجامين بوتون"، فهذا الفيلم الناجح مستوحى من قصة لسكوت فيتزجرالد وتم إصداره بعد 86 عامًا من كتابة القصة الأصلية.
ويشير كاتب المقال بالنهاية إلى إيمانه بأن القصة القصيرة كنوع أدبي حية ورائعة وهي موجودة لتبقى، وليس من شك في وجود مستقبل للقصة القصيرة.