البابا فرنسيس يتحدث عن الرباط بين القانون الكنسي والكرازة
استقبل البابا فرنسيس، اليوم السبت، المشاركين في دورة تكوين في القانون الكنسي والعمل الرعوي مع العائلات تنظمها محكمة الروتا الرومانية.
وعقب ترحيبه بالجميع أشار الأب الأقدس إلى أن هذه المبادرة تأتي في إطار الخدمة متعددة الأشكال التي تقدمها الكوريا الرومانية من أجل رسالة الكرازة في ضوء الدستور الرسولى.
وواصل البابا أن هناك مَن قد يتساءل حول كيفية ارتباط القانون بالبشارة، وأضاف أننا نعتاد الاعتقاد أن القانون الكنسي ورسالة نشر بشرى المسيح السارة هما أمران منفصلان، بينما من الأهمية في المقابل اكتشاف الرباط الذي يجمعهما في إطار الرسالة الواحدة للكنيسة.
وتابع قداسته أن بالإمكان القول إنه ما من قانون بدون كرازة ولا كرازة بدون قانون، فمحور القانون الكنسي هو في المقام الأول كلمة الله والأسرار، فكل شخص وكل جماعة له الحق في لقاء المسيح، وتسعى كل القواعد والإجراءات القانونية إلى دعم صدق وخصوبة هذا الحق أي هذا اللقاء.
وواصل قداسة البابا أن القانون الكنسي ومن هذا المنطلق يبدو في ارتباط حميم بحياة الكنيسة كأحد العناصر الأساسية، ألا وهو عدالة الحفاظ على الخيور الخلاصية ونقلها، وأضاف البابا أن الكرازة تصبح بهذا المعنى الالتزام القانوني الأولي سواء بالنسبة للرعاة أو للمؤمنين.
وجه الأب الأقدس حديثه بعد ذلك إلى العاملين في مجال القانون في الكنيسة مشيرا إلى تذكرهم على الأرجح كلمات البابا بندكتس السادس عشر الذي دعا من خلالها الإكليريكيين إلى تعلُّم أيضا فهم القانون الكنسي ومحبته، وذلك في ضروريته وأشكال تطبيقه.
وأضاف بندكتس السادس عشر مشددا على أن مجتمعا بلا قانون هو مجتمع خالٍ من الحقوق، والحق هو شرط للمحبة. وواصل البابا قائلا للعاملين في هذا المجال إن عملهم يشمل القواعد والمحاكمات والعقوبات، ولكن عليهم ألا يتجاهلوا أبدا الحقوق وأن يضعوا الأشخاص في مركز عملهم، وشدد قداسته على أن مسؤوليتهم تكمن في جعل الحقيقة تبرق، والمقصود بالحقيقة هنا العدالة في حياة الكنائس الخاصة، وأضاف أن هذا الواجب هو إسهام كبير في الكرازة. وتابع قداسته أن هذا يتطلب معرفة القواعد الكنسية واحترامها بأمانة، مع التنبه دائما إلى الخيور من أجل تفسير هذه القواعد وتطبيقها بعدل.
هذا وأراد الأب الأقدس التحذير من فهم رسالة العاملين في مجال القانون الكنسي كمجرد تطبيق للقواعد للتوصل إلى حلول سهلة للمشاكل القضائية أو لبلوغ توازن أو ما شابه ذلك، فهذا يؤدي إلى خدمة مصالح ما أو إلى حبس الحياة في تركيبات شكلية بيروقراطية تتجاهل الحقوق الحقيقية.
كما وشدد الأب الأقدس على أن الواقع يفوق الفكرة وأن ما هو ملموس يفوق ما هو شكلي، وقال للعاملين في مجال القانون الكنسي إن هناك حاجة إلى المعرفة والقدرة على الإصغاء، وفي المقام الأول إلى الصلاة من أجل إصدار أحكام جيدة.
تحدث البابا فرنسيس بعد ذلك عن إدراج إدارة القضاء في العمل سينودسي الطابع للكنيسة، وشدد بالتالي على ضرورة عيش روح السينودسية في كل ما يجب القيام به من واجبات قانونية، أي السير معا والإصغاء المتبادل والتضرع إلى الروح القدس، وأضاف أن الروح القدس هو من يقدم النصح والاستشارة ويجب ألا نطلب الاستشارة من أجل تحليل أو تفسير القانون، بل أن نطلب الإبداع الذي يهبنا إياه الروح القدس.
وإلى العاملين الرعويين مع العائلات قال البابا فرنسيس إنه يَسعد لمشاركتهم في هذه الدورة التكوينية، وأشار إلى نمو الوعي بالرباط بين رعوية العائلة والمحاكم الكنسية والتي تُعتبر أجهزة رعوية. وأضاف أن عملا متكاملا لرعوية العائلة لا يمكنه تجاهل الجوانب القضائية المتعلقة بالزواج، ولا يمكن من جهة أخرى للعاملين في القضاء أن ينسوا أنهم يتعاملون مع مواضيع لها أهمية رعوية كبيرة، ولهذا يجب أن تكون الحقيقة والتمكن من اللجوء إلى القضاء وسرعة إصدار الأحكام بشكل حذر ما يقود هذا العمل، هذا مع عدم تجاهل ضرورة عمل كل ما يمكن من أجل المصالحة بين الأطراف.
وفي ختام كلمته إلى المشاركين في الدورة التكوينية التي تنظمها محكمة الروتا الرومانية للعاملين في مجال القانون الكنسي ورعوية العائلة أشار البابا فرنسيس إلى إدراكه لما يتمتع به ضيوفه من روح أمانة تحفزهم في عملهم، ومن التزام من أجل تطبيق قواعد الكنيسة والتطلع إلى خير شعب الله.