رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير التربية.. والمهام العاجلة!


إذا أردت أن تضع بلدك على الخريطة الدولية، خصوصا فى زاوية العالم المتقدم، فعليك بالتعليم، لكى يحدث ذلك.. لابد من تشخيص المشكلة، تحديد أسبابها، طرق العلاج.. على أن يتم ذلك خلال خطة زمنية قصيرة المدى، أخرى بعيدة المدى.. وهذا لن يكون إلاعبر رجل الميدان الذى يمثل قاع الهرم وليس الرجل الفوقى الذى يمثل رأس الهرم لأن التطوير يبدأ من القاع للوصول إلى القمة، هذا يتمثل فى قنوات المؤسسة التعليمية الآتية التى أصبحت تفتقر تماما لعوامل الجذب:

*** أولا المعلم:

أعتقد أن المعلم هو محور التنمية فى المجتمع، فإذا توفرت لديه عوامل الارتقاء، وضع المجتمع على خريطة العالم المتقدم، العكس صحيح.. ولاسترداد هيبة المعلم والوصول به لدرجة كاد المعلم أن يكون رسولا ، لابد من اجراء الآتى:

1. اعادة النظر فى المدرسين الغير تربويين، إما تحويلهم لأعمال إدارية أو تأهليهم تربويا (لمن لديه القدرة على التدريس والرغبة القوية)، لأن هؤلاء إما يفتقروا للرغبة فى التدريس أو القدرة على التدريس بدليل التحاقه بغير كلية التربية.. فعمله كمدرس ليس إلا خروجا من مأزق البطالة أو ليتاجر بسلعة الجمرة الخبيثة ما يعرف بالدروس الخصوصية..

2. تحديث المعلم تربويا ودراسيا سنويا عبر كليات التربية (محليا)، تبادل البعثات بشكل أكبر عددا وكيفا (دوليا)، تفعيل هذا عمليا، إتاحة الفرصة لهؤلاء لريادة العملية التعايمية، فهؤلاء معطلين لصطدامهم بأحجار القيادات الحالية، فهل اسفادت الوزارة من هذه البعثات حتى الآن؟ وهل اسثمرت عناصر البعثات الرحلة بالفعل أم كانت مجرد رحلة للإرتزاق؟!

3. ربط أداء المعلم بمجموعته الطلابية وتحفيزه أدبيا وماديا، والتخلص من العقم التقليدى لطرق التدريس فمثلا (معلم يملى.. وطالب يكتب فقط ليثبت المدرس للمراقبين أنه أعطى الرس!!) وهذه أحد عناصر السياسة التعليمية التقليدية، عليه يتولد الكره للعلم والملل!!

4. مظهر المعلم شكلا ومضمونا، فكلما كان أنيقا فى لبسه، ذا رتئحة عطرة، لبسه متناسق، حسن القوام، ذكى، يجيد حسن التصرف وتحمل المسؤلية، مبدع فى إعداد الدرس (computer) والتخلص من النظام الورقى المنحط الذى يفرضه موجه المادة الدراسية التقليدى والرجعى، فالإبداع أن يكتشف الطالب المعلومة بنفسه عبر نظرية المعطيات والإستنتاج ..

5. وقف تعيين المدرسين الغير تربوييين وعودة نظام التكليف لكليات التربية بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم حسب حاجة المدرسة، عودة مرحلة التعليم العالى لوزارة التربية والتعليم كما كان سلفا..

6. نص كادر المعلمين المادة (89) على أن يبدأ تطبيق الكادر فى موعد لايتجاوز 1/7/2008، هذا لم يحدث فقد تم خصم خمس شهور لكل مدرس حيث طبق الكادر بدءا من 1/12/2008، هذا مخالف لقرار رئيس الجمهورية..

7. التخلص من أسلوب التنكيل من أجهزة المتابعة تجاه المدرسين، التعامل مع المدرس المقصر أو المخطىء إيجابيا أى تبصيره بالخطأ عبر لجنة من صفوة المدرسين مشكلة بالمدرسة، لأن نقل المدرس أو عقابه ماديا ليس هو الحل لأنه لم يجد من يبصره بخطأه وعليه يتكرر الخطأ..

8. التنسيق مع ما يسمى بنقابة المعلمين خصوصا عند شطب العضوية للإخلال بميثاق شرف المعلم.. فمثلا هؤلاء الذين يعلنون عن أنفسهم عبر مكبرات الصوت أو لصق صورهم وأسمائهم وأرقام هواتفهم على الجدران!!

9. تخيل مدرس يجرى وراء أتوبيس نقل عام فقط ليقف على الباب.. يداه داخل الأتوبيس وجسده يرفرف فى الهواء، تلميذه يتمتع بسيارة خاصة مارا بجانبه!!! توفير وسائل مواصلات للمدرسين تتفق مع حجم رسالتهم على أن يتم ذلك عبر الإدارات التعليمية باشتراك شهرى يخصم من راتب المدرس أسوة بالقوات المسلحة والبنوك ووزارة البترول ومصر للطيران.. وفى إمكان الوزارة إستثمار المشروع إقتصاديا ويمكن أن يمتد ليشمل الطلاب على غرار المدارس الخاصة.. وأخيرا بالنسبة للمعلم:

• هل وضع المدرس الإجتماعى والأدبى والمادى- حتى بعد قانون الكادر- يتساوى مع حجم رسالتة كصانع للقاضاة؟!

• هل تصدر الوزارة كتابا يتضمن حقوق وواجبات المعلم للعلم بما له وما عليه، تحديث الكتاب تحت اسم دستور المعلم سنويا من خلال بثه على موقع الوزارة؟!

• هل المعلم التربوى الفذ مسؤل عن خطأ الحكومات بتعيين من لا مهنة له فى حقل التدريس، خصوصا عند كل انتخابات شعب وشورى وغيرها؟؟!!

• هل يشرف السيد رئيس الجمهورية المعلمين بحضوره بشخصه فى عيدهم كما كان يحدث سابقا وعلى غرار تكريمه لخريجى الكليات العسكرية نتاج المدرس؟!

• هل آن الآوان أن يؤمن المجتمع أن المدرس ما هو إلا حلقة فى بناء الطالب وليس هو كل الحلقات، أما إذا صلحت حلقة المدرس وفسدت باقى الحلقات.. فما الخبر؟!

• أنا مدرس جواب يحلم به المدرس بلا خجل، عندما يسئل عن ما وظيفتك !!

*** ثانيا المدرسة:

كثيرا ما تفتقر مدارسنا لعوامل الجذب ولكنها تتمتع بأسباب الطرد، فإذا ما قرأت رواية Hard Times للروائى Charles Dickens تجد مدارسنا تشبه السجون، فتجد الأسوار مغطاة بالأسلاك الشائكة أو الزجاج المكسر، نوافذ الفصول مغلقة بالقضبان الحديدية، خالية من الوجود الآدمى فما يؤسف له أن تجد إصرار هيئة الأبنية التعليمية على خلو المبنى المدرسى- ذو الخمس طوابق تقريبا- من دورات المياه، فإما تجد دورة المياه فى الطابق السفلى فقط أو معزولة، فهل يقبل المصمم ذلك على نفسه إذا ما أراد قضاء حاجته نزل من الدور الخامس مرارا على مدار اليوم؟؟!! ولعلى أتسائل:

1. لماذا لا تخصص الفصول المدرسية للمدرسين كحجرات ويذهب الطلاب لأستاذهم بدلا من العكس؟!

2. لماذا لا تجهز الفصول بكل الوسائل التعليمية خصوصا العصرية منها؟!

3. إذا كانت ميزانية الدولة لاتسمح، فما المانع من أن تخصخص المدرسة فى إطار شعار التعليم كالماء والهواء ؟!

4. هل من المستحيل تجهيز المدرسة جيدا بكل فنون الرياضة والفن وجعلها تحفة فنية وتعيين فريق حرفى للصيانة تحت اشراف علمى؟!

5. كيف يمكن أن يقتنع الطالب أن المدرسة هى بيته؟!

6. لماذا لا نفعل سياسةالتعليم المفتوح وتنشيط نظرية علم نفسك بنفسك أحد صور التعليم الإبداعى، هذا سيؤدى إلى:

• الحد من كثافة الفصل..

• التخلص من الضغط العصبى والنفسى للطلاب الذين لا يرغبون فى الذهاب للمدرسة، بالتالى الراحة النفسية للمدرس..

• اعادة النظر فى تطوير البرامج التعليمية عبر الشبكة الدولية والقنوات التعليمية..

• الحد من العبء المرورى لدى الشارع المصرى..

• عمل شبكات عمل للربط بين مدرس الفصل وطلابه كفكرة الــ facebook..

• عمل website للمدرسة يتضمن كل الأقسام العلمية وخلق روح التواصل بين المدرس والطالب، تدوين ما يتعلق بالطالب من بيانات شخصية ودرجات تقويم يمكنه ومن يعنيه الأمر مراجعتها فى أى وقت..

*** ثالثا الكتاب:

لم يعد الكتاب الورقى المدرسى الوسيلة الوحيدة لستسقاء المعلومة، إن كنت أحلم بتحميله على موقع الشبكة العنكبوتية للوزارة وتوفير الملايين من الجنيهات، غير أن الكتاب المدرسى قد سقط عمدا من تقدير المدرس والطالب وولى الأمر، الدولة تستنزف ملايين الجنيهات على ما يسمى بالكتاب الخارجى، المراكز التعليمية السوقية حيث الدروس الخصوصية ولقاء الجنسين المشبوه!! سواء هذا أو ذاك ما هو إلا دعوة للتخلف وإهدار المال العام، المسؤل الأول هو ولى الأمر الفاقد للبصيرة، فاعادة النظر فى الكتاب المدرسى أصبحت ضرورة، لا مانع من مشاركة معدى الكتب الخارجية فى صياغته وكذلك طبعه فى مطابع الكتب الخارجية حفاظا على العمالة، إذا كنا نتحدث عن حشو الكتب الدراسية، فمن الأولى أن نقلص عدد كتب الأدب الإنجليزى فى مدارس اللغات (الرواية، المسرحية، الشعر)، فالطالب لا يقرأ هذه النصوص الأصلية لضيق الوقت لدى الطالب وكذا المدرس وكلاهما يستعين ببرشامة الكتاب الخارجى القائم على الحفظ والتلقين أى فلسفة التخلف وتقليص ذكاء الفرد، بات من الضرورى الغاء مستوى الــ O.L لعدم جدواه ولتوفير الملايين من الجنيهات، اعطاء الفرصة كاملة للطالب والمدرس لحسن استخدام مناهج الــ A.L، تقرير مناهج اللغات يخضع فقط لجشع دور النشر وصناع القرار المرتشين!!

*** ميكنة المناهج الدراسية:

لتوفير الملايين من الجنيهات، أعتقد أنه آن الآوان لستبدال المناهج الورقية بالمناهج الاليكترونية، سواء قراءة، مشاهدة، سماعى، كتابة.. وبالطبع سيساعد ذلك على حل مشكلة الكثافة للفصل الدراسى عبر نظرية التعليم عن بعد وعبر برامج التواصل الاجتماعى كا لــ facebook و skype وخلافه.. وفى نفس الوقت تتم عملية التقييم online على غرار الــ ICDL اسبوعيا، شهريا، سنويا.. مما سيترتب عليه فوائد اقتصادية، مرورية، ثقافية، غيرها..

*** رابعا ولى الأمر:

غالبا ما يأتى ولى الأمر المدمر الأول للعملية التعليمية، فعندما يسارع ولى الأمر لحجز الدروس خصوصية لأبنه قبل العام الدراسى بشهر على الأقل، دون إعطاء الفرصة لمدرس الفصل لقبوله أو رفضه، هكذا أهدر ولى الأمر قيمة المدرس المدرسى وحكم عليه بالفشل مسبقا دون علمه به ، وأحيانا ما يكون المدرس الخصوصى هو مدرس الفصل!! ويترتب على ذلك:

1. عدم احترام الطالب للمدرسة والمدرس وحرصه على التخلص من اليوم الدراسى- إذا ذهب للمدرسة- باعتبار المدرسة سجن!!

2. الضغط العصبى والنفسى من الطالب والذى يلقى بظلاله على مدرسى الفصل، من هنا تحدث الصدامات بين الطالب والمدرس لأن باختصار مالك الشىء لا يطلبه ولا يكون حريص عليه!!

3. ثم يصرخ ولى الأمر اغيثونى بعد أن يذبح الولد ويطلق الزوجة لإفلاسه ماديا!!

*** خامسا الإعلام:

إذا ضل عالِِم، ضل عالَََم ، فعندما لايتقصى محرر الخبر سواء لجهله بحرفية المهنة أو بميثاق الشرف الصحفى أو لحاجة فى نفس يعقوب (إبتزاز)، تحدث بلبلة خاصة عند البسطاء فكريا أو من ليس لديهم القدرة على النقد، فأكاد أجزم أن السواد الأعظم من عناصر الإعلام بكل صوره هى نتاج التعليم المتردى وتحديدا منذ مطلع الثمانينات (الوزير بهاء الدين)، فكما قال برنارد شو التعليم مهنة من لا مهنة له هذه المقولة أيضا تنطبق على الإعلام، فكيف لصحفى ينقد وهو فاقد للشىء أو لحاجة فى نفس يعقوب، فتخيل مثلا مندوبى الصحف المعروفة بالقومية يطلب 250000 جنيه مصرى لإجراء حوار مع وزير سابق لتلميعه ويحاول مساعد الوزير إثنائهم عن ذلك على أن الوزارة خدمية، لم يرتجعوا!! وهنا أنتهز الفرصة وألقى باللوم على نقابة الصحفيين التى باتت عاجزة عن تنقية جداولها من فاقدى البصر والبصيرة والتى تحتكر حق ابداء الرأى فقط لذاتها، فتجميدها لجدول المنتسبين مخالف لقانون النقابة، مع أن هذا الجدول يوفر الصحفى الأخصائى، فتخيل أن يكون الصحفى مدرسا أو محاميا أوقاضيا، أكيد سيكون لدى المدرس الصحفى القدرة على حسن التصرف وتحمل المسؤولية..

*** سادسا الطالب:

لاشك أن الطالب هو المصب لكل ما تقدم، فإذا استقامت العناصر السابقة، نما الطالب وترعرعت موهبته، العكس صحيح، مهما كانت ميول الطالب العدوانية، ففى إمكان المدرس، المدرسة، ولى الأمر، الكتاب، الإعلام أن يخلقوا منه مواطن صالح.. ولعل السؤال الذى يطرح نفسه:

لماذا لا يتم تحديد المستوى العقلى والمهارى للطالب منذ التحاقه بالمدرسة، إعادة تقييمه سنويا فى نهاية كل عام وعليه تحديد فصله المكانى (عبقرى، ممتاز، جيد، متوسط) وهذا طبقا لمبدأ الفروق الفردية بين البشر، فعندما نصنف الأمور ونضعها فى نصابها، من المؤكد ستكتمل الصورة..

*** سابعا العدالة الاجتماعية:

لا شك أن مبدأ العدالة الاجتماعية هو أحد مطالب الثورة، لذا يطالب السواد الأعظم لمدرسى مصر مساواتهم بقرنائهم بديوان وزارة التربية والتعليم والعكس صحيح، فضلا عن التضخم العددى للديوان.. فهل يعيد الوزير غنيم هيكلة الديوان بناءا على طلب الجماهير؟!

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.