برلمانية تتقدم بأول مشروع قانون للتكيف مع التغير المناخي وتخفيف آثاره
تقدمت النائبة أميرة صابر، عضو البرلمان ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي لشؤون التخطيط، بمشروع قانون بشأن التكيف مع التغير المناخي والتخفيف من آثاره، وهو الأول من نوعه في التشريع المصري والذي حال إقراره سيجعل مصر في مكانة متقدمة تشريعياً في مجابهة التغير المناخي.
ويتضمن المشروع:
١.المقدمة:
تهدد ظاهرة التغير المناخي الوجود الإنساني على كوكب الأرض بما تفرضه من تحولات طويلة الأمد وشديدة التطرف في درجات الحرارة وأنماط الطقس، بالإضافة إلى النظم البيئية، تمثل التغيرات المناخية تهديدا وجوديًا للإنسان حيث تساهم تلك التقلبات في انتشار الأوبئة نتيجة اختلال الناموس البيئي، زيارة الهجرة والنزوح الداخلي لشح الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى تهديده للسلم الداخلي والعالمي نتيجة انتشار الصراع على الموارد مع ندرتها مثل المياه والأرض وغيرها.
تنبهت مصر إلى مركزية قضية التغير المناخي وأولتها أهمية كبيرة في الأجندة السياسية داخليًا وفي السياسية الخارجية المصرية. ينبع هذا التحرك من تقدير الدولة المصرية للموقف الدقيق لمصر من تأثيرات التغير المناخي على أراضيها ومنها السواحل المصرية والدلتا والتي تعتبر أحد ابرز المناطق المهددة بسبب حساسيتها للتغيرات المناخية وطبيعتها بما قد يؤدي إلى تآكل الأرض، نفوق الحيوانات البحرية، تدمير التربة، شح المياه وهجرة السكان.
تفرض التغيرات المالية أعباء ماليًا باهظة على الدول النامية على الرغم من مشاركتهم الضئيلة في حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بالمقارنة بالدول الصناعية الكبرى. تعمل مصر على الجبهة الداخلية الخارجية من خلال التنسيق مع الدول الصناعية بالالتزام بتعهداتها ومسؤوليتها القانونية والأخلاقية والتاريخية في حماية الأرض وتعويض الدول النامية عن تلويث الاولي للكوكب. تتوجت مشاركات مصر في دورها في تمثيل افريقيا والدول النامية في مباحثات المناخ اختيارها لتمثيل مؤتمر الأطراف كوب 27 في مدينة شرم الشيخ.
داخليًا، تبنت الدولة العديد من السياسات والقوانين التي تعمل على توجيه الجهود نحو حماية البيئة والتنمية المستدامة من خلال الاستثمار في السندات الخضراء، الطاقة المتجددة، الاقتصاد الأخضر، ومشروعات البنية التحتية المستدامة وغيرها. وكان من أهم جهود الدولة إصدار الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 والتي جاءت بخمسة اهداف رئيسية و22 هدف فرعي.
٢.فلسفة مشروع القانون وأهدافه:
يأتي الهدف من مشروع القانون المطروح امامكم في معالجة القصور التشريعي الموجود في التشريعات الخاصة بالبيئة. علي الرغم من الاتجاه الحالي للدول في تبني تصور تشريعي واحد يعالج كافة القضايا المتعلقة بالمناخ، تعاني مصر من تشريعات قديمة (قانون البيئة 1994) لا تعي التطورات الحادثة بسبب التغير المناخي، او تشريعات جديدة نسبية، ولكنها لا تعمل بتناغم حيث تتمثل في عدد من القوانين ولا تربطهما رابطة.
على الرغم من كون الاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي المرشح الأبرز للعب هذا الدور، إلا أن الاستراتيجية تجاهلت العديد من النقاط والتي تم تداركها في القانون وكان أبرزها غياب هدف واضح حول الحياد الكربوني في مصر – وهو الأصل في أي تدخل للحفاظ على المناخ. بالإضافة الي هذا، فان القانون الحالي يهدف الي الاستجابة الي بعض الاقتراحات القانونية التي تم تذكرها في الاستراتيجية والتي لا يجوز التجاوب معها الا بقانون يسري على الجميع.
تأتي مقاربة مشروع القانون الحالي باتخاذ الحياد المناخي – الوصول إلى صافي صفر من الانبعاثات الدفيئة في كل القطاعات، كهدف رئيسي للدولة. عليه، يقرر القانون العديد من الحقوق الالتزامات والآليات لتحقيق ذلك. بحكم هذا القانون سيجدر على الدولة في سبيل تحقيق الحياد المناخي بحلول ٢٠٥٠ الآتي:
• إجراء مسح شامل لجميع مؤسسات الدولة لقياس البصمة الكربونية بموعد أقصاه ديسمبر ٢٠٢٣.
• تشكيل لجنة استشارية غير حكومية تتمتع بالاستقلال داخل المجلس الوطني للتغيرات المناخية.
• إنشاء وحدة للرصد والتبليغ داخل المجلس.
• توفير المشورة لمجالس المحافظات في تنفيذ الخطط القطرية.
• مشاركة الشباب والنساء والمجتمع المدني وذوي الإعاقة وكبار السن وغيرهم في إعداد أي خطط طوارئ تخصهم.
• نشر الوعي البيئي في مجال الشباب والمدارس والجامعات بمشاركة شركاء التنمية
• زيادة الحصيلة التنموية لمشروعات المناخ بـ ٥٪ سنويًا.
• تسليم مجلس النواب تقريرًا سنويًا حول أداء المجلس الوطني والتقدم المحرز في خفض نسبة الانبعاثات.
• فرض ضريبة كربون على القطاعات المسببة للتغير المناخي.
• وضع شرط خاص ببحث الأثر الكربوني في جميع المشتريات والتعاقدات التي تقوم بها الدولة.
• ترشيد استخدام الطائرات في القيام بواجبات السلطة العامة.
• فرض ضريبة على استخدام الطائرات الخاصة خارجيًا وحظرها داخليًا.
• إعداد خطة طوارئ على المستوى المحلي والقطري للنزوح الداخلي.
• تطوير ونشر المعلومات والإحصاءات سنويًا الخاصة بتغير المناخ.
تلتزم جميع الجهات الأخرى من أشخاص القانون الخاص المخاطبة بهذا القانون بالآتي:
• إجراء قياس إثر كربوني مرجعي وتسليمة للمجلس الوطني للتغيرات المناخية بصفة دورية.
• تقديم دراسة لتقييم الأثر المناخي فور التقدم للحصول على ترخيص لأي مشروع جديد.
• وضع بطاقة للإفصاح الكربوني على المنتجات والسلع المختلفة بشكل ظاهر وقابل للقراءة.
• منع تقديم الأكياس البلاستيكية دون مقابل مادي لا يقل عن جنية واحدًا.
يأتي هذا القانون تماشيًا مع التزامات مصر الداخلية والخارجية، وقد تم الحرص على النظر على التجارب التشريعية المختلفة في مقاربة قضية المناخ في صياغة أحكام هذا القانون بالإضافة الي البنية التشريعية المصرية الخاصة بالبيئة. وقد حرصنا على تقديم القانون بالتزامن مع استضافة مصر لقمة المناخ لتأكيد علي جدية صانع القرار في الزام نفسه بالتحول إلى الحياد المناخي، مع سعيه لجذب المزيد من الاستثمار والتمويلات لمشاريع التغير المناخي.
٣.الملامح الأساسية لمشروع القانون
انتظم مشروع القانون في ٤١ مادة كما مبين على النحو التالي:
المادة ١: تقدم تعريفات القانون الأساسية للحياد المناخي، الغازات الدفيئة، المنشأة، المورد، المحال وتجار التجزئة، الأكياس البلاستيكية، المجلس، الجهاز، والضريبة.
المواد (٢-٥) تؤسس لالتزام الدولة بالحياد المناخي في كافة القطاعات.
المواد (٦-٩) تلزم الشركات الناشئة بالقيام بدراسة لتقييم الأثر المناخي قبل البدء في التنفيذ.
المواد (١٠-١٥) تعدل من صلاحيات وتشكيل المجلس الوطني للتغيرات المناخية.
المواد (١٦-١٩) تفرض ضريبة كربون على القطاعات التي تساهم بشكل كبير في التغير المناخي.
المواد (٢٠-٢٣) تلزم الموردين بإرفاق بطاقة للإفصاح الكربوني على المنتجات والسلع المختلفة.
المواد (٢٧-٢٨) تحظر التوزيع المجاني للأكياس البلاستيكية تلزم الدولة على تطوير بدائل صديقة للبيئة.
المواد (٢٤-٢٦) تلزم الجهات الإدارية ببحث الأثر الكربوني في كافة عمليات التعاقدات والمشتريات التي تقوم بها الدولة.
المواد (٢٩-٣٠) تفرض ضريبة على استخدام الطائرات الخاصة للسفر الخارجي وتمنع استخدامها في السفر الداخلي.
المواد (٣١-٣٣) تلزم الدولة بإعداد خطط طوارئ مناخية للنزوح الداخلي بإشراك المجتمعات المحلية والمتضررين بما يحفظ كرامتهم وحقوقهم الدستورية.
المادة ٣٤: تحدد نسبة ٥ في المئة زيادة سنوية على قيمة حصيلة التمويلات التنموية المتعلقة المناخ.
المادة ٣٥: تلزم جميع جهات الدولة ببحث بتوفير معلومات حول التأثير المناخي للمشروعات المقترحة.
المادة٣٦: تكلف الجهاز المركزي للإحصاء بتطوير ونشر بيانات دورية حول التغير المناخي.
المواد (٣٧-٤١) تفرض عقوبات محددة على مخالفة أحكام القانون.
٤.النصوص الدستورية الحاكمة لمشروع القانون
المادة ٣٢ من الدستور:
"موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحُسن استغلالها، وعدم استنزافها، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها.
كما تلتزم الدولة بالعمل على الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، وتحفيز الاستثمار فيها، وتشجيع البحث العلمي المتعلق بها. وتعمل الدولة على تشجيع تصنيع المواد الأولية، وزيادة قيمتها المضافة وفقاً للجدوى الاقتصادية."
المادة ٤٦ من الدستور:
"لكل شخص الحق في بيئة صحية سليمة، وحمايتها واجب وطني. وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها، وعدم الإضرار بها، والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة، وضمان حقوق الأجيال القادمة فيها".