«عزيزي اللورد روتشيلد».. رسالة بريطانية أطلقت رصاصة الاحتلال الأولى في فلسطين
يصادف اليوم الأربعاء، الذكرى الـ105 لصدور وعد بلفور المشؤوم، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين.
ما هو وعد بلفور؟
جاء ذلك الوعد على شكل تصريح موجه من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر جيمس بلفور، في حكومة ديفيد لويد جورج في الثاني من نوفمبر 1917، إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية، وذلك بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى، واستطاع من خلالها الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا، والحفاظ على مصالحها في المنطقة.
وعرضت الحكومة البريطانية آنذاك نص إعلان بلفور على الرئيس الأمريكي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا سنة 1918، ثم تبعها الرئيس الأمريكي ولسون رسميًا وعلنيًا سنة 1919، وكذلك اليابان عام 1920.
ووافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب، وفي 24 يوليو عام 1922 وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 سبتمبر 1923.
موقف الشعب الفلسطنى
ولم يستسلم الشعب الفلسطينى حتى الآن للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرض على الأرض من قبل الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة، بل خاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929، ثم تلتها ثورة 1936.
قيادي فلسطيني: على بريطانيا أن تكفر عن خطأها التاريخي
قال الدكتور جهاد الحرازين، القيادي بحركة فتح، إن الذكرى 105 للوعد المشؤوم الذي أعطته بريطانيا للوكالة اليهودية حول إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، تعد وصمة عار في تاريخ بريطانيا التي أعطت من وهي لا تملك لمن ليس له حق من خلال وعد بلفور المشؤوم الذي أطلقه وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر بلفور هذا الوعد الذي شكل نقطة البداية لبناء الكيان السرطاني في المنطقة العربية على الأرض الفلسطينية والذي خالفت من خلاله بريطانيا قرار عصبة الأمم المتحدة حول شروط الانتداب وإنهائه والذي أدى إلى قيام دولة الاحتلال على الأرض الفلسطينية من خلال تسليح وتمكين العصابات الصهيونية من السلاح والأرض وارتكاب المجازر بحق المدنيين العزل وهدم القرى وتهجير سكانها .
وأضاف الحرازين في تصريحات خاصة للـ"الدستور"، وتسببت هذه المظلمة التاريخية التي قامت بها بريطانيا والتي هي مستمرة حتى يومنا هذا وما يتم ممارسته من قبل دولة الاحتلال بعدما احتلت الأرض بكاملها وعاثت بها فسادا وتهويدا واستيطانا أن ما يحدث للشعب الفلسطيني ويرتكب بحقه من جرائم يوميا تلقى المسؤولية التاريخية والقانونية والأخلاقية على بريطانيا ودولة الاحتلال لأنها كانت السبب الرئيسي ومن وضع اللبنة الأولى لدولة الاحتلال على الأرض الفلسطينية.
وتابع الحرازين "وأمام هذه التحديات الماثلة أمام الشعب الفلسطيني بعد 105 أعوام على هذا الوعد المشؤوم لا بد من إعادة النظر في كافة الأحداث التي وقعت وخلق مراجعة قانونية وسياسية وأخلاقية يترتب عليها تحمل المسؤولية وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني".
وأوضح الجزارين، ونحن نحاول إحياء هذه الذكرى الأليمة إنما نرسل رسالة تذكير للعالم بأن هناك شعباً ارتكبت بحقه المجازر وهجر وشرد وطرد من أرضه ولا بد من تحمل المسؤولية لأن الجرائم شاهدة وباقية ومستمرة على هذه الجريمة الباقية والتي تمارس حتى يومنا هذا على الشعب الفلسطيني ومن أجل ذلك فإن الأجيال الفلسطينية التي تتوارث هذا التاريخ وتلك المآسي لن تفرط بحقها في مواصلة مسيرة النضال والتحدي والإرادة وصولا للحرية والانتصار.
وطالب الحرازين بريطانيا بأن تكفر عن خطأها التاريخي وذلك أخلاقيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني عن تلك المأساة وسياسيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية والقانونية بالتعويض عن الجرائم التي ارتكبت وإعادة الأموال التي صودرت والتعويض عما أصاب الشعب الفلسطيني لأنه ليس من المقبول بأن بريطانيا التي تدعى الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية أن تكون سببا في مأساة شعب بأكمله على مدار أكثر من 75 عاما متواصلة ولذلك ستبقى هذه الذكرى وهذا الوعد المشؤوم بمثابة الناقوس الذي يدق في هذا العالم الذي يحاول إغماض عينيه واتباع سياسة الكيل بمكيالين.
نص إعلان بلفور
«عزيزي اللورد روتشيلد..
يسرني جدًا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:
إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهوما بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى، وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علما بهذا التصريح».