خبراء عرب يؤكدون: تطلعات وآمال كبيرة حول قمة «لم الشمل»
اختتمت فعاليات القمة العربية الـ31، التي تستضيفها دولة الجزائر، اليوم الأربعاء، حيث عقد القادة ورؤساء الوفود عدد من الجلسات التشاورية لاعتماد القرارات النهائية للقمة، ومن بينها إعلان الجزائر.
فيما اعتبر محللون وخبراء أن القمة ينتظر منها الكثير ويعول عليها عدة أمور، ولاسيما أنها تنعقد وسط أوقات صعبة تمر بها المنطقة العربية، سواء بسبب مرحلة التعافي من جائحة كورونا، أو بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية ولما لها من تداعيات على أمن الإقليم، أو حتى التهديدات التي تفرضها التدخلات الأجنبية في بعض البلدان العربية.
من جانبه كان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، أشار خلال كلمته في اليوم الأول للقمة، الثلاثاء، إلى ما اسماه بـ"الثلاثية الخطيرة" التي تواجه المنطقة، وتتمثل في أزمات الغذاء والطاقة والمناخ.
وقال أبو الغيط في هذا السياق: "حيث تُمثل حلقة متصلة، ومنظومة مترابطة، إنتاج الغذاء يعتمد على أسعار الطاقة واستقرار المناخ، والتغير المناخي يتأثر في الأساس بالانبعاثات المتولدة عن إنتاج الطاقة، والعناصر الثلاثة صارت عنواناً للأزمة العالمية التي نشهدها حالياً، بكل تبعاتها الاقتصادية والإنسانية التي تتحملها الشعوب".
في هذا السياق قال المحلل السياسي السعودي سامي البشير المرشد، إن كل عربي من المحيط إلى الخليج يتمنى نجاح هذه القمة في لم الشمل العربي، كما هو شعارها، ولاشك ان الدولة المضيفة "الجزائر" سوف تسعى مع رؤساء الوفود العربية للعمل على هذا النجاح.
وأشار المرشد، إلى أنه قد يكون مستوى تمثيل القادة العرب خلال القمة منخفض، ولكن وجود الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى جانب بعض القادة والزعماء وكذلك تمثيل الدول العربية بوزراء خارجيتها، فهذا يشير إلى آمال كبيرة وضمانة لتنفيذ قرارات قمة "لم الشمل" بشكل جاد وحقيقي.
وأضاف في تصريحات للدستور: "نوايا الجميع طيبة من أجل الخروج بأفضل نتائج، خاصة عند الحديث عن شعار عربي يهدف إلى "لم الشمل"، ولكن العبرة دائماً بكيفية تنفيذ ما يطرح من قرارات"، مشيراً إلى أن هناك بعض الخلافات داخل الجامعة لم يتم تداركها قبل القمة.
وأردف: "هناك الكثير من الدول التي تعاني من التدخلات الأجنبية من بينها اليمن ولبنان وسوريا والعراق وليبيا، هم في حاجة إلى موقف عربي موحد قوي وحاسم تخرج به القمة العربية ضد التدخلات الأجنبية في المنطقة، لتجاوز محاولات بعض البلدان التوسع على حساب مصلحة المنطقة وحقوق شعوبها"، مشيراً إلى أن الخروج بقرار عربي يدعم صد هذه التدخلات سوف يجعل من القمة الـ31 "قمة تاريخية واستثنائية".
وتابع المحلل السياسي السعودي: "والقرارات وحدها ليست كافية ولا الإدانة للتدخلات الخارجية، فلابد من موقف عربي موحد، يلتزم بمعاقبة كل من يعبث بأمن ومصالح المنطقة العربية"، معتبراً أن القمة العربية جاءت في توقيت مناسب، حيث حان الوقت للأمة العربية لكي تلملم جراحها، عبر موقف عربي موحد فيما يتعلق بالأزمات والتحديات الكبرى التي تواجه المنطقة، على حسب قوله.
كما أشار إلى ضرورة احترام الجامعة العربية لقراراتها التي ستعلن عنها، حتى لا تكون مجرد حبراً على ورق، قائلاً: الآمال والطموحات كبيرة فيما يخص القمة الحالية لتكون بداية موفقة لقيام وحدة عربية في الموقف والقرار، وأن يكون على أساس قاعدة مهمة وهي "خسارة أي دولة عربية هي خسارة كبيرة للمنطقة ككل".
وأكد ضرورة اتخاذ قرار داخل القمة حول تفعيل آلية الدفاع العربي المشترك ضد أي عدوان يواجه المنطقة العربية، مستطرداً: "كذلك ينتظر العرب إصلاح الجامعة العربية من الداخل وإصلاح ميثاقها الذي مر عليه زمن طويل ويحتاج إلى تحديث يناسب الوقت الحالي".
من جانبه قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية، إن التركيز واضح في فعاليات القمة، لافتاً إلى أن كلمات رؤساء الوفود حملت معاني للتركيز على ثوابت معينة، وابرزها لم الشمل، والعمل على إجراء مصالحة عربية شاملة، بالإضافة إلى إدراك أن هناك خطوة من أجل تدارك الارتباك الذي يحدث على مستوى الإقليم العربي.
وتابع فهمي في تصريحات للدستور: "بالإضافة للتركيز على تأكيد الحقوق في الملفات العربية المختلفة، والبحث عن مسارات لمواجهة التحديات في ليبيا وسوريا وأمن الخليج، مع مواجهة التغيرات التي تجري في الإقليم ولها تدخلات مع دول في المحيط الشرق الأوسطي مثل تركيا وإسرائيل وإيران".
كما أكد تركيز القمة على القضية الفلسطينية باعتبارها "أم القضايا" في المنطقة، لافتاً أيضاً إلى اهمية مناقشة التغلغل الاقليمي والذي يقصد منه ضرورة التعاون الإقليمي العربي في هذا الوقت الحرج من تاريخ المنطقة.
وقال: "أكدت القمة على القواسم المشتركة للدول العربية وضرورة إحداث نوع من التوافقات لمواجهة أي تغيرات في هذا الإطار، وبالتالي أعتقد أنها أكدت على الملفات السياسية والاقتصادية، في إطار لم الشمل العربي، وفي إطار العلاقات مع الدول الكبرى خصوصاً الولايات المتحدة العربية، وروسيا".
محلل جزائري: القمة العربية تقود ثورة لوضع الاقتصاد في قائمة ملفاتها
وفي سياق متصل، قال المحلل الجزائري وأستاذ العلوم السياسية محمد سي بشير، إن القمة العربية بالجزائر، لها طابع خاص، ومدلولات زمنية هامة، ولاسيما أنها تعقد في ظل ذكرى ثورة التحرير الجزائرية، فكأن القمة أيضاً تذهب إلى ثورة في نظام العمل العربي، وتشير إلى أنه سيكون هناك انقلاب حقيقي في الأولويات الخاصة للمشاركين بالقمة.
وتابع سي بشير: "فبدلاً من أن تكون الأولويات للقمة كما هو معتاد البحث عن حلول في البداية للملفات السياسية والأمنية، سوف يأتي الاقتصاد في المقام الأول، ليجر معه بقية الملفات السياسية والأمنية".
وأضاف بشير في تصريحات خاصة للدستور: "وبالتالي مع تزايد الاهتمام العالمي بالمقومات والمؤهلات العربية، خاصة على المستوى الطاقة والموقع الجيوسياسي، والمكانة والأهمية العربية في اللعبة الدولية، في ظل إعادة تشكيل النظام الدولي للتعافي من تداعيات جائحة كورونا، وعلى خلفية العملية العسكرية في أوكرانيا، كل هذا سيؤدي إلى أن تجر القاطرة الاقتصادية للقمة العربية الملفات الأمنية والسياسية خلفها، ليصبح لقضايا العرب وطموحاتهم أهمية حول العالم"، مبرهناً على ذلك بمشاركة البعض من أعضاء الجامعة العربية في خفض إنتاج النفط والتأثير على الاقتصاد العالمي، لرفع أسهم المنطقة العربية والجامعة العربية والنظام الرأسمالي العربي.