«نجاة ماء العينين»: الزوايا الصوفية ساهمت فى تعريف الناس بأمور دينهم (حوار)
أكدت الدكتورة نجاة ماء العينين الأكاديمية والباحثة المغربية، على الدور الذى لعبه التصوف فى حماية الأطفال والشباب من كافة المخاطر المجتمعية، مطالبة بضرورة، اعتماد التصوف كمادة أساسية للتدريس فى الجامعات، وذلك لأجل حماية الأجيال من الفكر المتطرف.
وتابعت "ماء العينين" خلال مشاركتها فى فعاليات ملتقى "أهل التصوف والإشكاليات المعاصرة للطفولة والشباب"، الذى نظمته الزاوية البصيرية بإقليم إزيلال شمال المغرب، على الدور الكبير الذى لعبته زاوية الشيخ ماء العينين فى نشر التصوف والفكر الدينى الصحيح.
فى البداية.. من هى الدكتورة نجاة ماء العينين وما علاقتها بالمجاهد الصوفي الشيخ ماء العينين؟
فى البداية أشكر صحيفة “الدستور” المصرية على اهتماها بتغطية فعاليات الملتقيات والندوات العلمية الصوفية التى تقام وتنظم فى المغرب بشكل دائم، أما بالنسبة لى فأنا الدكتورة نجاة ماء العينين، حفيدة المجاهد الصوفى المغربي الكبير الشيخ ماء العينين القلقمى، وخريجة جامعة مولاي عبدالله بفاس ، وحاصلة على دكتوراة في فقه الاقتصاد الإسلامي في 2016، وكنت أستاذة في التعليم في العيون والتحقت بجامعة السمارة في 2016 لكني لازلت أزاول التدريس في مدينة العيون، وأعمل باحثة.
من هو الشيخ ماء العينين وماذا قدم للإسلام والتصوف؟
فى واقع الأمر، أن المجاهد المغربى الشيخ ماء العينين أسمه بالكامل الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل القلقمي، ولد في الحوض شرقي موريتانيا آنذاك يوم الثلاثاء 27 شعبان 1246هـ، أخذ عن والده القرآن والعلوم الشرعية واللغوية كما تأثر به في جانب التصوف، ارتبط اسمه بمقاومة الاستعمار الإسباني والفرنسي، أسس مدينة السمارة بالصحراء الغربية وجدت فرنسا وإسبانيا صعوبة في اختراق موريتانيا والصحراء بفضل مساندة الشيخ ماء العينين للمقاومة، وتوفي الشيخ ماء العينين بتزنيت وسط المغرب وبها دفن، مخلفا ثروة هائلة من المؤلفات،و وَرِثَ دعوته الجهادية والصوفية أبنائه وأحفاده.
كنا نود تسليط الضوء على الدور الذى لعبته زاوية الشيخ ماء العينين في نشر الفكر الوسطي في المغرب؟
فى حقيقة الأمر، أن الشيخ ماء العينين ابن شنقيط كما تعلم جاء إلى هذه البلاد السعيدة فاحتضنها واحتضنته جاء فوجد تشتتاً في الأفكار في التوجهات فجاء بفكر مخاوي يقول أنا مخاوىٍ لجميع الطرق ، ولم الشمل ولم الصدع، وكان في فترة كان فيها الاستعمار قد تغلغل فحاول ما أمكن أن يكون رادعاً لتغلغل الاستعمارِ وساندته الدولة العلوية بجميع الطرق لهذه الفكرة وكان لديه سلاح التصوف سلاح الفكر التربوي، علماً أنه كان عالماً للظاهر والباطن جاء بعلم الحقيقة والشريعة معاً هذا قلما يجتمعُ في إنسان وهذه المسألة مكرمة إلهية يخص بها من شاء من خلقه.
ماذا عن مشاركتكم فى فعاليات ملتقى “التصوف والطفول والشباب”.. وما دور التصوف في حماية الأطفال والشباب من كافة المخاطر المجتمعية؟
فى الواقع، أن التصوف هو علم التربية، فأركان الدين كما تعلم هي إسلام وإيمان وإحسان، والتصوف هو الإحسان ولا مشاحة في الألفاظ سمه ما شئت ، لكن اعرف النتيجة ، فعلم التصوف هو علم التربية ولا يمكن أن نتحدث عن التربية دون أن نتحدث عن تربية الناشئة لذلك كانت فكرة ملتقى أو ندوة هذا العام، موفقة جداً في مسالة اختيار الموضوع على اعتبار أن الموضوع يُعنى بالإشكاليات المعاصرة للطفولة والشباب فكانت الندوة تُعنى بهذه الفكرة وسلطت الضوء – وهذه مسألة ذكية جداً – على ما تعانيه الطفولة في مناطق ، خصوصاً في المناطق التى تسيطر عليها جماعات البوليساريو الذين يقومون بتجنيد الأطفال وهذا ضد الإنسانية ، فالطفولة يجب تربيتها تربية سوية على القيم الإسلامية والإيمانية والإحسانية بعيداً عن الدموية وعن العنف وعما يخرجها من إطارها الطبيعي الذى يجب أن يعطى لها لأن أطفال اليوم هم قادة المستقبل هم حماة العالم فإن وقع الخلل في مكان فهذا الخلل سيعم في أماكن أخرى أكثر، لذلك نحن نطالب دائما بإعتماد التصوف كمادة أساسية للتدريس فى المدارس والجامعات.
وماذا عن دور الزاويا الصوفية المغاربية في الاهتمام بالمدارس العتيقة؟
حقيقة، مدارس التصوف بجميع أشكالها هي حاضنة للمدارس العتيقة والمدارس الصوفية هم وجهين لعملة واحدة عندما نتحدث عن المدرسة الصوفية نتحدث عن المدرسة العتيقة نتحدث عن أصل الصوفية بجميع أشكالها وهى كلها طرقٌ لله، تتعدد الطرق والمشرب واحد ، كلها أصلها واحد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: أصحابي كالنجوم بآيهم اقتديتم اهتديتم فالعبرة بالنتيجة لا بطريقتها.
شاهدنا خلال الفترة الأخيرة اهتمام كبير من قبل المغرب بالزوايا الصوفية وعقد والملتقيات والفاعليات.. فما السر في ذلك؟
السر بكل بساطة، هو السر في التربية، وجلالة الملك محمد السادس نصره الله هو ابن للأسرة العلوية وهو ابن لهذه التربية يعطيها كما يأخذها وقلت لكم أن شيخنا ماء العينين احتضنه ملوك العلويين، وأعطوه مكانة خاصة جداً وهذه المسألة متسلسلة لا يعرف الفضل لأهله إلا أهل الفضل.
ولكن الملتقيات لها طابع مختلف في المغرب هي ملتقيات علمية وليست ملتقيات سماع فقط؟
أقول لك أخى الفاضل، متى كان التصوف سماع فقط أو هزات فقط أو شطحات، متى كانت فقط؟ أبداً فالتصوف علم وحقيقة وشريعة، وإن نزعنا علم التصوف عن علم الشريعة، لم يعد تصوفاً وبالتصوف لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض، فذلك التشدد والمغالاة في الجانب الذي يذهب بنا إلى الدموية من باب الأخذ بالأصل هو الذي يذهب بنا إلى التقتيل كذلك المغالاة في قشور المتصوفة باعتبار السبحة والشطحات والسماع سيذهب بنا إلى الشعوذة وإلى مدارك، ولكن التصوف هو حالة علمية تصيب صاحبها للوصول إلى الحقيقة بدايةٍ ونهاية.