«فارس» أول «قرية خضراء» فى مصر.. والفضل لـ«حياة كريمة»
عمل متواصل وتطور كبير شهدته قرية «فارس» التابعة لمركز «كوم أمبو» بمحافظة أسوان، أدى إلى اقترابها من أن تصبح أول «قرية خضراء» فى مصر، وانتظار تقديمها كنموذج فى مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة حول تغير المناخ «27 COP».
وتمثل قرية «فارس» تجربة رائدة فى التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص، ممثلًا فى شركة «ECOonsult»، ومؤسسات المجتمع المدنى، ممثلة فى مؤسسة «حياة كريمة»، خاصة بعد التنمية الكبيرة التى شهدتها القرية، والمشروعات المستهدف تنفيذها هناك لاستكمال معايير «القرية الخضراء»، قبل انطلاق «27 COP» فى نوفمبر المقبل.
وجاء ترشيح القرية لتقديمها كنموذج فى قمة الأمم المتحدة بعد مسح شامل لقرى المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، التى تضم ٥٢ مركزًا فى ٢٠ محافظة، وخضع الاختيار لنحو ١٠٠ معيار، من بينها توافر محطات صرف صحى بمعالجة ثلاثية، ومحطات شمسية، ووحدات بيوجاز، وتبطين وتأهيل الترع، لتحصل «فارس» على أعلى نسبة تقييم بين ١٥٠٠ قرية، كما تم البدء فى إجراءات حصولها على شهادة «ترشيد» للمجتمع الأخضر من «الجمعية المصرية للأبنية الخضراء».
«الدستور» تلتقى فى السطور التالية عددًا من أهالى «فارس»، الذين تحدثوا عن تجربة تطبيق معايير «المبانى الخضراء» فى القرية، وعمليات التطوير الشامل التى شهدتها ضمن مبادرة «حياة كريمة»، ورأيهم فى الاستعدادات الجارية لتقديم قريتهم كنموذج فى قمة المناخ.
سعد أحمد: مراعاة الاعتبارات البيئية.. وتخفيض التكاليف بصورة كبيرة
قال سعد أحمد، أحد أهالى قرية «فارس»، عضو الوحدة المحلية لمركز ومدينة كوم أمبو سابقًا، إن شكل «فارس» تبدل تمامًا بفضل مشروعات «حياة كريمة»، لتتحول من قرية «بدائية» إلى أخرى بها جميع الخدمات الضرورية، بالتزامن مع تطوير كل مرافق البنية التحتية من شبكات مياه شرب وصرف صحى وكهرباء وغيرها الكثير.
وأضاف «أحمد»: «تم تغيير محولات وأعمدة وأسلاك كهرباء متهالكة عفى عليها الزمن، وتجديد وإحلال مدارس ابتدائى وإعدادى قائمة دون تطوير لسنوات، وهو ما تكرر فى أبنية حكومية أخرى، بالإضافة إلى تشييد مستشفى كبير مهيأ لتطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل، وبأحدث طرز فى البناء والتجهيزات المتكاملة، وصولًا إلى تشييد مجمع خدمات حكومية متكامل، وعمارات سكنية تابعة لبرنامج (سكن كريم)».
وواصل: «التغييرات الجذرية التى تشهدها القرية على أرض الواقع حقيقية وليست خيالًا، والجميع يشعر بهذا التغيير الكبير، الذى نقل حياة المواطنين هنا من المعاناة إلى الرفاهية، خاصة مع توفير كل الخدمات والاحتياجات الأساسية والفرعية».
وأكمل: «الدولة بدأت تنظر بعين الاهتمام إلى كل القرى والنجوع، بعد تهميشها لسنوات طويلة، عن طريق مبادرة (حياة كريمة)، التى أطلقها ويتبناها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأصبحت واقعًا وحقيقة يعيشها الجميع»، معقبًا بقوله: «المبادرة اسم على مسمى.. حياة كريمة».
وأعرب عن فخره واعتزازه باختيار «فارس» كأول «قرية خضراء ومستدامة» فى مصر، قائلًا: «أهالى فارس سعداء بهذا الاختيار والتقدير من الدولة والحكومة، وسعادتهم ازدادت بتطبيق معايير المبانى الخضراء فى القرية».
وأوضح أن هذه المعايير تراعى الاعتبارات البيئية عند البناء والتنفيذ لأى مبنى، وكذلك كفاءة الطاقة والمياه، وجودة البيئة الداخلية، فضلًا عن تحسين خواص الاستدامة البيئية، مع وجود توفير كبير فى التكاليف.
عبدالرءوف النجار: توفير الطاقة والمياه.. وجعل المكان أفضل للمعيشة
كشف عبدالرءوف النجار، أحد أهالى «فارس»، عن أن القرية تقع غرب النيل، لذا كانت هناك صعوبة كبيرة يواجهها مواطنوها فى الحصول على الخدمات التى يحتاجونها، بسبب المسافة الكبيرة بين القرية ومركز كوم أمبو التابعة له. وضرب «النجار» مثلًا بأنه «إذا احتجت لاستخراج أو تحرير أى أوراق حكومية، أو الذهاب إلى طبيب مختص، كنت تأخذ يومًا كاملًا فى كوم أمبو، بسبب بُعد المسافة والازدحام فى مبانى الخدمات الحكومية، وهو ما كان يُشعر الأهالى بتهميشهم وعدم النظر إلى مشاكلهم واحتياجاتهم اليومية». وأضاف: «الوضع اختلف كثيرًا فى الوقت الحالى، بعد تطوير الخدمات والمرافق من قبل مسئولى مبادرة (حياة كريمة)، الذين حرصوا على إقامة مبنى متكامل لتقديم مختلف الخدمات الحكومية، وذلك بالتزامن مع تنفيذ مشروع الصرف الصحى فى القرية، وتوصيل الغاز الطبيعى، ورفع كفاءة الجمعية الزراعية، خاصة أن ٩٠٪ من أهالى القرية مزارعون».
وواصل: «كما تم إنشاء نقطتى مطافئ وإسعاف، وتبطين الترع، وإنشاء وحدات سكنية للأهالى، وتجديد شبكات مياه الشرب والكهرباء المتهالكة، وكلها أمور ساعدت فى اختيار فارس كأول قرية مستدامة وخضراء فى مصر».
وشدد على أن مراعاة معايير «المبانى الخضراء» فى القرية توفر العديد من المزايا، على رأسها توفير جودة هواء أفضل، وإضاءة طبيعية قوية، إلى جانب مواجهة الضوضاء.
على الطاهر: المبادرة تحمى الرقعة الزراعية من الاندثار
قال على الطاهر، مهندس زراعى من «فارس»، إن القرية كانت مهملة لسنوات طويلة، لأنها القرية الوحيدة التابعة لمركز كوم أمبو غرب النيل، لذا يضطر أهلها لاستخدام «اللانشات» و«العبارات» للتوجه إلى المركز وقضاء غالبية المصالح الحكومية التى يحتاجونها فى حياتهم اليومية.
وأضاف «الطاهر»: «الطلبة فى المرحلة الثانوية والمدارس الفنية كانوا بيقابلوا صعوبة كبيرة، لأنهم بيضطروا يستخدموا العبارات كل يوم عشان يروحوا مدارسهم، ودا كان فيه خطورة كبيرة على حياتهم».
وواصل: «الوضع بدأ يتغير مع إنشاء كوبرى يستخدمه المواطنون فى العبور، ثم دخول (حياة كريمة) إلى القرية، ونجاحها فى توفير جميع الخدمات التى يحتاجها الأهالى، بعد سنوات طويلة من التجاهل والتهميش، وعلى رأس هذه الخدمات تطوير المدارس القائمة، وإنشاء مدارس فنية وثانوية».
وأكمل: «تم بناء مبنى متكامل لتقديم جميع الخدمات الحكومية، من بينها مكتب البريد، والجمعية الزراعية، والشهر العقارى».
واختتم بقوله: «تجربة المبانى الخضراء فى القرية تحمى التوازن البيئى، وتعمل على تحسين البيئة الزراعية التى تضررت فى الماضى، واستعادة الحياة النباتية المتهالكة، وبالتالى الحفاظ على الرقعة الزراعية، إلى جانب مساهمتها فى ترشيد استخدام المياه، ثم إعادة تدويرها فى مراحل لاحقة».
31 مشروعًا بتكلفة 650 مليونًا فى القرية
أجرى وفد من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية جولة تفقدية للمشروعات المنفذة والجارى تنفيذها فى قرية «فارس» التابعة لمركز كوم أمبو بمحافظة أسوان، بمشاركة ممثلين من شركة «ECOnsult» للاستشارات الهندسية والبيئية، فى إطار التحضير لتقديمها كنموذج لـ«القرية الخضراء» فى قمة الأمم المتحدة للمناخ «COP 27».
وقالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الدكتورة هالة السعيد، إن الفترة الحالية تشهد جهودًا تنسيقية مكثفة مع شركاء التنمية، لاستيفاء معايير «القرية الخضراء» فى قرية «فارس». وقال مساعد وزيرة التخطيط لمتابعة خطة التنمية المستدامة، جميل حلمى، إن البيانات الصادرة عن المنظومة الإلكترونية لمتابعة مبادرة «حياة كريمة» تشير إلى أن إجمالى المشروعات الاستثمارية المنفذة والجارى تنفيذها فى قرية «فارس» يبلغ ٣١ مشروعًا، بتكلفة ٦٥٠ مليون جنيه، منها ٢٥ مشروعًا يجرى تنفيذها، بتكلفة ٥٨٨ مليون جنيه، و٦ مشروعات تم الانتهاء من تنفيذها، بتكلفة ٦٢ مليون جنيه.