«النقد الدولى»: البنوك المركزية فى موقف صعب لارتفاع التضخم لمستويات قياسية
كشف تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي عن مواجهة البنوك المركزية حول العالم تحدي صعب خلال الفترة المقبلة، بسبب تفاقم الضغوط التضخمية إلى مستويات لم يصل إليها منذ عدة عقود وامتداده إلى خدمات الإسكان وغيرها، وتدرك البنوك المركزية ضرورة التحرك بسرعة أكبر لتجنب انفلات التوقعات التضخمية وإلحاق الضرر بمصداقيتها، وينبغي أن ينتبه صناع السياسات لدروس الماضي وأن يكونوا حازمين في سعيهم لتجنب إجراء تعديلات قد تكون أكثر إيلامًا وإرباكًا في المستقبل.
وأضاف التقرير، أن إجراءات البنوك المركزية وتصريحاتها بشأن المسار المرجح للسياسة النقدية، أدت إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة الحقيقية (أي المعدلة لتحييد التضخم) على سندات الدين الحكومي منذ بداية العام، وبينما لا تزال أسعار الفائدة الحقيقية قصيرة الأجل سالبة، فإن المنحنى الآجل لأسعار الفائدة الحقيقية في الولايات المتحدة – أي مسار أسعار الفائدة الحقيقية لسنة قادمة على مدار سنة واحدة إلى عشر سنوات والمستمدة ضمنًا من أسعار السوق– ارتفع عبر المنحنى ليتراوح بين 0,5 و1%.
وتابع التقرير، يتسق هذا المسار تقريبًا مع موقف سياسة أسعار الفائدة الحقيقية "المحايد" الذي يسمح للناتج بالتوسع حول معدله الممكن، وقد أشار ملخص التوقعات الاقتصادية الذي أصدره الاحتياطي الفيدرالي في منتصف يونيو إلى سعر فائدة حقيقي محايد يبلغ حوالي 0,5%، وتوقع صناع السياسات توسعا في الناتج بمقدار 1,7% في العامين الحالي والمقبل، وهو ما يقترب كثيرا من تقديرات المستوى الممكن، وفي منطقة اليورو، ارتفع أيضا المنحنى الآجل لأسعار الفائدة الحقيقية، ممثَّلة بالسندات الألمانية، وإن ظل في حدود سالبة كبيرة. ويتسق هذا مع اقتراب أسعار الفائدة الحقيقية من المستوى المحايد على نحو يلتزم التدرج.
ونتيجة لارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية على السندات الحكومية، حدث ارتفاع أكبر في تكاليف الاقتراض بالنسبة للمستهلكين ومؤسسات الأعمال، وأسهم ذلك في حدوث انخفاضات حادة في أسعار الأسهم على مستوى العالم. ويبدو أن الرؤية النمطية لكل من البنوك المركزية والأسواق تستشرف كفاية هذا التشديد للأوضاع المالية من أجل تخفيض التضخم إلى المستويات المستهدفة بسرعة نسبية.