البابا فرنسيس يلتقى الشباب والمسنين فى ختام زيارته الرسولية إلى كندا
وجه قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان كلمة إلى المسنين والشباب في إيكالويت، وذلك في اللقاء الأخير الذي تضمنه برنامج زيارته الرسولية إلى كندا، كما وجه إلى الشباب عددا من النصائح الهامة.
والتقى البابا فرنسيس في ختام زيارته الرسولية إلى كندا، مساء أمس الجمعة، في إحدى مدارس مدينة إيكالويت الشباب والمسنين، واست إلى بعض الطلاب السابقين في المدارس الداخلية وشكر المتحدثين على شجاعتهم لتقاسم معاناة كبيرة لم يكن له أن يتخيلها، معاناة أثارت لديه مجددا مشاعر الاستياء والخجل التي ترافقه منذ أشهر حسب ما ذكر قداسته، وتابع أنه يريد هنا أيضا تأكيد ألمه وطلب المغفرة على الشر الذي ارتكبه عدد غير قليل من الكاثوليك الذين ساهموا في سياسة الاستيعاب الثقافي.
ثم انطلق البابا فرنسيس من حديث أحد المسنين عن جمال أجواء العائلات من السكان الأصليين قبل نظام المدارس الداخلية، وذكَّر الأب الأقدس بتشبيه هذا الرجل المرحلة التي تميزت بعيش المسنين والشباب معا في انسجام بالربيع، وبحديث هذا الشيخ عن غناء الطيور، غناء توقف فجأة مع تفكك العائلات وإبعاد الصغار عن بيوتهم ليبدأ هكذا الشتاء.
وقال البابا إن هذه الكلمات تثير الألم، كما وتوقف عند تناقض ما حدث مع وصية الله "أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك في الأرض التي يعطيك الرب إلهك إياها". وأضاف قداسته أن هذه الإمكانية لم توفَر للكثير من عائلاتكم حين تم فصل الأبناء عن والديهم. وتابع أن هذه الأحداث تذكِّرنا بجزء آخر من الكتاب المقدس، أي قصة نابوت الذي رفض التنازل عن الكرْم الذي ورثه عن آبائه للحاكم الذي كان مستعدا لعمل أي شيء للحصول على هذا الكرم. ذكَّر البابا فرنسيس أيضا بكلمات يسوع القوية ضد من يكون حجر عثرة للصغار أو يحتقرهم. وشدد الأب الأقدس بالتالي على الشر الكبير في بتر الرباط بين الآباء والأبناء وجرح المشاعر وإلحاق الضرر بالصغار.
توقف البابا بعد ذلك عند الرغبة في السير معا على درب الشفاء والمصالحة بمساعدة الخالق للتعرف على ما حدث وتجاوز الماضي، وقال للحضور إنهم شهادة للحياة التي لا تنطفئ ولنور يبرق لم ينجح أحد في إطفائه.
ثم أعرب عن امتنانه لتمكنه من أن يكون هنا في هذه الأماكن مشيرا إلى محبة السكان لهذه الأراضي التي نجحوا في احترامها وحراستها وتثمينها ونقلوا عبر الأجيال قيما أساسية مثل احترام المسنين وحس الأخوَة الصادق والعناية بالخليقة، وشدد الأب الأقدس على ضرورة العناية بالأرض والأشخاص والتاريخ، وأضاف أن الشباب مدعوون بشكل خاص إلى هذه العناية بدعم من المسنين.
- البابا يوجه كلمة للشباب
وهكذا أراد البابا توجيه كلماته إلى الشباب من شعب إينويت مذكرا إياهم بأنه لا يكفي الحصول على إرث بل يجب إعادة كسب ما تم تلقيه. على الشباب بالتالي الإصغاء بشكل متواصل إلى المسنين وأن يعانقوا تاريخهم من أجل أن يكتبوا فيه صفحات جديدة، وأن يأخذوا مواقف أمام ما يحدث وأمام الأشخاص. وقدَّم البابا للشباب في هذا السياق ثلاث نصائح. الأولى هي السير نحو الأعلى، وقال قداسته إن على الشباب التحرر للانطلاق إلى الأعلى، نحو الرغبات الأكثر حقيقة وجمالا، نحو الله الذي يجب أن نحبه والقريب الذي علينا أن نخدمه.
وحث قداسة البابا الشباب على ألا يعتقدوا أن أحلام الحياة الكبيرة يصعب بلوغها، بل عليهم التحليق وأن يعانقوا شجاعة الحقيقة ويعززوا جمال العدالة. ولمن يقد يتساءل كيف لي أن أحلق في عالم يبدو أنه ينحدر إلى الأسفل ما بين فضائح وحروب وغياب العدالة ولامبالاة إزاء الضعفاء، قال البابا: أنت الجواب، وذلك لا فقط لأنك إذا استسلمت فسيعني هذا أنك خسرت منذ البداية، بل لأن المستقبل بيديك. دعا قداسته بالتالي الشباب إلى محبة العالم الذي يسكنونه والغنى الذي ورثوه .
- صراع يومي بين النور والظلام في داخل كل منا
النصيحة الثانية التي وجهها الأب الأقدس إلى الشباب هي أن يأتوا إلى النور بشكل يومي، وقال إنهم مدعوون إلى أن يحملوا إلى العالم نورا جديدا، نور أعينهم وابتساماتهم ونور الخير الذي بإمكانهم هم فقط أن يضيفوه، إلا أن هذا يستدعي كفاحا يوميا ضد الظلام، قال البابا، مضيفا أن هناك صراعا يوميا بين النور والظلام وذلك في داخل كل منا. وتابع أن طريق النور يتطلب اختيارات شجاعة من القلب ضد ظلام الزيف وتفادي اتباع ومضات تختفي سريعا أو ألعاب نارية لا تخلِّف سوى الدخان. وذكَّر قداسة البابا هنا بأن يسوع قد قال: أنا نور العالم، كما أنه قال لتلاميذه أيضا: أنتم نور العالم. أنت أيضا نور العالم، قال البابا لكل شاب، وستصبح ذلك بشكل أكبر إن كافحت من أجل إبعاد ظلمة الشر الحزينة عن قلبك.
ثم كانت النصيحة الثالثة التي وجهها البابا إلى الشباب ألا وهي تشكيل فريق، حيث يمكن للشباب أن يقوموا بأشياء عظيمة معا، لا بشكل منفرد. وقال البابا فرنسيس للشباب إنهم مثل نجوم السماء والتي يولد جمالها من الكون معا، حين تكوِّن كوكبة تمنح نورا وتوجيها في ليل العالم. وشدد الأب الأقدس هنا على ضرورة توفير فرصة للشباب كي يكونوا في مجموعات وأن يكونوا في حركة، فلا يمكن للشباب أن يُمضوا ايامهم منعزلين، رهائن هاتف. وفي حديثه عن تشكيل فريق قال البابا إن هذا يعني الإيمان بأنه لا يمكن بلوغ أهداف كبيرة بشكل منفرد بل يجب التحرك معا، يعني ترك فسحة للآخرين وتشجيع الرفاق.