بابا الفاتيكان يدعو شباب أوروبا إلى تقديم وجه جديد للقارة وتوسيع نظرتهم
وجه البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، رسالة إلى الشباب المشاركين في مؤتمر الشباب الأوروبي الذي بدأ أعماله اليوم في براج.
بدأ في العاصمة التشيكية براج، أمس الإثنين ويستمر حتى 13 يوليو الجاري، مؤتمر شباب الاتحاد الأوروبي. ولهذه المناسبة وجه البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين في هذا اللقاء الهام أشار في بدايتها إلى رغبته في دعوتهم إلى تغيير أوروبا من "قارة عجوز" إلى "قارة جديدة"، وهذا أمر ممكن معكم أنتم فقط، قال البابا.
وأضاف أنه يشعر بأن هناك رجاء، وذلك لتميز أبناء هذا الجيل بأنهم منتبهون وأقل ايديولوجية إلى جانب اعتيادهم الدراسة في دول أوروبية أخرى وانفتاحهم على خبرة العمل الطوعي واهتمامهم بقضايا البيئة. تحدث الأب الأقدس بالتالي عن رسالة هامة لشباب أوروبا وهي أن يقدموا للعالم وجها جديدا لأوروبا.
هذا وأراد البابا فرنسيس تذكير الشباب بإطلاق الميثاق التربوي العالمي في أيلول سبتمبر ٢٠١٩ والساعي إلى التربية على الأخوّة، ولكن ومع رؤية ما يحدث في هذا العالم الذي يقوده بالغون ومسنون يبدو أنكم أنتم مَن عليه أن يربي البالغين على الأخوّة والتعايش السلمي، قال قداسته.
,تحدث الأب الأقدس عن الالتزام الأول لهذا الميثاق ألا وهو الإصغاء إلى الأطفال والفتية والشباب، ومن هذا المنطلق دعا البابا الشباب إلى إسماع صوتهم وإعلاء هذا الصوت، مشددًا على حقهم في أن يعبِّروا عن رأيهم فيما يتعلق بمستقبلهم، وحثهم على أن يتميزوا بالطموح والإبداع والنقد.
وأشار إلى نقطتين في الميثاق التربوي العالمي هما أيضا في برنامج المؤتمر الأوروبي، والأولى هي الانفتاح على الاستقبال ما يعكس قيمة الدمج. وحذر البابا فرنسيس هنا من الانزلاق في ايديولوجيات قصيرة النظر تريد إظهار الآخر، المختلف، وكأنه عدو.
وقال إنه لا يمكن لأي سبب أن تكون هناك تفرقة إزاء أي شخص، وعلى ضرورة التضامن مع الجميع لا فقط مع من يشبهنا أو مع مَن يُظهر النجاح، بل مع المتألمين أيا كانت جنسيتهم أو ظروفهم الاجتماعية.
وأراد البابا هنا تذكير شباب أوروبا بملايين الأوروبيين الذين هاجروا في الماضي إلى قارات أخرى بحثا عن مستقبل، كما وذكَّر بأنه من عائلة إيطالية هاجرت إلى الأرجنتين.
وواصل قداسته مشددا على أهمية المؤسسات التربوية لا النخبوية التي يمكن أن يلتحق بها فقط من لديه المال، بل تلك التي تجمع بين التربية الجيدة وخدمة القريب انطلاقا من الوعي بأن هدف التربية هو إنماء أشخاص يسعون إلى الخير العام. ودعا البابا في هذا السياق شباب أوروبا إلى قراءة كل من الرسالة العامة Fratelli tutti ووثيقة الأخوَّة الإنسانية التي وقعها قداسته مع شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب.
وانتقل البابا فرنسيس إلى الحديث عن النقطة الثانية في الميثاق التربوي العالمي والتي هي أيضا من المواضيع التي يتطرق إليها مؤتمر براغ ألا وهي العناية بالبيت المشترك، وأعرب هنا عن سعادته لرؤية أن جيل اليوم قادر على تقديم مبادرات ملموسة في هذا المجال.
وقال للشباب إنهم في حال عدم تمكنهم من إحداث تغيير في هذا التوجه نحو التدمير الذاتي فسيكون من الصعب أن ينجح في هذا آخرون في المستقبل. ودعا قداسته الشباب إلى ألا تغريهم أحلام حياة فاخرة مقتصرة على فئة صغيرة من العالم، بل إلى أن يروا بقية البشرية لا أوروبا الصغيرة فقط. وواصل الدعوة متحدثا عن ضرورة التطلع إلى حياة كريمة ومعتدلة بدون بذخ أو إهدار كي يتمكن الجميع من أن يسكنوا العالم بكرامة. كما ودعا قداسته إلى قراءة الرسالة العامة "كن مسبَّحًا".
توقف البابا فرنسيس بعد ذلك عند الحرب الدائرة في أوكرانيا التي تضاف إلى نزاعات كثيرة أخرى في العالم ما يجعل الحاجة إلى ميثاق تربوي يربي الجميع على الأخوّة أكثر إلحاحا.
وتابع قداسته مشيرا إلى قول كثيرين إن العالم لو كان يحكمه النساء لما كانت فيه هذه الحروب الكثيرة، وأضاف أنه يعجبه التفكير في أن هذا ينطبق أيضا على عالم يحكمه الشباب.
وذكَّر البابا في هذا السياق بالشاب النمساوي فرانز يوغرستاتر الذي أعلنه البابا بندكتس السادس عشر طوباويا والذي كان مزارعا رفض المشاركة في الحرب التي أطلقها هتلر لأن إيمانه جعله على قناعة بأنه من غير الصحيح قتل أشخاص أبرياء، سُجن هذا الشاب ورفض تغيير قناعته رغم التعذيب إلى أن قُتل في السجن مع شاب آخر، لاهوتي لوثري ألماني مناهض للنازية.
وفي ختام الرسالة التي وجهها الى المشاركين في مؤتمر الشباب الأوروبي المنعقد في العاصمة التشيكية براج دعا قداسة البابا فرنسيس الشباب إلى النظر إلى ما هو أبعد، إلى الأعلى، وذلك للبحث بشكل متواصل عن معنى حياتهم، الهدف، الحقيقة، فليس هناك حياة بدون البحث عن الحقيقة.
وشدد بالتالي على ضرورة العيش بأقدام ثابتة على الأرض ولكن مع نظرة واسعة منفتحة على الأفق، على السماء.
وأضاف أنه يمكن أن تساعدهم في هذا قراءة الإرشاد الرسولي الموجه إلى الشباب بشكل خاص. هذا ودعا البابا فرنسيس في رسالته شباب أوروبا إلى المشاركة في اليوم العالمي للشباب الذي سيُعقد العام القادم في لشبونة، حيث يمكنهم أن يتقاسموا أحلامهم الجميلة مع شبان من جميع أنحاء العالم.
وأراد من جهة أخرى الإعراب عن الرجاء في أن يكون الشباب قادرين على خلق أفكار جديدة ورؤى جديدة للعالم، للاقتصاد والسياسة والتعايش الاجتماعي، بل وفي المقام الأول طرق جديدة للسير عليها معًا.