«ورق العنب بالكوارع» ذكريات سمير أمين مع يوسف إدريس فى الأعياد
"كان والدي يصطحبني معه كذلك في العربة ذات الخيل، وكانت وسيلته المفضلة للانتقال، إما للمرور على المصالح الحكومية حيث يعرفه الجميع، وإما لزيارة بعض أصدقائه في المصيف أو المارين بالمدينة، وهم عادة من كبار الموظفين ابتداء من محافظ القنال، أو زميله الوزير أو وكيل الوزارة أو القضاة، وكذلك بعض زملائه من الأطباء أو الكتاب، وكان أبي صديقًا ليوسف إدريس، أو السياسيين الوفديين ومن بينهم مكرم عبيد".
روى المفكر والاقتصادي المصري سمير أمين ذكرياته مع الاحتفال بالمناسبات، وذلك في مذكراته المنشورة بعنوان "مذكراتي" الجزء الأول، عن دار الساقي.
وأشار سمير أمين إلى أن عائلته كانت تقدر وتشتهي الطعام الجيد، خاصة جده ووالده، حيث كانوا ينتهزون الفرصة للاستمتاع بالطعام في جميع الأعياد التي كانوا يحتفلون بها، إذ كانوا يحتفلون بالأعياد المصرية الإسلامية والمسيحية وكذلك الأعياد الفرنسية.
كانت عائلة سمير أمين تحتفل بعيد الفطر وعيد الأضحى وجميع أعياد ميلاد أفراد عائلته، وفي جميع هذه المناسبات كان جده يقوم بتحضير اللحوم بكل عناية، وكانت جدته تحضر الأطباق المتتالية من السمان المشوي وفخذ الضأن المشوي والبتلو المطبوخ باللبن، والأرانب المسطرة، وورق العنب بالكوارع، والحمام بالفريك، والفتة، وجميع أنواع المحشيات، وغيرها من منتجات المطبخين الفرنسي والمصري.
وحكى، أنهم كانوا يسافرون كثيرًا خارج بورسعيد، بعد أن استبدلوا سيارتهم الشيفرولية زرقاء اللون بالفورد القديمة، وكانوا غالبًا ما يخرجون في رحلة بطول القنال لزيارة الإسماعيلية أو السويس لتناول لحم القرش في كازينو "بورتوفيق"، أو يخرجون لرحلة في القاهرة لزيارة عمته أو زيارة الزقازيق لمقابلة يوسف إدريس.
يذكر أن سمير أمين ولد في القاهرة، لأب مصري وأم فرنسية (كلاهما طبيب). قضى طفولته وشبابه في بورسعيد. هناك التحق بمدرسة ثانوية فرنسية، ورحل في عام 1947 بعد حصوله على شهادة البكالوريا.
يدين أمين بتكوينه الأساسي لأسرته، ونقاشاته مع جدّه المصري الذي كان مهندسًا في السكة الحديد، ولم يصل إلى منصب مرموق بسبب معارضته الحادة للاحتلال الإنجليزي في مصر: "كان يفرض على الإنجليز ألا يتحدثوا معه إلا بالعربية، رغم إجادته الإنجليزية. وكان والدي يكره الملكية ويتمسّك بالقيم العلمانية".