في ذكرى وفاة السندريلا.. ننشر حوارا نادرا لسعاد حسني مع يوسف شريف رزق الله
تحل علينا اليوم ذكرى رحيل السندريلا سعاد حسني، وتنشر “الدستور” حوار السينمائي الراحل يوسف شريف رزق الله مع السندريلا سعاد حسني والذي نشر في عدد 21 فبراير 1977 بمجلة السينما والفنون وكان للحوار صدى واسع ولا توجد نسخ رقمية من الحوار الهام الذي كان في أوج تألق الراحلة سندريلا الشاشة العربية.
ذكرى رحيل السندريلا سعاد حسني
قال الكاتب والسينمائي الراحل يوسف شريف رزق الله، وجدت عند سندريلا الشاشة العربية رغبة أكيدة فى المعرفة وقدرة غير عادية على الاستماع أحسست بأنها نضجت وهي تسألني على سبيل المثال عن آخر أخبار الممثلة الأمريكية جين فوندا المشهورة بنشاطها السياسي وعن موعد عرض الفيلم الأمريكى "كل رجال الرئيس" الذى يحكي كيفية اكتشاف فضيحة ووترجيت ثم وهي تتعجب لقلة عرض الأفلام الأجنبية الجيدة في مصر.
قلت لها وهي تجلس أمامى بسيطة غير متكلفة في صالون فيلا زوجها علي بدرخان الذي امتلأ بصور كبيرة وصغيرة للمخرج الراحل أحمد بدرخان قلت لها: "ولكني هنا ألقي عليك الأسئلة: ابتسمت واعتذرت: "اتفضل".
الأفلام السياسية
رأيت أن الحديث السابق عن جين فوندا وعن فيلم – كل رجال الرئيس، بغرض أن تكون بداية حديثنا عن موقفها من الأفلام السياسية خاصة وأن أحدث فيلميها "الكرنك" و"على من نطلق الرصاص" ينتمان إلى هذا النوع من الأفلام.
قالت سعاد حسني "الأفلام السياسية توضح الكثير من الأخطاء التي يمكن أن تكون موجودة وتثير الجماهير إلى حد ما ولكنها أصعب عموما من أى نوع آخر.. فلكى تعرض فيلماً سياسياً يتحدث عن خطأ موجود في نفس الفترة التي أنتج فيها الفيلم ستجد على الأرجح من يمنع هذا العمل السينمائي بطرق كثيرة، ولذا فإن الأفلام السياسية في حاجة إلى مقاتلين فسألتها:
مدى احتياج المجتمع المصري حالياً إلى نوعية الأفلام السياسية؟
جاء ردها على غير ما أتوقع الحقيقة لي رأي خاص في هذه المسألة.. يخيل إلى أن الجماهير في الوقت الحاضر في حاجة إلى أفلام ترفيهية ولاحظت سعاد حسني علامة الاستفهام التى ارتسمت في عيني.. ومضت تقول: “ليه لأن الناس يمرون بظروف اقتصادية صعبة وبالتالى لا استعداد عندهم لأن يأتي من يقول لهم هذا صح وهذا خطأ ولذا ففي رأيي ان أحسن ما استطيع أن اقدمه للجماهير الآن هو ابتسامة أو حاجة إنسانية. هذا تصورى حالياً”.
الصعود إلى الهاوية
- ولكن هل معني هذا انك لن تقومي ببطولة افلام أخري من نوع "على من نطلق الرصاص" و "الكرنك"؟
ابتسمت وقالت إن رغم ما صرحت به الآن هو رأيها واحساسها فهناك أيضاً ظروف حتمية فهي لا تستطيع أن تمثل أي فيلم يكون مجرد فيلم خفيف ما أريد تقديمه للجمهور هو موضوع به شىء حقيقي لا غش فيه وبه بعض التحديد. فما الذى وجدته هذه الأيام؟.
أحسن ما عثرت عليه فيلمين سياسيين تصور.. واحد عن مشكلة فلسطين والثاني موضوع وطني عن فتاة كانت تتجسس على المخابرات المصرية وتسربت من خلالها معلومات خطيرة الا أن المخابرات ضبطتها فى اخر لحظة وغيرت خطة اكتوبر الحربية كلها الفيلم اسمه "الصعود الى الهاوية" ويكتبه حاليا صالح مرسى الذى أجرى اتصالات عديدة بالمخابرات وعرف اشياء كثيرة عن هبة سليم الفتاة الجاسوسة وغيرها من الجواسيس ومعه كمال الشيخ الذى سيخرج الفيلم.
مدافع الأب عياش.
وتنتقل سعاد للحديث بحماس ايضا عن الفيلم الثاني – مدافع الاب عياش - .. منذ عامين عرض على بعض الاصدقاء تلك القصة التي كتبها محمد صدقي واعجبت بها.. والفيلم سيكون عن المقاومة الفلسطينية ولكنه معالج بشكل انساني من خلال قصة حب بين شاب وفتاة وكيف يناضلان لتحقيق شئ له قيمة وكيف يحققان ما يريدانه رغم أن الثمن هو حياتهما وهناك كاتب سيناريو جديد اسمه عوني صادق يقوم حاليا بكتابة السيناريو بالأضافة الى اشخاص كثيرين يشتركون معنا بأرائهم السياسية في الموضوع.
وهناك فيلم ثالث كنت أتمني تصويره قبل هذين الموضوعين ولكنه ما زال في مراحله الاولى انه فيلم "حدوته بتلاته مليم" المقتبس عن مسرحية بريخت وسيكون فيلما موسيقيا.
موضوع يهم الجماهير
وسألت سعاد عن الاسس التي تختار على أساسها سيناريوهات أفلامها الآن.
بدت واثقة في نفسها وهي ترد "أولا ان يكون الموضوع يهم الجماهير وهذا يتم عن طريق اساسي الشخصي بان الجمهور سيتحمس لمشاهدته وانه سيكون له صدى في نفسه وقلبه واذا احسست بهذا الشعور فاني اظل الى جوار هذا الموضوع الى ان يتحول إلى عمل سينمائي معد للعرض.
وعندما بدأت سعاد حسني العمل في السينمات نحو ثمانية عشر عاما كانت تهتم بالدور نفسه لأنها كانت تريد تأكيد وجودها كممثله وقدرتها على أداء أي مشهد.. ولكن إدراكها بالسينما لم يكن على ما هو عليه الآن فقد كانت تبحث إذن عن الدور على أن يكون الموضوع معقولا.. وتقول بطلة "القاهرة 30 أنها منذ أول عملها في السينما كانت “غلباوية وحشرية” تسأل كثيرا وتقول رأيها سواء كان صحيحا أم خاطئاً، وجاءها الوعي بعد ذلك تدريجيا من خلال كل تجربة تخوضها.
الدخلاء على السينما:
أقول لها: ما تفسيرك لازدياد الابتذال والاسفاف في الانتاج السينمائي المصري في السنوات الاخيرة؟
السبب في ذلك ترد سعاد حسني - دخول اشخاص لا علاقه لهم اطلاقا بالسينما الى هذا المجال اشخاص كلها همهم تنفيذ مشروعات تجارية، ولو استغلوا راسمالهم في مشروعات اخرى ربما حققوا ارباحا اكبر. هناك اذن دخلاء ابتليت بهم السينما ممن لا يعرفون على سبيل المثال ما هو السيناريو او الحوار والفرق بين التصوير الداخلي والخارجي.
واطرح على سعاد سؤالا خاصا برايها في اختيار الافلام التي تمثلنا في المهرجانات السينمائية وتشعل النجمة الشابة سيجاره وترد قائلة.
الحقيقة انني اسمع عن الافلام التي تختار واصاب بالدهشة لان هناك فعلا ما هو افضل منها فالمهرجان السينمائي لا علاقة له بمسالة جماهيرية الفيلم.
الأفلام يختارونها على اساس جماهيري كما لو كانوا ينتظرون ربحا من عرضها في المهرجانات واحيانا تصدف معهم ان يسافر فيلم جيد ولكن عموما لا يتم اختيار الافلام المفروض ان تمثلنا في هذه المهرجانات فعلى سبيل المثال لا يمكن ارسال فيلم تجاري مثل خلي بالك من زوزو الذي اعتز به جدا- الى مهرجان من المهرجانات لانه لو ارسل سيسيء الينا.. لماذا لانه ليس به جديد من ناحية الحرفة او الموضوع وليكن بالنسبة للجمهور المصري والعربي كان "فرخة بكشك" لانه كان فيه اغاني حلوه ولا اني قدمت فيه شخصية جديدة الى جانب العناصر الاخرى.
يوسف شاهين
وسألت سعاد عن رأيها في ثلاثة من كبار المخرجين المصريين الذين عملت معهم في اكثر من فيلم الثلاثة هم يوسف شاهين وعملت معه في "الناس والنيل" و"الاختيار" وكمال الشيخ مخرج فيلميها "غروب وشروق" و"علي من نطلق الرصاص" وصلاح ابو سيف الذي أخرج لها “القاهره 30”.
و"شيء من العذاب" وتصمد سعاد لحظات وتبدو وكانها تستعيد الذكريات "رغم ان تصوير الفيلم الذي يخرجه يوسف شاهين يستغرق نحو ثلاثة اشهر ونصف شهر او اربعة اشهر في حين ان بقية المخرجين الكبار يصورون افلامهم في شهرين ونصف شهر فانني اعتبره اسرع مخرج في مصر اذا اخذنا في الاعتبار التفاصيل الكثيرة التي يضعها في افلامة والتي بالتالي تستلزم وقتا اضافيا للتصوير وفي رايي ان يوسف شاهين مخرج واعي جدا وعندما اعمل معه احس بان هناك مسافة كبيرة بيني وبينة بسبب ادراكه الكبير الذي لم اصل اليه بعد ويوسف شاهين لا يقدم الا الموضوع الجيد الذي لم يعالج من قبل ولديه جرأة شديدة في كل شيء ولكن يوسف يفترض عادة في مشاهديه ثقافة سينمائية عالية يسمح لهم بفهم بعض الامور المعقدة وانا اقول هذا الكلام حرصا على ان تصل افلام يوسف شاهين الى اكبر قطاع ممكن من المشاهدين.
كمال الشيخ
وتنتقل سعاد بعد ذلك للحديث عن كمال الشيخ كمال لا يقبل اي عمل سينمائي الا اذا كان مقتنعا به ولم يحاول ابدا ان يجري وراء الفلوس أو الشهرة ويسع لتقديم فن جيد خاصة وانه اتجه في السنوات الاخيرة الى استغلال الشكل البوليسي الذي اشتهر به في بداية حياتة الفنية في تقديم قصص اجتماعية وسياسية في غاية الاهمية والخطورة وكمال الشيخ يعطي الفنان حقه ويشعره بأهميته.
صلاح ابو سيف
أما صلاح ابو سيف فلن انسى ابدا انه اعطاني اول فرصة هامة وكان هذا في فيلم "القاهرة 30" قبل هذا الفيلم كان المخرجون يشدون الى الادوار الخفيفة لتصورهم انني لا استطيع اداء مشهد تراجيدي على سبيل المثال والحقيقة انني تمكنت من تغيير خط حياتي الفنية من بعد فيلم- القاهره 30 - الذي ادين له بالكثير وكنت احب ان اعمل مع صلاح ابو سيف في اللون الذي يبرع فيه وهو لون فيلمي شباب امرأة وبداية ونهاية.
واسال سعاد حسني بعد ذلك هل تقبلين خوض تجربه الأفلام السينمائية التي تصور لحساب التلفزيون؟.
تقول بطله فيلم - الحب الذي كان - انه عرض عليها كثير العمل في افلام سينمائية للتلفزيون ولذلك منذ فتره طويلة.. وكانت دائما تشعر ان واجبها يحتم عليها عدم الظهور في التلفزيون وعدم الخروج من منازلهم لمشاهدة افلامها السينمائية ولذا فقد كانت تعتذر عن الظهور في اي عمل للتلفزيون وتضيف سعاد حسني والان بدات اشعر بان التلفزيون اصبح يؤثر في الناس الذين يجلسون في منازلهم لمشاهدتة وان هناك من الجماهير من لا يعرفني الا معرفة بسيطة وانه بالتالي يجوز لي ان اعمل الان في التلفزيون خاصه وان العروض ازدادت للغاية في الايام الاخيرة ولكن مشكلة التلفزيون ان تصوير انتاجه يجب ان يتسم بسرعة لتوفير النفقات فيجري تطوير نصف ساعة في اربعة ايام في حين ان تصوير نفس هذه الفترة الزمنية في السينما يستغرق نحو ثلاثة اسابيع ولو شعرت في ملل معروض على توافر الناحية الفنية مع توفير الوقت المطلوب في تصويره.
ما الذي تفضلينه في وقت فراغك كيف تنظمين حياتك؟
تقول سعاد حسني دي اطول فتره اقضيها بلا عمل بين فيلمين.. فقد انتهيت من فيلم "على من نطلق الرصاص" منذ سنة ولم اعمل منذ هذه الفترة الا في الايام القليلة التي صورنا فيها فيلم "شفيقه ومتولي" وعادة المدة بين اي فيلمين كانت ستة اشهر اقضيها في اعداد الفيلم الجديد اما الفترة الماضية فكانت - متلخبطة وقد ضاع جزء منها هباء فقد قرات قليلا ولكن تفكيري كان مشغولا وضاع وقت كبير ولم استقر به.
واستعد لإنهاء الحديث وألقي بسؤالي الأخير ما الذي تتمناه سعاد حسني لحياتها الفنية وحياتها الخاصة؟
وأسجل أماني النجمة الشابة للأسف ليس عندي خطة معينة بالنسبة لحياتى الفنية.. وهذا خطأ بالتأكيد.. ولكن ما أتمناه هو ألا افقد حماسي للعمل لأن هذا الحماس هو طاقتي الدافعة وأحب تقديم أعمال فنية على مستوى جيد قدر الإمكان أعمال تخدم الجمهور مع وضع كل امكانياتى في خدمة هذه الاعمال واتمنى المساهمه في تطوير العمل السينمائي باي شكل وبالنسبة لحياتي الخاصة اتمنى اسعاد زوجي باستمرار واسرتي عموما كما اتمنى ان اتمتع بصحة جيدة لأستمر في عملي الذي لا استطيع تقديم غيره.