دراسة ترصد أبعاد ودلالات زيارة مجلس القيادة الرئاسى اليمنى لمصر
نشر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان "أبعاد ودلالات زيارة مجلس القيادة الرئاسي اليمني لمصر"، للباحث محمود قاسم، متناولا زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي “رشاد العليمي” لمصر (10 يونيو 2022) برفقة خمسة من أعضاء المجلس، والتى تعتبر مدخلًا مهما لفهم طبيعة التطورات الراهنة في الأزمة اليمنية والتحديات التي تفرض نفسها على المشهد، خاصة في أعقاب عملية انتقال السلطة (7 أبريل)، وتخلي الرئيس اليمني السابق “عبدربه منصور هادي” عن صلاحياته مقابل إفساح المجال للسلطة الجديدة المخول لها إدارة المرحلة، كأحد مخرجات المشاورات اليمنية التي تمت تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي.
وأوضحت الدراسة، أنه تتزامن زيارة مجلس القيادة الرئاسي مع عدد من التطورات التي يشهدها العالم وفي مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية، بجانب التحولات التي طرأت على الداخل اليمني، سواء ما يرتبط بالترتيبات السياسية والأجسام الشرعية الوليدة، أو تلك المتعلقة باختبار مدى صلابة الهدنة التي تم تمديدها بداية الشهر الجاري.
وأشارت الدراسة إلى أبعاد الزيارة ودلالاتها ومنها موازنة الأدوار المقوضة للاستقرار، والتأكيد على المصالح الاستراتيجية، واستثمار فاعلية الدور المصري في قضايا الإقليم، الاستفادة من خبرة مصر التنموية، وخاصة لما ترتبط به مصر واليمن بروابط تاريخية وجغرافية، وتعتبر مصر وجهة رئيسية لليمنيين.
كما تطرقت الزيارة لأزمة ناقلة النفط “صافر” كواحدة من أكثر الأزمات المحتملة التي يمكن أن تؤدي إلى كارثة بيئية كبيرة تؤثر على مجمل الدول المطلة على البحر الأحمر، خاصة في ظل التحديات التي تواجه التعاطي مع تلك القضية، وفي مقدمتها: توظيف الحوثيين لأزمة الناقلة في المشهد اليمني، ورفضهم المستمر لوصول الفريق الأممي لتفريغ السفينة والقيام بأعمال الصيانة، علاوة على التحديات المرتبطة بتوفير التمويل اللازم والذي يقدر بنحو 144 مليون دولار، وفي حال استمرار تلك المعادلة يمكن أن يتسرب أكثر من مليون برميل من النفط، وهو ما يمثل خطورة كبيرة يجب التعاطي معها بشكل جاد.
وأشارت الدراسة إلى أنه كان لمصر جهود مكثفة لحلحة الأزمة الليبية من خلال إعلان القاهرة (يونيو 2020)، وما نجم عنه من تراجع توظيف الأداة العسكرية في الصراع، علاوة على مساعيها لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء وتجاوز أزمة الثقة، بهدف استكمال خارطة الطريق ودعم المسار السياسي، ولعل اجتماعات أعضاء لجنة المسار الدستوري الليبي في القاهرة والتي بدأت جولتها الثالثة بعد يومين من وصول “رشاد العليمي” للقاهرة تُشير بصورة واضحة لمحورية الدور المصري وخبرتها في التعاطي مع الصراعات الإقليمية.
وأكدت الدراسة، أن استقرار الوضع في اليمن معلقًا بمجموعة من الترتيبات والتحولات المستقبلية التي تتحدد ملامحها على النحو التالي، أولًا- حدود التغيير والثبات في المشهد العسكري: يُنظر للاتفاق على تمديد هدنة وقف إطلاق النار باعتباره ملمحًا إيجابيًا في عمر الأزمة، وذلك لعدد من الاعتبارات؛ أولها: أنه في حال استمرار الهدنة ستكون اليمن أمام واحدة من أطول عمليات وقف إطلاق النار ثباتًا خلال السنوات الماضية. ثانيًا: يمكن أن يؤدي تمديد الهدنة ووقف إطلاق النار لبحث سبل التسوية وحلحلة الأزمة اليمنية.
كذلك الترتيبات الإقليمية والدولية، وتظل الأزمة اليمنية مرهونة بالتفاعلات بين القوى الدولية والإقليمية، إذ إن أصداء التقارب بين السعودية وإيران خلال الجولات السابقة من المباحثات يمكن أن يؤدي إلى انفراجة في الأزمة، كذلك صلابة وتماسك الجبهة الداخلية والتى تظل الترتيبات التي يشهدها الداخل اليمني أحد القيود التي قد تحول دون عودة التصعيد مرة أخرى.
واختتمت الدراسة، أنه سلطت زيارة رئيس مجلس القيادة اليمني “رشاد العليمي” لمصر وعدد من الأعضاء والوفد المرافق الضوء على أولويات القيادة الجديدة، ومساعيها لتعزيز التعاون مع الدول المؤثرة في الإقليم وعلى رأسها مصر لتجاوز العثرات السابقة التي حالت دون تحقيق اختراق كبير في الأزمة اليمنية طيلة السنوات الماضية، كما أوضحت حدود التعويل الذي تضعه اليمن على مصر، الأمر الذي يعود لموقف مصر الثابت تاريخيًا في دعم اليمن، كما يتماشى مع موقفها الراهن الذي ينطلق بالأساس من وحدة اليمن والحفاظ على سيادتها ودعم مؤسساتها.