عالم أزهرى: صلاح الأبناء يرتبط بالآباء
قال الدكتور صفوت محمد عمارة من علماء الأزهر الشريف، إنَّ صلاح الأبناء يرتبط بصلاح الآباء؛ فقد جرت العادة في الغالب أن يفسد الناس بفساد كبرائهم وأن يستقيموا باستقامتهم، ولأن الولد يتبع أباه في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته، والولد ظل أبيه ولا يستقيم الظل والعود أعوج؛ فإذا فسد الآباء فسد الأبناء، ولو تأملنا قول الله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]؛ لوجدنا أنَّ هذه الآية قاعدة ربانية، فمن أراد أن ينجي نفسه وينقذ أبناءه من بعده فعليه بتقوى اللَّه ومخافته، ومعنى الآية أَي: وليخش من كان له ولدٌ صغارٌ خاف عليهم من بعده الضيعة أن يتقوا الله وسوف يرزقهم بمن يتقي الله في ذريتهم الضعيفة».
وأشار «عمارة» إلى أنَّ صلاح الآباء له دور كبير في صلاح أبنائهم، وصدق ذلك ما حكاه القرآن الكريم عن الغلامين اليتيمين الذي قال الله تعالى عن أبيهما: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} فحفظ الله الكنز لليتيمين ببركة صلاح أبيهما، وأرسل الله رجلين عظيمين موسى عليه السلام والخضر، قال اللَّه تعالى في سورة الكهف على لسان الخضر: {وَأَما الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبكَ...} [الكهف: 82]؛ فحينما نزلا الرجلان إلى القرية وطلبا من أهلها الضيافة، لكنهم كانوا بخلاء أشحاء فضنوا عليهما حتى بشربة ماء، ومع هذا حينما وجد العبد الصالح جدارًا أوشك على السقوط فشمر عن ساعده وقابل البخل بالكرم والمعروف، وأعاد بناء هذا الجدار، ولما سئل في ذلك قال بأن الجدار كان لغلامين يتيمين في المدينة وأن هناك كنزًا تحت هذا الجدار، وأن أبويهما صالحان، فأبقى الله تعالى أثر صلاح الوالدين في أولادهما، وقد ذكر بعض المفسرين أنه كان الجد السادس، أو السابع، أو العاشر، وقال ابن كثير في تفسيره عن الآية: "فيه دليل على أن الرجل الصالح يُحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم"، وقال ابن عباس: "حفظا بصلاح أبيهما ولم يذكر لهما صلاح" أي: لم يبين لنا القرآن هل كان الأولاد صالحين كآبائهم كي يستحقوا هذه المكافأة أم لا ؟!».
وأضاف «عمارة» أنه ورد عن عمر بن عبد العزيز عندما سئل وهو على فراش الموت: «ماذا تركت لأبنائك يا عمر؟» قال: «تركت لهم تقوى الله، فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين، وإن كانوا غير ذلك فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية اللَّه تعالى، وقال الإمام ابن القيم: «أكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوهم كبارًا».