تفاصيل أول درس تعلمه صلاح منتصر.. وحكايات مع «التابعي وأمين وهيكل»
تمكن الكاتب الصحفى صلاح منتصر خلال تجربته الصحفية فى أربعينيات القرن الماضى منذ أن عمل فى «أخبار اليوم» وحتى رحيله عن عالمنا اليوم عن عمر يناهز 87 عامًا، بعد صراع مع المرض، من صياغة علاقته مع أساتذته من رموز الكتابة الصحفية كل من محمد التابعي الذي قرأ له وهو فى سن الحادية عشرة من عمره، ومصطفى أمين، ومحمد حسنين هيكل الذى عمل معهما، وهو ما كشف عنه فى جانب من الحكايات الشخصية نستعرضها فى السطور التالية:
صلاح منتصر عن محمد التابعى: جاء بنبض جديد للمقال
«كان من حسن حظى أننى بدأت أعرف قراءة الصحف والمجلات فى بيت يشترى مجلة آخر ساعة التى كان يرأسها الأستاذ والمعلم الكبير محمد التابعي، وفى الوقت الذى كان كاتب المقال يبدو فيه أنه يستقل قطارًا له قضبان مستقيمة لا يستطيع الخروج عنها، جاء محمد التابعي بنبض جديد للمقال خرج فيه على القضبان والمحطات وقواعد القيام والوصول».. بهذه الكلمات سرد «منتصر» ملامح علاقته بـ«التابعي»، الذى قال عنه إنه جاء بنبض جديد للمقال خرج فيه على القضبان والمحطات وقواعد القيام والوصول وكل ذلك بأسلوب بالغ البساطة والسهولة إلى درجة انه كان فى سن الحادية عشرة يستطيع أن يفهم مقالاته فى وقت الذى كان «التابعى» فى بالغ القوة للدرجة أنه يهز الوزارات ويسقطها.
مصطفى أمين وتميز أسلوبه بين مئات المقالات
علاقة «منتصر» بالكاتب الكبير مصطفى أمين بدأت فى «آخر ساعة» عندما قرأ له أسلوبه المميز الذى رافقه من أول مقال كتبه حتى وفاته، وهو ما عبر عنه ضمن حكايات كتاب «الشعب يجلس على العرش.. وحكايات عمر»، الصادر عن «مكتبة الأسرة»: «أنه أسلوب تستطيع أن تخرجه بسهوله من بين مئات المقالات».
محمد حسنين هيكل والدرس الأول فى «آخر ساعة»
وقال «منتصر» في تصريحات سابقة له: «فى آخر ساعة القديمة قرأت التحقيق الصحفى لأول مرة رغم مرور ما يقرب من 50 سنة إلا أننى ما زلت أذكر أول تحقيق جذب اهتمامى وكان عن أسرة تسكن فى شبرا، وقد فوجئت بأشياء غريبة تحدث فى المنزل، فالأطباق تتطاير كما لو أن هناك من يقذف بها وكراسى المائدة تهتز وليس هناك تفسير لهذه الظاهرة غير أن العفاريت تسكن فى هذا البيت بشبرا، وكان كاتب التحقيق صحفى لم أكن قد قرأت اسمه من قبل وهو محمد حسنين هيكل».
وفيما بعد اشتهر صاحب هذا الأسم عندما انتقل إلى أخبار اليوم وعمل مراسلًا حربيًا فى حرب فلسطين، ولم تكن مصر قد دخلت حروبًا من قبل فى الخمسين سنة الأخيرة، ولذا كانت صفة المراسل الحربى جديدة علينا.
ومن فلسطين نقل هيكل عددًا كبيرًا من التحقيقات الصحفية والأحاديث التى أجراها مع الجنود والضباط الفلسطينيين.
واقعة أخرى رواها «منتصر» عن «هيكل» تمثلت فى أنه ذهب وزميله محمد وجدى قنديل لكى يقبض كل منهما راتبه عن أول شهرين من العمل فى «أخبار اليوم»، فإذا بصراف الخزينة يصرف لهما أحد عشر جنيهًا وخمسمائة وستين مليمًا، فذهبا إلى «هيكل» لمناقشته فى هذا المبلغ الذى توقع أن يكون 40 جنيهًا لكل منهم، وعندما دخلا مكتبه قال لهم: «تاريخ الصحفى ينقسم إلى ثلاث مراحل، مرحلة يعطى فيها الجهد والعمل ما يفوق كثيرًا ما يتقاضاه، ومرحلة ثانية يبدو فيها أنه يحصل على أكثر مما يعطي فى حين أن قيمة ما يعطى هى التي ارتفعت بالإضافة إلى سهولة ما يقدم، فالموضوع الذى كان يكتبه فى أيام وهو صغير يكتبه فى ساعات قليلة عندما يكبر وتكبر حصيلته وخبرته وتجاربه وثقافته ونصيحتي إليكم –هكذا قال لنا هيكل- ألا تتعجلوا»، وهو ما أشار إليه «منتصر» بالدرس الأول الذى تعلمه.