على جمعة: الإسلام أغنى الفقراء من الطلب وجعله نقيصة
قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، وشيخ الطريقة الصديقية، لقد أغنى الإسلام الفقراء من الطلب بل جعل الطلب نقيصة، فنهى رسول الله ﷺ عن المسألة فقَالَ : « الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ » [البخاري]، وقال تعالى: (يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ).
وتابع " جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا : ولذا نرى شعيرة الأضحية وهي إذا نذرت أو ذبحت عن الميت لوصيته وزعت كلها على الفقراء ،وإذا كانت ذبيحة للسنة فيمكن أن توزع كلها ،ويمكن أن يوزع ثلثها على الفقراء ،وكذلك الهدي في الحج، قال تعالى: (وَأَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ *لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ* ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ)، وقال بعد ذلك: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ )، وقال سبحانه: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ) ، وقال: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).
وأضاف: أتذكر في أواخر الستينيات عندما كان يعرض علينا الشيوعيون مذاهبهم ويرون أن العمل الخيري من إطعام الطعام للفقراء يؤخر الثورة المنتظرة على نظام الحكم، كنا نقول لهم إننا أمام خيارين: يقول ربنا: أطعموا الطعام، وتقولون: ليستمر الناس في الجوع حتى يثوروا، فهذا أمر إلهي يتفق مع الفطرة ،وهذا رأي شيطاني يتفق مع الوهم، وكنا نذكر لهم طريفة من طرائف مشايخنا في تفسير قوله ﷺ "إن الصدقة تدفع البلاء"، حيث كان يقول شيخنا: والشحاذ من البلاء، ويفسر فيقول إنه إذا جاع أفسد في الأرض وأن الصدقة تدفع هذا الفساد، فالشيوعيون كان يريدون ثورة ودماً ظآنين أن ذلك سيذهب بالظلم الاجتماعي ؛وهو خطأ بيّن وضلال مبين تبين لي عندما زرت الاتحاد السوفيتي الراحل في موسكو ،والتقيت هناك بشخص كان يحرص على حضور الإفطار مع وفدنا لأنه لا يجد بيضة يأكلها، وكان يعرف عشر لغات والرقعة في سرواله لا يخطئها بصر أحدنا، وكان قد هاجر من مصر في العشرينيات، سمعته يقول عشرات المرات: "أنا حمار، لأني لم أفهم إلا متأخراً"، وكنت أخلو إلى نفسي وأبكي على حال هذا الرجل الذي صار وراء أوهامه واكتشف الحقيقة متأخراً، وكذلك هو الحال في الاستماع إلى الحقائق الإلهية أو الاستماع إلى الأوهام البشرية.