رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا أصبحت الروايات التاريخية «الأكثر قراءة»؟.. أسرار البحث عن وقائع قديمة مجهولة

كتاب
كتاب

تزايد الاهتمام بالرواية التاريخية في الفترة الأخيرة ، لفت الانتباه خاصة بعد نجاح العديد من الأعمال الروائية والتي تصنف بالرواية التاريخية ، هذا ما  فتح الباب أمامنا لطرح أسئلة حول أسباب ذلك الزخم والصدارة التي تشهدها الرواية التاريخية، وعن رأي النقاد والكتاب في تصدر الرواية التاريخية للمشهد الروائي المصري والعربي جاء هذا التقرير التالي:

إبراهيم عبد المجيد 

 

 يقول الكاتب الروائي  إبراهيم عبد المجيد  للدستور "عشرات ومئات من الكتب عادة هي المرجع الأول لمن يريد أن يكتب رواية تاريخية خاصة وأن ما كتب على الآثار احتوته الكتب أيضا فيما بعد . لكن ماهو داخل الكتب يختلف . فهناك تاريخ كامل لكل العصور يخص الملوك ومعاركهم لكن تاريخ الشعوب شبه غائب وإن وجد فهو متناثر في شكل وقائع وأحداث متباعدة . استطاع عدد من المفكرين الوصول الي روح الأزمنة وأخرجوا من هذه الكتب ما أعادوا به بناء التاريخ من جديد ولعل الدكتور طه حسين من أشهرهم في كتب مثل "الوعد الحق" و"الشيخان" بل وأضاف من خياله مبكرا عن غيره في " علي هامش السيرة .

ولفت عبد المجيد إلى اتن هناك "ر كتاب كبار كتبوا روايات تاريخية منهم مثلا محمد سعيد العريان ونجيب الكيلاني وعلي أحمد باكثير , وكانوا يبحثون عن  مناطق النضال في تاريخ العرب والمسلمين وكان لهذا معناه وقيمته والدول العربية ترزح تحت الاستعمار ذلك الوقت . 

 

وتابع "كانت هذه الروايات علي قيمتها لا يهتم الكاتب فيها بالابداع في الشكل الروائي فهو مهموم أكثر بإعادة صور من الماضي حافلة بأشكال النضال والحب من أجل الأوطان. نجيب ممحفوظ طبعا فعل ذلك في بدايته لكن لسبب آخر وهو انه كان يريد ان يصنع للرواية العربية تاريخا كتاريخ الرواية في العالم .رواية تاريخية ثم رواية واقعية ثم رواية حداثية وهكذا . تطور شكله الروائي مع تقدمه في العمروالكتابة وفي بعض الأحيان سبق عصره ويمكن أن نكتب في ذلك يوما ما .

 

وختم عبد المجيد " في الخمس والعشرين سنة الأخيرة تكاثفت الرواية التاريخية في مصر والعالم العربي تحت وطأة القهر في البلاد كأنما لم يخرج الاستعمار فعرفت السجون من الكتاب والأدباء أكثر مما عرفت أيام الاستعمار . صار التاريخ ملاذا وبحثا عن زمن ضائع جميل أو بحثا عن اصول الخراب في عالمنا.

حسين حمودة 

من جهته يرى الناقد والأكاديمي دكتور حسين حمودة أن "لملاحظة حول تزايد النتاج الذي يرتبط بالروايات التاريخية، و"الروايات السيرذاتية" ملاحظة صحيحة فيما أتصور، والأرجح أن كل واحدة منهما أصبحت تمثل تيارا واضحا في الرواية العربية، وحتى وإن لم تدعم  هذه الملاحظة أرقام التوزيع الدقيقة الغائبة أو شبه الغائبة عن حياتنا الثقافية.. وفي تفسير ذلك يمكن التفكير في أن كل منهما تقدم مادة غنية وموثوقة، بطريقة ما، ومتسعة للكاتب الروائي. 

 

ولفت حمودة إلى ان " الرواية التاريخية إمكاناتها رحبة من حيث المادة التي يمكن استلهامها من وقائع التاريخ، وأيضا وطبعا من حيث إمكانات "التخييل" التي يستطيع الكاتب الروائي أن يفيد منها في إعادة تشكيل هذه الوقائع، وأن يصل بين زمنها القديم وزمنه الراهن. ورواية السيرة الذاتية أيضا تقدم للكاتب الروائي مادة ثرية، تستند إلى تجربة أو تجارب قريبة وحميمة، عاشها وأحاط بأبعادها وعرف خلالها شخصيات حية ووقائع متعددة.. كما أنها تقدم للكاتب الروائي إمكانات  للإطلال من حاضره الراهن، في زمن الكتابة، على المسيرة الطويلة أو القصيرة التي عاشها من قبل.. وحتى لو ارتبطت هذه الرواية بفترة زمنية قريبة، فإنها لا تخلو من غواية "إعادة النظر" والتأمل فيما آلت إليه وقائع وخبرة هذه الفترة، والوصل بين ما هو ذاتي أو فردي فيها وما ليس كذلك..

وختم حمودة "بوجه عام، ليست الرواية التاريخية، ولا رواية السيرة الذاتية، ظاهرتين جديدتين في مسيرة الرواية.. كل منهما كانت وظلت حاضرة في تاريخ الرواية، في كل الثقافات التي عرفت فن الرواية.. ولكن كل منهما شهدت موجات صعود وموجات انحسار.. ولعلنا الآن في موجة من موجات صعودهما..

عبير قورة 

وترى الروائية والأكاديمة دكتور عبير قورة صاحبة رواية "التاج "أن ما حدث من أحداث سياسية حاسمة وجسيمة وغير مسبوقة في مصر  ثورة يناير   وقول لا للنظام وانهياره ،ثورة ٣٠ يونيو وتحدي نظام الاخوان وتحقيق انتصار عظيم  وفي الحالتين بمساعدة عدة عوامل وارتكاب أخطاء مرورا بمحطات عبور سيئة ومراحل انتقالية مليئة بالتوتر والتعقيد جعلت المبدعين  يبحثون في التاريخ عن أنماط مختلفة للكتابة .

ولفتت قورة إلى ان " التغيرات التاريخية التي حدثت لنا في تلك الفترة القصيرة  فتحت طريقا للإبداع والبحث عن تاريخ ما حدث لنا في الماضي ماذا كنا ومن نحن وكيف اصبحنا حتى وصلنا الى هنا ،الى تلك العتبات ، وسهل الأمر تزايد دور النشر ودعم حركة الكتابة الإبداعية وسهولة النشر.

 وختمت قورة بالإشارة إلى أن" هناك عامل  آخر هام ومرتبط  بنجاح الكتابة التاريخية في بدايتها، جعل  العديد من الكتاب يفكرون  بطريقة انه إن كانت هذه الرواية التاريخية  نجحت  فلماذا لا اجرب انا ايضا ،ربما حالفني الحظ في كتابة رواية تاريخية جيدة ،  هذا الباب الذي فتح على دنيا التاريخ ساعد كثير من المبدعين ان يعثروا على الكنز الكبير الذي تخبئه سطور التاريخ من احداث وشخصيات مميزة وغنية وفريدة