ننشر الورقة البحثية لـ«قدوره العجني»: الشعر البدوي والقوة المصرية الناعمة
شارك الباحث قدوره العجنى بورقة بحثية بعنوان “الشعر البدوي والقوة المصرية الناعمة”، ضمن فعاليات الجلسة البحثية الرابعه في اليوم الثاني للمؤتمر الأدبي الثاني والعشرون لإقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، بحضور الشاعر إبراهيم خطاب.
وأدار الجلسة أحمد عطا، كما عرض بعض المواهب في الشعر لكل من "لقاء محي عطية التي ألقت قصيده بعنوان: "مصر، إبتهال" ، كما ألقي أحمد علاء قصيده من أشعاره.
وننشر الورقة البحثية لقدوره العجنى، والتى استهلها بتعريف مصطلح القوة الناعمة (بالإنجليزية: Soft power): هو مفهوم صاغه جوزيف ناي من جامعة هارفارد لوصف القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع. وفي الآونة الأخيرة، تم استخدام المصطلح للتأثير على الرأي الاجتماعي والعام وتغييره من خلال قنوات أقل شفافية نسبياً والضغط من خلال المنظمات السياسية وغير السياسية.
أما في العالم العربي فأمامنا عدة نماذج للقوة الناعمة وأولها مصر حيث تأثيرها القوي الناعم يبدأ من عصر الفراعنة على الأقل وتأثيرهم الثقافي والحضاري في العالم حتى اليوم، وتأثيرها الاقتصادي الناعم والمؤثر في عصر سيدنا يوسف وانتقال سيدنا يعقوب وأسرته وهم بيت النبوة، وذلك من مؤثرات القوة الاقتصادية، بل إنَّ مصَر كبلدٍ آمنٍ منذ قديم الأزل هو من جعل سيدنا إبراهيم أبوالأنبياء يأوي إليها فترة من الزمن، ونفس الأمر مع سيدنا عيسى وأمه السيدة مريم عليهما السلام، بل وثِقل مصر تاريخياً: هو من جعل من مصر القوة الناعمة التي لجأ إليها بنو إسرائيل تاريخياً ثم جاء ملك ديكتاتور في لحظة زمنية واستعبد هؤلاء الناس فأراد الله سبحانه تصويب هذا الخلل الحادث بفعل البشر بأن أرسل سيدنا موسى عليه السلام الذي ولد ونشأ وترعرع في مصر بل وفي بيت الفرعون نفسه وانتهت بغرق فرعون ومن معه من الطغاة وعادت مصر قوة ناعمة كما كانت، وتمثل حضارتها وأمنها وأمانها مطمع لكل الشعوب من الهكسوس إلى البطالمة إلى الإغريق.
وفي العصر الإسلامي كانت قُطر مصر تابعاً في بداية الأمرإما"لنجد والحجاز" في عصر الخلافة الأول، وإمّا للشام في عصر الدولة الأموية, أو لبغداد في عصر الدولة العباسية، ولكنها سرعات ما أخذت زمام المبادرة بعد أن اكتسبت اللغة العربية فتعربت، ثم أصبحت منارة لعلوم الدين والقرءان، وكبار القراء مثل الإمام"ورش" وعلوم الفقه مثل الإمام "الشافعي" وغيره، وفي سائر العلوم الإسلامية، ثم أصبحت عاصمة العالم الإسلامي في عصر الدولة الفاطمية، ثم الأيوبية بل وانتقلت خلافة المسلمين إليها حتى قيام الدولة العثمانية وهي أيضاً لم تكن لها على مصر إلا السيطرة الإسمية في أغلب الأوقات حتى عصر محمد علي الذي أصبحت فيها دولة مستقلة كاملة السيادة ومع أنها استمرت إسمياً عثمانية ولكن لم يكن لتركيا أي رأي، حتى اختيار الحاكم فهو أصبح وبشكل رسمي وراثة في أسرة محمد علي حتى قيام ثورة يوليو.
ومن جانبه، قام الزعيم جمال عبدالناصر، في تعضيد قوة مصر الناعمة من خلال الاستفادة القصوى لوسائل الإعلام والتعليم والأزهر والبعثات التعليمية والسينما والمسرح وكان من جرَّاء ذلك قيام ثورات وتغييرات كبرى في العالم العربي وإفريقيا بل وفي الشرق الأدنى وفي أمريكا الجنوبية، مما جعل القوى العظمى تهزم أما قوة مصر الناعمة، فتلجأ إلي القوة الغاشمة لمواجهة الخطر الداهم الذي يتهدد مستعمراتها في كل مكان.
هذا الدور المصري تقهقر فيما بعد لأسباب عديدة أهمها دخول مصر في عدة مواجهات عسكرية متلاحقة وإن كان لا بد منها، ولكن تأثيرها السلبي كان كبيراً مما جعل مصر تتحول بعد ذلك في محيطها الإقليمي من مقام المتبوع إلى مقام التابع، حتى جاء عصر اختلال القيم والموازين وطغيان قيم مادية بحتة وتغيرت أدوات القوة الناعمة إلى أدوات أحدث فصارت السوشيال ميديا وأدوات التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك والتويتر والواتساب والسناب شات وغيرها، عظيمة التأثير في المجتمعات البشرية، فتصنع الثورات وتروج لها وتخلع حكاماً، وتسقط حكومات، وتمرر أفكاراً من خلال الترويج للمظاهرات وهي قوة ناعمة أخرى، وتستعمل مصطلحات في منتهى النعومة بل وهي من رغائب كل البشر، تحت شعارات برّاقة ومحببة للنفوس مثل شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن الشعارات شيء والواقع شيء آخر.
والحديث في هذه الأمر يطول ولكن دعونا نلج مباشرةً إلى الشعر البدوي في إقليم غرب الدلتا وهو النموذج التطبيقي في هذا البحث حيث نجد فيه من القوة والثراء والتنوع ما يكفي وزيادة، وان عرجَّنا على قصيدة من الشعر الفصيح لارتباطها من ناحية بثقافة البادية العربية في مصر والإقليم وقائلها من نفس الإقليم ثم لاعتبار أن الشعر الفصيح هو الأصل الأصيل للشعر البدوي، وان كان الثاني ملحوناً خالياً من علامات الإعراب.