رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الزهرة الساحرة».. شفرة اختراق القاهرة لتنظيم القاعدة

أرشيفية
أرشيفية

"صمت الكبار" جملة تنطبق علي الأجهزة الأمنية المصرية، بعد الاتهامات التي طالتها في السنوات الأخيرة من القرن الماضي، وتواصلت لعدة سنوات تالية. الاتهامات التي وجهت إلى القاهرة تضمنت أمداد الاستخبارات الأمريكية للقاهرة على وجه الدقة بمعلومات حول قادة التيار الجهادي المصري.

غير أن الحقائق التي كشفتها حادثة مقتل "أبو أيمن المصري" أحمد إبراهيم البنا، قبل أيام أمام أحد الحواجز الأمنية السورية، عن زيف الإدعاءات التي روجتها الأجهزة الإعلامية الأجنبية طوال السنوات الماضية، وأن الأجهزة المصرية أخفت معلومات "مهمة" عن الجانب الأمريكي، وأن التعاون بين الفريقين المصري والأمريكي كان تبادل معلومات، وليس إمداد "العم سام" بالمعلومات.

التنظيمات الجهادية في سوريا، والاقتتال الدائر بين الفصائل الإسلامية هناك، كان ضمن السيناريوهات المصرية المحتمل حدوثها بين الحين والآخر.


نجحت أجهزة الاستخبارات الدولية، وعلى رأسها الإيرانية في اختراق تنظيم الجهاد المصري بزعامة "أيمن الظواهري"، منذ الإفراج عنه 1984 على خلفية اتهامه في قضية الجهاد الكبرى، المعروفة إعلاميًا بحادث "المنصة"، وما نتج عنها بمقتل الرئيس "السادات في أكتوبر1981.

في ذلك الوقت، كانت الأراضي الأفغانية هي الأرض الخصبة للجهاديين، كما كانت تمثل الأمر نفسه للاستخبارات الأجنبية، حيث التقى الطرفان في أفغانستان، على أرض "كابول".

الأجهزة الأمنية المصرية، لم تكن بعيدة هي الآخرى عن المشهد "الجهادي" داخل الأراضي الأفغانية، خاصة وأن الذين تمت مراقبتهم "مصريون" وسبق إتهام بعضهم في قضايا إرهاب، دون صدور أحكام إدانه، كما هو الحال مع "الظواهري"، والجانب الآخر من الجهاديين لم يتم رصده أو إدانته في عمليات إرهابية للأجهزة الأمنية، كما هو الحال مع "سيف العدل" وآخرين.

عملية "الزهرة الساحرة"، الاسم الحركي، المدون به ملف قادة الجهاد المصري، لدى الأمن المصري، بعد رصد جميع تحركاتهم الجهادية داخل الأراضي الأفغانية، ونجاحه في اختراق "الجهاديين" في العملية، التي أطلق عليها "الزهرة الساحرة" إشارة إلى مادة الأفيون الأفغانية الشهيرة.

ظلت العملية محاطة بالسرية التامة، ولم يطلع عليها غير القائمون عليها فقط، وهي المجموعة التي كشفت جميع التفاصيل عن عناصر الجهاد المصري بقيادة أيمن الظواهري، قبل انضمامة لأسامة بن لادن، وإعلان تنظيم القاعدة في أفغانستان.


بدا دور المخابرات الإيرانية ينكشف بعد انتهاء الحرب الإفغانية، من خلال القبض على عدد من قادة الجهاد، كان أبرزهم الشيخ رفاعي طه، قائد الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، وقائد عملية "الدير البحري" بالأقصر في 1997، والتي أودت بحياة 58 أجنبيًا، أغلبهم من اليابان وبعض السويسريين، وهي المذبحة التي أطاحت بوزير الداخلية في ذلك الوقت اللواء "حسن الألفي".

خرج "رفاعي" من مصر بعد الحادث مباشرة، وتنقل بين عدة دول عربية وإسلامية، وأثناء خروجه من أفغانستان، رصدته المخابرات الإيرانية، خلال عبوره حدودها مع أفغانستان، وتم سجنه في "طهران" قبل تسليمه إلى الأجهزة الأمنية السورية، التي سلمته بدورها إلى للقاهرة في 2001 ومحاكمته.

أحمد النجار، الذي تم تسليمه من ألبانيا عام 1998، وذلك بعد اعتقاله في أفغانستان على أيدي الأجهزة الإيرانية عام 97، وأثناء اعتقاله عثرت السلطات الإيرانية، على أقراص مدمجة لتنظيم "القاعدة ".

"النجار" هو أحد أخطر العناصر الإرهابية، الذي تسلمته "القاهرة" منذ بدء العمليات الإرهابية في مصر، لكونه يعرف الكثير عن تفاصيل تنظيم القاعدة، وقوائمه الإرهابية وخططه المستقبلية في العديد من الدول التي تم تخطيطها بمعرفة زعيم "القاعدة"، أسامة بن لادن، ونائبه أيمن الظواهري، الذي وثق في "النجار"، وهو ما أهله ليكون "الصندوق الأسود" للتنظيم الإرهابي.

نظرًا لأهميته أصطحبه جنرال أمريكي، قائد إحدى القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج، على متن طائرة عسكرية أمريكية، وتسليمه للأجهزة المصرية، حيث التقى الجنرال الأمريكي، بكبار مسئولي الأجهزة الأمنية المصرية، وأطلعهم على محتوى الأقراص المدمجة- التي حصلت أمريكا على نسخة منها بالطبع- وذلك نظرا لأهمية "النجار"، لأنه كان الخيط الأول لمعرفة استخدام "القاعدة" لأحدث أنواع التكنولوجيا "الكمبيوتر" في ذلك الوقت، لتتغير مفاهيم الأجهزة الأمنية العالمية، بكشف الستار عن براعة "القاعدة" في استخدامها للتكنولوجيا الحديثة، ولتبدأ مرحلة جديدة في حياة كل من الإرهاب والأمن.

سيف العدل "المسئول العسكري في تنظيم القاعدة، وهو ضابط سابق يمتلك قوة جسمانية، بفضل التدريبات التي حصل عليها خلال عمله في مصر، كما يعتبر واحدًا من أفضل رجال التنظيم، وهو مؤسس عمليات التفجيرات للتنظيم الإرهابي، فضلا عن أجادته التعامل للفنون القتالية، في حرب الكر والفر والمعروفة بـ"حرب العصابات".

يُقال إن "العدل"، مهندس تفجير السفارة المصرية في باكستان، والتي جاءت ردًا على عملية الاختراق التي قامت بها "الاستخبارات المصرية، بالعاصمة السودانية "الخرطوم" في عهد حسن الترابي، القيادي الإخواني، الذي منح للإرهابيين، حرية التواجد في جنوب مصر.

الاستخبارات المصرية، نجحت في اختراقه "الجهاد" ومعرفة تفاصيل كاملة عن التنظيم، قبل كشف المخابرات السودانية لعملية الاختراق خلال أقامتهم في السودان.