رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: الحقيقة العارية «2».. هيكل يحضر لحظة إعدام قاتل النقراشى

جريدة الدستور

لم يكن حسن البنا يعرف الصحفى الشاب محمد حسنين هيكل جيدًا، لو كان يعرفه ما عرض عليه رئاسة تحرير جريدة «الإخوان المسلمون»، لكن هيكل كان يعرف نفسه ويثق فى كل ما يفعله خلال مشواره المهنى، وكان يعرف كذلك إخلاصه للمهنة التى لا بد أن يكون لجمهورها النصيب الأكبر فيها، وقد استطاعت هذه المعرفة أن تنقذه من الفخ الإخوانى الذى لو كان وقع فيه لظل وصمة عار مهنى تطارده طوال حياته، ولا أدرى ما الذى كان يمكن أن يقوله تبريرًا لهذه الزلة التى نجاه الله منها. 

انصراف هيكل عن حسن البنا، وعن صحافة جماعة الإخوان، لم يصاحبه انصراف عنه أو عنها، فقد ظل طوال حياته يرقبها ويراقبها من موقعه كمخبر صحفى، وهى الصفة التى ظل يعتز بها ويمارسها طوال حياته، صحيح أن جماعة الإخوان تحتل فى كتاباته وكتبه قدرًا يسيرًا، لكنه كان كافيًا جدًا، لنعرف وجهة نظره فيها وموقفه منها. 

يمكنك أن تعتبر عدم خوض هيكل كثيرًا فى سيرة الإخوان عبر كتاباته كان تعاليًا من الكاتب الكبير، لكن فى حقيقة الأمر يبدو لى ما فعله متسقًا مع ما كان يشغله من أمور حركات الإسلام السياسى فى العالم كله، وهى الحركات التى كتب عنها كثيرًا، ولم تكن الجماعة المحلية إلا جزءًا منها، لذلك فقد تطرق إليها بما يناسب حجمها وتأثيرها. 

كان القدر يضع هيكل فى طريق جماعة الإخوان دائمًا، ومن بين تصاريف القدر أن هيكل كان يقوم بتغطية حرب فلسطين ١٩٤٨، لذلك فهو يعرف أكثر من غيره ما حدث هناك على الأرض، لذلك لم يستسلم لما روجه الإخوان عن بطولاتهم فى هذه الحرب، بل كان على بينة تامة بحقيقة ما فعلوه. 

فى حواره الذى أجراه هيكل مع لميس الحديدى فى ٢٢ مارس ٢٠١٣، وكان الإخوان لا يزالون فى الحكم، أجمل الأستاذ رأيه فيما حدث. 

قال: أريد أن أقول إن كثيرًا مما أسمع ومما يقال عن دور الإخوان فى حرب فلسطين غير حقيقى. 

يمنح هيكل شهادته حيثياتها التى تسندها وتدعمها، فقد كان- كما قال- هو الشاهد الوحيد على ما جرى، وكان الوحيد فى ذلك الوقت الذى سار على قدميه من القدس إلى بيت لحم والخليل عابرًا الكثير من المستوطنات. 

يقول هيكل: صحيح الإخوان كانوا موجودين وشاركوا فى المعارك، لكننا فى هذا الوقت كنا نتحرك فى الجزء المخصص للتقسيم، وجميع الدول العربية قبلت قرار التقسيم، ودخلنا جميعًا فلسطين فى إطار التقسيم، حيث حرصت كل دولة عربية على العمل ضمن القرار، وكانت المستعمرات وقتها تلك الموجودة فى الجنوب فى النقب، وجميع المعارك أسهمت فيها المدافع بدرجة أولى، ولا جدال أن هناك بعض الأعمال البطولية فى هذه المعركة بوجه عام، لكنها كانت فى إطار محدود، وكان الإخوان تحت قيادة كمال الدين حسين فى المدفعية، لكن لم يحدث أنهم قاموا بحماية مؤخرة الجيش المصرى وقت الانسحاب كما يرددون، فهذه كلها أساطير أُضيفت بعد المعارك.

بعد عودة هيكل من أرض فلسطين وجد حالة هائلة من التوتر، وكانت جماعة الإخوان حاضرة فيها بقوة، بل كانت العامل الأساسى فيها، فهى التى كانت تفجر وتغتال وتصر على إشاعة أكبر قدر من الفوضى، وهنا يظهر حسن البنا على خريطته مرة أخرى. 

مصطفي امين

يحكى هيكل ما حدث، يقول: اصطدم حسن البنا ومصطفى النحاس، وتصاعد الصدام فى سنة ١٩٤٨، سنة حرب فلسطين، حيث استغل الإخوان ما حدث من اضطراب وانهيار، فى ذلك الوقت كنتُ صحفيًا شابًا، وأتذكر أن كل دور السينما كان بها قنبلة، وأتذكر الاغتيالات التى لم تتوقف، أحمد ماهر، النقراشى، الخازندار، سليم زكى، حكمدار القاهرة، وغيرهم، لم يكن يمر شهر إلا وتقع حادثة مدوية، ودخل النظام فى مواجهة، ونجح النظام فى المواجهة رغم أنه كان ضعيفًا. 

توالت الأحداث عاصفة حتى وصلنا إلى ١٦ يناير ١٩٤٩. 

فى هذا اليوم قام أعضاء التنظيم الخاص بتفجير محكمة الاستئناف بمنطقة باب الخلق، يومها تطوع شفيق إبراهيم أنس، أحد أعضاء التنظيم، لينقذ أعضاء الجماعة الذين تورطوا فى اغتيال النقراشى، والتخلص من مستندات النظام الخاص، التى وجدت فى سيارة «جيب» تم ضبطها قبل أيام. 

حمل شفيق حقيبة وذهب بها إلى محكمة الاستئناف بباب الخلق بوسط القاهرة، وادعى أنه مندوب من خارج القاهرة جاء بقضايا يعرضها على مكتب النائب العام، وترك الحقيبة ثم انصرف بحجة تناول الإفطار، وبعد مغادرته بدقائق شك الموظفون فى أمر الحقيبة فحملوها إلى خارج المحكمة لتنفجر على الفور. 

فى التحقيقات اعترف شفيق بأنه خطط للتفجير، حتى ينسف المحكمة، ليتخلص تنظيم الإخوان من أوراق ومستندات السيارة «الجيب»، وأن الخطة كلها وضعها قادة التنظيم وأشرفوا على تنفيذها. 

تفجرت قضية السيارة الجيب بعد ما يقرب من عشرين يومًا فقط على اغتيال الإخوان محمود فهمى النقراشى، رئيس الوزراء آنذاك، وكان لا بد أن يتصرف حسن البنا وبسرعة. 

تقول لنا المدونات التاريخية إن حسن البنا أصدر بيانًا واضحًا، وهو البيان المعروف بـ«ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين». 

وهنا لا بد أن نسأل: 

أولًا: هل كان حسن البنا على قناعة بأن قاتل النقراشى وشركاءه الثلاثة بالفعل «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»؟ 

حسن البنا

وثانيًا: ما علاقة هذا الحديث عن اغتيالات الإخوان وبيان «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين» بمحمد حسنين هيكل؟ 

يمكننا أن نجيب عن السؤال الأول بقراءة بسيطة لخريطة عقل الإخوان، التى لم تتغير أبدًا. 

فأنا أعتقد أن ما فعله البنا ببيانه كان مناورة منه أكثر من كونه تعبيرًا عن قناعة بجريمة وخطأ من قتلوا محمود فهمى النقراشى.

كان يريد أن ينجو بما تبقى من جماعته، يقدم فروض الولاء والطاعة لمن بأيديهم القرار، وفى النهاية ينقذ رقبته، بعد أن أدرك أن حياته ستكون مقابل حياة رئيس الوزراء لا محالة، وهو ما يجعلنى أرى دائمًا أن حسن البنا هو من قتل نفسه، فقد دفع خصومه دفعًا إلى اغتياله. 

وما يؤكد لى أن البنا لم يكن راغبًا فى إصدار بيانه «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، ما تكشف من أن هذا البيان تحديدًا كتبه الصحفى الكبير مصطفى أمين، وهى رواية كانت متداولة على نطاق ضيق بين العالمين ببواطن الأمور داخل الجماعة. 

كان مصطفى أمين صديقًا لحسن البنا، أو على الأقل من معارفه المقربين، فى مكتبه بـ«أخبار اليوم» جرت المفاوضات، تم دفع البنا دفعًا لأن يصدر البيان الذى فارق عنوانه عناوين بيانات الجماعة التى كانت تنحاز إلى أن تكون بيانًا للناس، أما «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين» فهو عنوان صحفى يمكننا أن نكتشف بسهولة أنه من عناوين مدرسة مصطفى أمين. 

نقل مصطفى أمين إلى صديقه حسن البنا أنه لا بد أن يصدر بيانًا واضحًا وصريحًا يدين فيه ما جرى للنقراشى وللأحداث التى جرت بعد ذلك، لأن هناك اتجاهًا لجعله شريكًا فى الجريمة، وأنه سيلقى نفس عقوبة القاتل، وأن إنقاذه الوحيد لن يكون إلا بالاعتراف الكامل والتفصيلى عن قيادات عناصر التنظيم الخاص، وكشف أماكن اختبائهم، ومخازن الأسلحة التى يتم استخدامها فى العمليات الإرهابية. 

عبد المجيد احمد حسن

لم يوافق البنا على إصدار البيان فى البداية، تردد، كان يعرف أن هذا البيان لن يكلفه خسارة جماعته فقط، بل يمكن أن يجعله يخسر حياته، فى الحالتين لن يخرج رابحًا، لكنه فى النهاية رضخ وأبلغ مصطفى أمين بأنه يوافق على البيان الذى كتبه مصطفى كاملًا، ولم يكن للبنا فيه أى دور إلا التوقيع عليه. 

كان البيان فى نصه كالتالى: «وقع هذا الحادث- حادث محاولة نسف مكتب سعادة النائب العام- وذكرت الجرائد أن مرتكبه كان من الإخوان المسلمين، فشعرت أن من الواجب أن أعلن أن مرتكب هذا الجرم الفظيع وأمثاله من الجرائم، لا يمكن أن يكون من الإخوان ولا من المسلمين، لأن الإسلام يحرمها، والإخوان تأباها وترفضها». 

«ومصر الآمنة لن تروعها هذه المحاولات الأثيمة، وسيتعاون هذ الشعب، الحليم الفطرة، مع حكومته الحريصة على أمنه وطمأنينته فى ظل جلالة الملك المعظم على القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة». 

«وليعلم أولئك الصغار من العابثين أن خطابات التهديد التى يبعثون بها إلى كبار الرجال وغيرهم، لن تزيد أحدًا منهم إلا شعورًا بواجبه، وحرصًا تامًا على أدائه، فليقلعوا عن هذه السفاسف، ولينصرفوا إلى خدمة بلادهم، كل فى حدود عمله، إن كانوا يستطيعون عمل شىء نافع مفيد». 

«وإنى لأعلن أننى منذ اليوم سأعتبر أى حادث من هذه الحوادث يقع من أى فرد سبق له اتصال بجماعة الإخوان، موجهًا إلى شخصى، ولا يسعنى إزاءه إلا أن أقدم نفسى للقصاص، وأطلب من جهات الاختصاص تجريدى من جنسيتى المصرية، التى لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء، فليتدبر ذلك من يسمعون ويطيعون، وسيكشف التحقيق، ولا شك، عن الأصيل والدخيل، ولله عاقبة الأمور». 

الأمر هنا بين حسن البنا وصديقه مصطفى أمين، فما علاقة محمد حسنين هيكل بكل ذلك؟ 

يمكننا أن نقرأ ما كتبه الباحث عمرو فاروق فى مقاله «لماذا قتل الإخوان حسن البنا؟» الذى نشرته جريدة «النهار» اللبنانية فى ١٤ فبراير ٢٠٢١. 

يتحدث عمرو عن المفاوضات التى سبقت إصدار بيان «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، يقول: قاد المفاوضات من داخل مكتبه فى مقر مجلس الوزراء وزير الدولة مصطفى مرعى بتكليف من رئيس الوزراء إبراهيم باشا عبدالهادى، وبتشاور مع الكاتب الصحفى مصطفى أمين، رئيس تحرير أخبار اليوم والصديق الشخصى لحسن البنا، الذى أقنعه بضرورة كتابة بيان واضح يتبرأ فيه من منفذى العمليات الإرهابية وتسليمهم، وشعر البنا بأنه فى حاجة لاستشارة المقربين منه. 

استشار حسن البنا بالفعل صديقه فريد عبدالكريم، الذى تحدث فى مذكراته عن جزء من تفاصيل هذه الواقعة، قبل اتخاذ قرار ربما يضع حسن البنا تحت طائلة القانون والمعاقبة الجنائية من جهة، وبين المواجهة المباشرة مع قيادات التنظيم الخاص من جهة أخرى، الذين لن يتورعوا عن التخطيط لاغتياله شخصيًا، لا سيما بعد تلقيه رسائل تهديدية تثنيه عن محاولة كشف أسرار الكيان المسلح وقياداته ومحطة الإذاعة السرية وأماكن الأسلحة. 

يستأنف عمرو فاروق روايته، يقول: فى محاولة للمراوغة السياسية أعلن البنا قراره بالموافقة على إصدار بيان يتبرأ فيه من العناصر المنفذة للعمليات الإرهابية، من دون أن يكون محرضًا عليهم، تجنبًا لرد فعلهم المحسوم، بعد اتفاق مبرم بينه وبين مصطفى مرعى ومصطفى أمين، داخل مكتب الأخير فى مؤسسة أخبار اليوم، على نقاط أساسية يتضمنها البيان السياسى، بناء على مقترحات قدمها الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل الذى كان يتابع تفاصيل اجتماعات التفاوض باهتمام بالغ. 

النقرشي

لا نعرف مصدرًا معتبرًا لهذه الرواية، خاصة أن لدينا رواية لهيكل نفسه يتحدث فيها عمّا جرى فى لقائه الثانى والأخير مع حسن البنا، وهو اللقاء الذى جرى فى مكتبه بمؤسسة «أخبار اليوم»، وهى الرواية التى رواها وهو يتحدث عن الإخوان وتأثيرهم على الحكم فى حلقات الجزيرة الشهيرة فى العام ٢٠٠٦. 

كان هيكل يجلس فى مكتبه فى «أخبار اليوم»، عندما عرف أن حسن البنا يسأل عنه، وبمجرد أن دخل عليه، أخبره بأنه جاء ليلتقى مصطفى أمين ومصطفى مرعى وعبدالرحمن عمار، وكيل وزارة الداخلية، وأنهم موجودون بالفعل فى مكتب مصطفى أمين، لكنهم طلبوا منه أن ينتظرهم قليلًا حتى ينتهوا من حديثهم، الذى يبدو أنه كان يدور عن تفاصيل البيان الذى سيصدر باسم حسن البنا. 

يقول هيكل إن حسن البنا فى اللقاء الثانى لم يكن هو حسن البنا الذى التقاه قبل ثلاث سنوات فى مقر الجماعة بالحلمية، كان خائفًا ومترددًا ولديه يقين بأنه سيدفع ثمن العمليات الأخيرة التى قام بها شباب الإخوان، والتمس هيكل العذر للبنا فى إحساسه الذى كان باديًا على ملامحه، فهو فى النهاية بشر. 

بعد أن أنهى البنا حديثه مع هيكل خرج متوجهًا إلى مكتب مصطفى أمين، ليفاجأ هيكل بنص البيان الذى صدر بعنوان «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، رغم أن حسن البنا كان يحمل بيانًا كتبه بنفسه عنوانه «هذا بيان للناس»، وعرف هيكل أنه تم تجاهل بيان البنا لصالح البيان الذى كُتب فى مكتب مصطفى أمين. 

من ظاهر الرواية نعرف أن هيكل لم يكن له أى علاقة ببيان «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، لم يضع النقاط الأساسية التى تمت صياغته على أساسها، ولم يسهم فى كتابته، بل قرأه كما قرأه الآخرون تمامًا. 

كان هيكل بعد ذلك شاهدًا على المحاكمات التى جرت لقاتل النقراشى وللمتهمين فى حادث السيارة «الجيب»، حيث حضرها وقام بتغطيتها، وقد ساعدت مشاركته فى الكتابة عنها فى أن تجعله يقف بوضوح على مدى الجرم الذى ارتكبته جماعة الإخوان فى حق الشباب الذين قامت بتجنيدهم ثم تخلت عنهم ودفعتهم إلى الجحيم بلا مبالاة. 

من بين أرشيف هيكل فى «آخر ساعة» تقرير مهم جدًا عنوانه «رأيت إعدام قاتل النقراشى أمس». 

كان قاتل النقراشى هو الشاب عبدالمجيد أحمد حسن، وكانت هناك محاولة فى البداية لإخفاء هويته الإخوانية، لكن ويكيبيديا «الإخوان المسلمون» كشفت قصته الكاملة مع الجماعة. 

فهو من مواليد العام ١٩٢٧، وتعرف على الإخوان فى العام ١٩٤٢ وعمره ١٥ عامًا، وهو طالب فى مدرسة فؤاد الأول الثانوية، والتحق بشعبة الظاهر ومقرها شارع السكاكينى، ثم انتقل إلى شعبة الحدائق، واشترك فى فرقة الجوالة، وكان يحضر حديث الثلاثاء بالمركز العام للإخوان المسلمين، وأصبح مسئول الإخوان فى مدرسته، ثم واصل نشاطه الإخوانى عندما التحق بكلية الطب البيطرى. 

وفى العام ١٩٤٦ اُختير عبدالمجيد أحمد حسن ضمن النظام الخاص للإخوان، بعد أن اجتاز اختبارات القبول للانضمام بنجاح، وتم تكليفه باغتيال النقراشى فى ٢٥ ديسمبر ١٩٤٨. 

عندما عرف هيكل أنه سيتم تنفيذ حكم الإعدام فى عبدالمجيد أحمد حسن بسجن الاستئناف فى ٢٥ أبريل ١٩٥٠ طلب أن يحضر لحظة التنفيذ بنفسه. 

يقول عن ذلك: دخلت مع فرقة الإعدام إلى الغرفة التى كان يجلس فيها القاتل، وجلست معه ما يقرب من عشر دقائق، وسرت معه وفرقة الإعدام ترافقه إلى غرفة التنفيذ، وكنت إلى جواره وعشماوى يتسلمه، ورأيته وهو يتشهد والحبل يلتف حول عنقه، ثم وجسده يتدلى. 

خرج هيكل من هذه اللحظة بقناعة أنه لا بد من النظر إلى الشباب، وإلى الطريقة التى نتعامل بها معهم، فهذا شاب لعبت الجماعة بعقله، ودفعته دفعًا إلى أن يرتكب جريمة، كان يعتقد أنه يتقرب بها إلى الله، وفجأة يجد الجماعة تتخلى عنه، بل تخرجه من الإسلام ببيان رسمى، وهو البيان الذى حرصت جهات التحقيق على أن يقرأه فى محبسه، وكان لذلك العامل المهم فى انهياره واعترافه بكل ما فعله. 

غدًا: هيكل ينشر تقريرًا بريطانيًا يتنبأ باغتيال عبدالناصر فى المنشية