فاطمة الصعيدي: محمد إبراهيم طه ينطلق من تراكم ثقافي يمزج بين التراث والمعاصرة
قالت الناقدة الدكتورة فاطمة الصعيدي خلال مناقشة رواية «شيطان الخضر» للكاتب الدكتور محمد إبراهيم طه، ضمن فعاليات الصالون الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب ــ ملتقى الإبداع في الرواية: «نحن بصدد رواية مهمة، ومن النظرة الأولي للغلاف، حيث يظهر رجل معمم بشال أخضر، وهو ما يشي بالعارفين بالله والمتصوفة، الذين نراهم في قرانا بدلتا النيل والصعيد، وبالتالي تحيل إلى الموالد الشعبية وتمثل جزء من وجداننا الخاص».
وأضافت: «هذا الرجل المعمم نراه يولي ظهره للدنيا، ينظر إلى الفضاء الشاسع، ويري ما لا نراه، رجل عارف بالله تخلص من مادية الجسد بحثا عن الروح وشفافيتها».
وعن تحليل عنوان الرواية «شيطان الخضر»، تابعت: «تغلب المقابلة على عنوان الرواية في «الشيطان والخضر»، فالخضر بما له من مرجعية دينية تواقة إلى الإيمان، وما يمثله من عالم صوفي، أما الشيطان وما بالمفردة من حمولات ثقافية ودينية، فيمكننا أن نراه شيطان الشعر، ويمكن أن يأتي لنا بهذه المغامرات كما في قصة آدم وحواء في الجنة، وكيف يتحايل الشيطان علي البشر ليقوم بغوايتهم، كل هذه تفسيرات أتاحها المؤلف دكتور محمد إبراهيم طه، لمتلقيه يفسرها كما يريد».
أما عن مفاتيح رواية شيطان الخضر للكاتب الدكتور محمد إبراهيم طه، قالت الناقدة دكتورة فاطمة الصعيدي: تفتتح الرواية بعبارة: «كل الروايات ناقصة إلا روايتي»، وهي العبارة التي جاءت على لسان «يوسف المنعكش» فهو الذي يري ما لا نراه، ويدخل إلى عوالم غير عوالمنا الزائلة، وهو ما يضمنه الكاتب من كلمات مفتاحية في بداية الرواية.
وقالت: «اختار المؤلف شخصية حسن الجوخ سيده وتاح راسه، هذه الشخصية التي تحطم كل ثابت في أركان شخصية الخضر، لكي يعيد البناء، لذا جاء اختيار المؤلف لهذه الشخصية، سوف تعيد ترتيب أفكاره، أنا شخصية يوسف المنعكش اختيار المؤلف لهذه الشخصية المرجعية ويستشرف من هذا الشخص الغض وما يملكه من مرجعية إيمانية، وكأن المؤلف يقول ما مفاده بأن مهما فعل الشيطان، فإن الأخضر لن يشتعل ولن تقضي عليه النار، وهكذا استطاع محمد إبراهيم طه أن يثبت لنا ما يريد، فمهما حدث للشخصية الإنسانية من غواية، فأجعلها ترتبط بالأرض خصوصا إذا كانت التربة التي يغرس فيها ترتوي من نهر النيل الجميل، فأنها ستقاوم غواية الشيطان، فـ"محمد إبراهيم طه" ينطلق من تراكم ثقافي يمزج بين التراث والمعاصرة».
رواية «شيطان الخضر» هي الرواية السادسة للقاص والروائي محمد إبراهيم طه، بعد رواياته الخمس: «سقوط النوار» و«العابرون» و«دموع الإبل وباب الدنيا والبجعة البيضاء».
والروائي الدكتور «محمد إبراهيم طه» حصل على جائزة الشارقة الأدبية عام 2000، كما حصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 2001، بالإضافة إلى جائزة يوسف إدريس عام 2008، صدرت له من قبل أعمال أدبية كثيرة منها «توتة مائلة على نهر» قصص عام 1998، الركض فى مساحة خضراء قصص عام 2006، امرأة أسفل الشرفة قصص 2012. "الأميرة والرجل من العامة" قصص 2021 وغيرها.
في رواية «شيطان الخضر» للكاتب محمد إبراهيم طه خيط درامي خفيف غير واضح وغير خفي، أشبه بالعلامة المائية، يسوق الأحداث للأمام، بلا صخب كأنها تتحرك ذاتيا، بما يسمح للرواية أن تتأمل وتتفلسف وتستعرض قناعاتها ببساطة، وصولا إلى مصائر الشخوص، لتبدو الرواية في الإجمال بأحداثها وشخوصها وقضاياها كشطحة روحية في عوالم واقعية وإنسانية، كأنها رواية غير مصنوعة، وليس وراءها كاتب، ما جعلها أقرب إلى مقطوعة موسيقية مجهولة المؤلف، أو كأن الطبيعة أوجدتها هكذا.