أيمن حماد: «جنازة بوتشي» أبرزت دور القوى الناعمة في مواجهة التشدد
قال الناقد الدكتور أيمن حماد، إن رواية "جنازة بوتشي" رواية شاعرية كتبها الروائي أحمد صبري أبو الفتوح بذكاء شديد وتنتمي الرواية إلى الروايات التي تتناول العلاقة بين الشرق والغرب، مثل روايات الحي اللاتيني لسهيل إدريس، موسم الهجرة إلي الشمال للطيب صالح، عصفور من الشرق لتوفيق الحكيم، ورواية أصوات لسليمان فياض.
جاء ذلك خلال مناقشة رواية "جنازة بوتشي"، للكاتب أحمد صبري أبو الفتوح، ضمن فعاليات الصالون الثقافي بمعرض القاهرة للكتاب في نسخته الـ53.
وأوضح "حماد"، أن بطل الرواية ينتقل للدراسة في الغرب ويصطدم بالعادات والتقاليد الغربية المنافية للعادات الشرقية التي تربي عليها البطل.
وتفرد الكاتب أحمد صبري أبو الفتوح بتركيزه من خلال السرد الروائي علي ما مررنا به وعانيناه من آثار التشدد الديني في المنطقة العربية، من خلال تركيزه على الشخوص الروائية وتشريحها، منطلقا من آفة التشدد الديني والتمسك بمذهب فقهي واحد، ورفض التعدد، رغم أنه في التعدد رحمة لنا.
ولفت الناقد، إلي أن “أبو الفتوح” نجح في نسج شخوص الرواية، حيث أن بطلة الرواية ومحورها الكلبة "ديزي"، وفيها ركز على سمات فنية تعد تجريبًا عن الروايات التي تتناول العلاقة بين الشرق والغرب، كما أن البنية الحوارية في رواية "جنازة بوتشي"، كاشفة عن معتقدات شخوص الرواية ومستوى ثقافتها والبيئة المنحدرة منها.
وأضاف “حماد”، أن الحوار والجدال بين شهاب الدين وابنته "جينيفر"، وهو جدال نلحظ من خلاله أن التعاون بين الأديان وانفتاحها، وانفتاح معتنقيها على الآخر، بمعنى أن البطل شهاب الدين حينما ذهب إلي أوروبا ليدرس، ثم عاد إلي وطنه كان ومازال متمسكا بالتشدد الديني والمذهب الواحد، بينما ابنته "جنيفر" تغلبت عليه في المناقشة، نظرا لإطلاعهم على المذاهب المختلفة، وتحديدا المذاهب الفقهية التي تنفي نجاسة الكلاب.
كما ترصد رواية "جنازة بوتشي" للروائي أحمد صبري أبو الفتوح، تلفت إلي أن التشدد الديني والتمسك بمذهب ديني واحد، هو ما يفسد العلاقة بين الشرق والغرب، ويجعلها دائما متوترة، نظرا للخوف المتبادل بين الطرفين. فبينما يري الشرق أن الغرب يتآمر عليه لهدم دينه، يتوجس الغربي من الشرقي ويراه متطرفا متشدد قد يودي بحياته لمجرد اختلاف الآراء والعقائد.
ولفت "حماد" إلى أن هنا يأتي دور الفن والثقافة والقوي الناعمة في عمومها، فهي القادرة علي القضاء علي الأفكار المتشددة، ونتخذ منه وسيلة لإقناع الآخر بديننا المتسامح وأننا لسنا علي طرفي نقيض، ولا نسعي إلي القضاء عليه.
وشدد "حماد" على أن مؤلف الرواية نجح في استخدام التقنيات السردية بذكاء شديد، وتكاد الرواية أن تكون تموذجا للروايات والكتابة التي استوفت شرط الكتابة.
كما اتكأ على "المونولوج" في إبراز العلاقة بين الشرق والغرب، وهو ما نلحظه في الحوار بين شهاب الدين وزوجته، وكيف تركها علي ديانتها المسيحية، كما ترك لها حرية ممارسة طقوسها وعباداتها الدينية في الكنيسة.
كما أن المونولوج أيضا في الرواية أبرز ما يعتمل في نفوس شخصيات الرواية، وما يدور داخلها، كما تعكس ثقافة شخصيات الرواية، وثقافة البيئة المنحدرة منها أو المنتمية إليها. لذا جاءت البنية الحوارية في الرواية كاشفة عن دخائل شخوصها. بالإضافة إلي لغة الرواية الشفيفة، التي عبر بها صبري أبو الفتوح عن قضية العلاقة بين الشرق والغرب.