بعد أزمة بسنت.. مبادرات تحارب ظاهرة الابتزاز الإلكتروني
أخبار الحوادث في مصر أصبحت لا تخلو من جرائم الابتزاز الإلكتروني، كونها تُعد من أسهل وسائل الحصول على المال بطرق غير شرعية، فقط يبدأ الأمر بصورة لفتاة ما ثم يتم تحوليها عبر برامج تعديل الصور إلى شئ مزيف لا يمت للحقيقة بصلة، لكن من يراه سيصدقه على الفور.
الإمكانيات التكنولوجية الحديثة جعلت هذه الجريمة مُحكمة، لا يمكن الشك فيها إلا بمساعدة أحد الخبراء المتخصين في هذه البرامج؛ ما عرض العديد من الفتيات للابتزاز الإلكتروني خلال الفترة الأخيرة.
قضية "بسنت" التي أربكت المصريين بين ليلة وضحاها لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فالجريمة سهل ارتكابها في أي وقت ومع أي شخص، لكن الأزمة هنا تكمن في عدم تعاطف أهل الضحية معها ووقوفهم في صفها في أغلب الأوقات ما يجعل الانتحار هو الفكرة الوحيدة التي ستبادر ذهن الفتاة في لحظات الضعف والوحدة والخوف من الوصم المجتمعي.
مها نجم، الأم الأربعينية، التي تعيش تفاصيل قصة "بسنت" في الوقت الحالي مع ابنتها "بسملة"، اختارت أن تواجه ما تتعرض له الفتاة من تشوهات أخلاقية وابتزاز واضح، موجهة استغاثتها إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي لينقذها من الدّمار النفسي المسيطر على الأسرة، وغّير موازين حياتهم بشكل كبير.
تقول الأم التي تقدم محتوى عبر قناتها الشخصية بموقع "يوتيوب"، إن الأشخاص الذين ليست على وفاق معهم، تعمدوا إيذائها في ابنتها الصغيرة، وبدأوا في الحصول على صورها الخاصة المنشورة على "فيسبوك"، ووضعوا عليها تصميمات إباحية بل وغّيروا من معالمها تمامًا، لتصبح السيدة أمام أمر واقع.. "الدفع أو الفضيحة".
تحاول "مها" فرض سيطرتها على الوضع حتى وقتنا هذا، ومنعت الابنة من الذهاب إلى الجامعة، خوفًا من التعرض لمضايقات وسط زملائها، حتى تستجيب لها الجهات المعنية، ويتدخلون لحل المشكلة؛ ما جعلها تكتب قصتها بشكل صريح عبر صفحات "الفيسبوك"، بعد انتشار قضية "بسنت"، خوفًا على الفتاة من الانتحار.
لا توجد إحصاءات رسمية عن معدل جرائم الابتزاز الإلكتروني، كونها خفية بشكل تام، ففي عام 2018، أعدت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب المصري، دراسة كشفت عن تقديم 1038 بلاغاً بجريمة إلكترونية، منها جرائم الابتزاز الإلكتروني خلال شهرين فقط.
السطور التالية تتناول آليات التعامل الصحيحة مع من يتعرضن لمثل هذه المواقف الإجرامية، وكيفية منه تكرار استغلال الفتيات بهدف الحصول على مكسب مادي، وأحياناً جنسي.
في الوقت الذي تعاني فيه الفتيات من هذه الجرائم، ظهرت مبادرات عدة تحاول إنقاذهم، وتشردهم إلى طرق التعامل مع هؤلاء المجرمين، كان من بينهم صفحة "قاوم" على موقع "فيسبوك"، والتي خصصت عملها لدعم ضحايا الابتزاز الإلكتروني، والتصدي لهذه الظاهرة من حيث تلقي شكاوى الفتيات، وتقديم الدعم لهم من خلال اللجوء إلى القضاء، في حالة عدم استجابة المجرم للحلول الودية.
وبالفعل لجأت العديد من الفتيات لهذه المبادرة خلال السنوات الأخيرة، وتواصلن مع فريق الدعم بها، الذي يتعامل في هذه المواقف بشكل احترافي، ويشجع المبتزات على اتخاذ خطوات رسمية تجاه ما يتعرضن له من جريمة، بعد أن تقوم الضحية بإرسال كافة البيانات المطلوبة لحل المشكلة.
ويعمل بعد ذلك فريق الحل على دراسة الجريمة بشكل كامل، ثم يحاول تقديم الحلول الودية للمجرم، وإذ رفض يبدأ أعضاء المبادرة في اتخاذ الإجراءات القانونية ضده، بتقديم جميع ما حصلوا عليه من معلومات تدينه إلى مباحث الإنترنت.
وفي مجموعة أخرى على موقع "فيسبوك"، اجتمع أشخاص يحاولون الدفاع باستماتة عن ضحايا الابتزاز الإلكتروني بالصور والفيديوهات المفبركة، وقدموا تعليمات لكل من يتعرضن للجريمة، يستطعن التعامل من خلالها مع المجرم لحين إلقاء القبض عليه.
يقول منير سالم، أحد أعضاء الجروب، أن الطرق الصحيحة للتعامل مع المبتزين، تتمثل في عدم إظهار الضحية لضعفها خلال حديثها معه حتى لا يتمادى في تهديداته، ومن الأفضل أن يتم تجاهل الرسائل، وأيضًا عدم الموافقة على أي طلب يقوله، وإذ كان الحديث مُدار عبر "الفيسبوك"، يجب الاحتفاظ به، وتقديم بلاغ رسمي للخط الساخن 108، مرفقًا بصور المحادثات.
وتابع: "بمجرد الإبلاغ عن صفحته، سيتم إغلاقها على الفور ومنعه من تسجيل دخول الحساب، كما يجب حظر الفتاة للمجرم من أي وسيلة تواصل، حتى لا يقوم باختراقها والحصول على الصور المتوفرة، والأهل يجب أن يكونوا على دراية تامة بكل ما يحدث حتى يقدموا يد المساعدة".