دراسة: ازدهار وضع «العمالة المصرية» في ليبيا برواتب أضعاف ما قبل 11 عاما
أصدر مركز معلومات وإعلام الاتحاد العام لنقابات عمال مصر اليوم السبت، دراسة بعنوان "العمالة المصرية في ليبيا بين تحديات الماضي.. وآفاق المستقبل"، كشف خلالها عن أن إطلاق وزير القوى العاملة محمد سعفان، ووزير العمل والتأهيل الليبي المهندس علي العابد الرضا، لمنظومة الربط الإلكتروني بين البلدين والخاصة بتنظيم وتسهيل تنقل العمالة بين البلدين للمشاركة في إعادة إعمار دولة ليبيا، ومشاريع عودة الحياة والعلاقات لطبيعتها، جاءت بعد ما يقرب من 10 سنوات عجاف، شهدت توترا بين البلدين، فيما يخص ملف العمل والعمال.
وأوضح عبد الوهاب خضر، مدير مركز معلومات وإعلام الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، عن أن هدف الدراسة توعوي لتفسير ما جرى الاتفاق عليه مؤخرا بين وزارتي عمل البلدين، وكذلك رصد تطور الأزمات، وانعكاسها على العمالة، وذلك نظرا لما تحظى به ليبيا من موقع جغرافي يعتبر أمن قومي لمصر ليس في مجال السياسة والاقتصاد والنواحي الأمنية فقط، بل أيضا فيما يخص العمال، وتوفير فرص عمل في تلك الدولة الاستراتيجية التي تقع في شمال أفريقيا، إلى الغرب من مصر، وتبلغ مساحتها ما يقارب من 1.8 مليون كيلومتر مربع، وتمتد الحدود المشتركة بينها وبين مصر لأكثر من 1200 كيلو، كما أن أهمية الدولة الليبية لمصر كونها عضو في عدد من المنظمات والمؤسسات الدولية، وأهمها: منظمة الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، واتحاد المغرب العربي، وجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى كلٍ من حركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة الدول المصدرة للنفط،وهو ما يعطيها أهمية كبيرة بالنسبة لشقيقتها وجارتها.
وأوضح خضر أن ما حدث من تطورات حديثة في العلاقات المصرية – الليبية فيما يخص العمال سبقتها مراحل تاريخية مليئة بالأزمات التي لحقت بالعمالة المصرية في ليبيا التي تتزايد فيها العمالة المصرية عبر التاريخ، فبعد أن كانت 350 ألف عامل عام 1998، وصلت إلى مليون و600 ألف مصري، حسبما ذكر سفير ليبيا في القاهرة، محمد فايز جبريل، في مارس 2014).
ليبيا جارة استراتيجية لمصر
بحسب الدراسة تعتبر ليبيا بالنسبة لمصر جارة استراتيجية، وذات مكانة خاصة، منذ زمن طويل، ففي الماضي كانت تسمى بلِيبِيا أو لُوبِيَا، حيث أُطلق هذا الاسم في التاريخ القديم على الإقليم الواقع في شمال إفريقيا، وتحديدًا بين مصر وتونس، وذلك نسبةً إلى قبيلة الليبو التي سكنت المنطقة منذ آلاف السنين.
وتعود العلاقات التاريخية بين مصر وليبيا لآلاف السنين، فقد حكمت الأسرة الثالثة والعشرون من الملوك المشواش الليبيين مصر العليا بين عامي 880 و734 قبل الميلاد، ومن مصر بدأ الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا، فتم فتح برقة ثم طرابلس، وفي أوقات كثيرة أخرى كان البلدان متحدين في كيان إداري واحد، خاصة في عهد الخلافة الفاطمية من 909 حتى 1171 م.
وكانت مصر من أوائل الدول التي تعاملت مع ليبيا رسميًا بعد استقلالها في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، وبعد انتهاء الاحتلال الإيطالي لليبيا، بعد أن خسرت إيطاليا الحرب العالمية الثانية وخرجت قواتها من ليبيا، وكانت مصر أولى الدول التي اعترفت باستقلال ليبيا.
من هذا المنطلق تولي مصر اهتمامًا كبيرًا بليبيا فهي تمثل عمقًا استراتيجيًا لها، كما يرتبط الأمن القومي المصري بالأمن والاستقرار في ليبيا، ومن بين أسباب ذلك الحدود المشتركة الممتدة بين البلدين، والقبائل المصرية - الليبية المنتشرة في كلا البلدين، فهناك مصريون من أصول ليبية وليبيون من أصول مصرية، ولكل هذه الأسباب وغيرها تهتم مصر اهتمامًا كبيرًا بالوضع في ليبيا، وتبذل جهودًا حثيثة بالتعاون مع دول الجوار الليبي، خاصة الجزائر، وتونس من أجل استعادة الأمن والاستقرار هناك، ومواجهة قوى العنف والتطرف والإرهاب فيها، والحيلولة دون انزلاق البلاد إلى منعطف الفوضى والحفاظ على وحدة الأراضي اللیبیة وصون مقدراتها والاحترام التام لإرادة الشعب الليبي وحقه في تقرير مستقبله بنفسه.
العلاقات الاقتصادية
بداية توضح الدراسة أنه عندما نتحدث عن الجوانب الاقتصادية، فإننا نتحدث عن العمالة باعتبارها المستفيد من كافة الاتفاقيات والمشروعات الاقتصادية، وهنا لابد وأن نرصد العديد من اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجاري التي تنظم العلاقات الاقتصادية بين مصر وليبيا والتي أثرت بالفعل على ملف العمالة ،مثل اتفاقية التجارة المشتركة، وهناك أيضًا اللجنة العليا المصرية ـ الليبية المشتركة المعنية بتيسير التعاون الاقتصادي والتجارة وتدفق الاستثمارات بين البلدين،وبالإضافة إلى ذلك، فإن كلا من مصر وليبيا أعضاء في اتفاقيات تجارية متعددة الأطراف، منها: اتفاقية الكوميسا، والنظام الشامل للأفضليات التجارية G.S.T.P، والنظام المعمم للمزايا G.S.P.
ورغم التراجع الذي شهدته العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وليبيا بسبب الأوضاع الداخلية هناك، خاصة في العشر سنوات الماضية، إلا أنه مع نجاح الجهود التي تبذلها مصر ودول الجوار الليبي بالتعاون مع الأطراف الدولية الفاعلة لاستعادة الاستقرار في ليبيا ، يشهد التعاون بين البلدين حاليا انتعاشًا كبيرًا مع جهود إعادة الإعمار هناك، فلا شك أن حالة عدم الاستقرار كانت هي السبب الرئيسي وراء التراجع الذي أكدته مؤشرات التعاون وحركة التجارة بين البلدين في السنوات الأخيرة،فعلى سبيل المثال لا الحصر تراجع حجم التبادل التجاري من 2.5 مليار دولار عام 2010، إلى نحو 500 مليون دولار في 2018، فيما كانت الاستثمارات الليبية في السوق المصرية تقدر بـ 10 مليارات دولار، في مجالات البترول والسياحة والعقارات والسوق المصرفية.
كما تشير الإحصاءات إلى انخفاض حجم الميزان التجاري بين مصر وليبيا في الفترة من يناير وحتى سبتمبر عام 2019 مقارنة بنفس الفترة من عام 2018، ووصلت قيمة التعاملات التجارية فى الميزان التجاري خلال عام 2019 نحو 404.8 مليون دولار مقارنة بـ567.4 مليون دولار خلال العام السابق عليه.
مؤشرات التعاون
ترى الدراسة أنه وفي كل الأحوال ،كانت هناك نية صادقة لعودة المياه إلى مجاريها، وجرى ترجمة ذلك خاصة فيما حدث يوم 15-4-2019، من الحوار والنقاش ،فوقتها قام المهدي الأمين وزير العمل والتأهيل الليبي بزيارة لمصر للمشاركة في أعمال الدورة الـ46 لمؤتمر العمل العربي،واستقبله محمد سعفان وزير القوى العاملة، وبحثا الجانبان كافة القضايا المشتركة بين البلدين، التي تخص العمال، فضلا عن حاجة ليبيا من العمالة المصرية المطلوبة في المرحلة المقبلة،ودراسة وتقوية السوق الليبية لتصبح جاذبة للعمالة المصرية مع إعادة الاعمار خاصة وأن عدد العاملين المصريين في ليبيا كان يقترب من نحو مليوني عامل ثم تراجعت أعدادهم بنسب تتراوح من 35 إلى 40% بسبب الاضطرابات هناك.، وفي يوم 20-4-2021، كان هناك استمرار وتواصل طبيعي لعملية عودة التعاون، فقد قام الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بزيارة لليبيا على رأس وفد رفيع المستوى، مكون من 11 وزيراً وعدد من المسؤولين، استقبله عبد الحميد الدبيبة رئيس الوزراء الليبى، بحثا الجانبان التعاون الاقتصادي والسياسي وعودة العمالة والمشاركة في إعادة إعمار ليبيا، وجرى التوقيع على 11 وثيقة لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات مختلفة.
تضمنت وثائق التعاون المشترك التي تم التوقيع عليها، مذكرة تفاهم بشأن التعاون الفني في مجال المواصلات والنقل، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في تنفيذ مشروعات الطرق والبنية التحتية، ومذكرة تفاهم في المجال الصحي، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال القوي العاملة، ومذكرة تفاهم بشأن الاستثمار في مجال الكهرباء، والتوقيع على ثلاث اتفاقيات في مجال تطوير الكهرباء، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن الربط الدولي للاتصالات، ومذكرة تفاهم بشأن رفع السعات الدولية في منظومة الالياف البصرية، ومذكرة تفاهم في مجالات التدريب التقني وبناء القدرات.
ووقع وثائق التعاون الوزراء المعنيين من الجانبين، ومسئولو الجهات المختصة..وبالفعل فإن تنفيذ هذه الاتفاقيات كان ولا يزال يصب في صالح العمالة المصرية.
موقف اتحاد العمال
تؤكد الدراسة أنه كان ولا يزال الاتحاد العام لنقابات عمال مصر مؤيدا وداعما لكافة التحركات والاتفاقات التي من شأنها عودة العمال المصرية الي ليبيا ،ففي نهاية شهر سبتمبر 2021 ،رحب مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر برئاسة جبالي المراغي، بنتائج الدورة الحادية عشرة للجنة العليا الليبية - المصرية المشتركة، التى عقدت بالقاهرة، وشهدت توقيع عدد كبير من العقود والاتفاقات التي تقدر بنحو 19 مليار دينار ليبى، والتأكيد على أن "اللجنة" أحرزت تقدمًا كبيرًا في ملف العلاقات بين البلدين، وزيادة الاستثمارات وعودة العمالة المصرية إلى البلاد، والإشارة إلى أن ليبيا جاهزة لاستقبال مليون عامل مصري بشكل مبدئي.
ووقتها أكد حسن شحاتة الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر في تصريحات صحفية، على تثمين هذه الخطوة والخطوات المماثلة، والتي من شأنها خلق فرص عمل جديدة للمصريين في "الشقيقة ليبيا"، مشيراً إلى أن هناك تواصل مستمر مع النقابات العمالية في ليبيا خاصة الاتحاد الوطني لعمال ليبيا، للمتابعة والتواصل، والتشابك مع عملية عودة العلاقات بين البلدين بشكل كامل ،خاصة فيما يخص ملف العمالة وإعادة الإعمار، وتوفير بيئة العمل اللائقة ،لصالح البلدين الشقيقين.
وثمن أمين "عمال مصر" عملية البدء في تنفيذ الربط الإلكتروني بين البلدين، مؤكدً على أن ذلك سيوفر قاعدة متكاملة بالبيانات والمعلومات المتعلقة بمعرفة احتياجات السوق الليبي من العمالة المصرية، وتسهيل إجراءات وآلية دخولها بالتنسيق مع مصلحة الجوازات عبر المنافذ في البلدين.
من جانبه، أكد القيادي العمالي الليبي خليفة المبروك المسيك القيادي في الاتحاد الوطني لعمال ليبيا، عضو الأمانة العامة للإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، فى بيان أصدره اتحاد العمال المصرى، على تواصل التنسيق مع الإتحاد العام لنقابات عمال مصر،لمتابعة ملف عودة العمالة المصرية إلى ليبيا، مشيراً إلى أن الإتحاد الوطني لعمال ليبيا هو بيت للعمالة المصرية ،لإزالة كل المعوقات ،والإستماع إلى كافة مطالبها.
وأكد "المبروك" على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، مثمناً التواصل المستمر بين الإتحاد العام لنقابات عمال مصر، والاتحاد الوطني لعمال ليبيا في كل المحافل المحلية والعربية والدولية، وتمسكهما بشعار الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب «قوتنا في وحدتنا» لمواجهة كل التحديات،وأشار إلى تمسك الاتحاد الوطني لعمال ليبيا في المشاركة في كل الاتفاقات والإجراءات التي تخص العمال المصرية في ليبيا، والتواصل معها عبر بطاقات تسجيل، بهدف تسهيل مهمتها في عملية الإعمار، وتحقيق التوازن في علاقات العمل بين جميع الأطراف.
و أعلن المسؤول النقابي الليبي أيضا عن تثمينه للدور المصري السياسي والنقابي والعمالي تجاه القضية الليبية وحرصه على تحقيق الاستقرار في ليبيا، مؤكّداً أنَّ العمالة المصرية لها الأولوية في عملية إعمار ليبيا، وأن الاتحاد الوطني لعمال ليبيا سيكون له دور كبير في التواصل مع العمالة المصرية بشكل يومي تنسيقاً مع الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
الربط الإلكتروني
تشير الدراسة أنه تتوجيا لما سبق من تحركات وتعاون، وتفعيلاً لذلك أطلق وزير القوى العاملة المصري محمد سعفان، ووزير العمل والتأهيل الليبي المهندس على العابد الرضا، منظومة الربط الإلكتروني بين البلدين والخاصة بتنظيم وتسهيل تنقل العمالة بين البلدين للمشاركة في إعادة إعمار دولة ليبيا الشقيقة ومشاريع عودة الحياة لطبيعتها.
وأكد سعفان خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في القاهرة الأسبوع الماضي، بديوان عام وزارة القوي العاملة أنه لن يتم تسفير أي عامل مصري إلي ليبيا إلا من خلال منظومة الربط الالكتروني بين البلدين.
وأوضح وزير القوي العاملة، أن الوزارة بدأت في العمل على إعداد هذا النظام على قدم وساق بالتعاون مع الجانب الليبي منذ توقيع مذكرة التفاهم بين الوزارتين في أبريل من العام الجاري 2021، وذلك لإخراج نتيجة جيدة ومنظومة متكاملة تنظم عودة العمالة المصرية إلى الدولة الليبية الشقيقة.
وأكد سعفان، أنه لم يتم سفر أى عامل مصري إلا على الوظيفة أو المهنة التى يقوم بالعمل عليها ، والمتناسبة مع قدراته وإمكانياته، وذلك ضماناً لعدم التلاعب بالعمالة من خلال نظام ربط إلكتروني مشترك بين الجانبين المصري والليبي والذى تم إطلاقه ،وتلقى أول طلب إستقدام ليبي للعمالة المصرية من خلاله، وذلك للحفاظ على العمالة المصرية بوجود عقود عمل مضمونة ومعتمدة من الجانب الليبي لضمان كافة حقوق العامل المصري لدى صاحب العمل الليبي.
وأشار وزير القوى العاملة إلى أن اللجنة الفنية الليبية المصرية المشتركة المسؤولة عن تنسيق عودة العمالة المصرية إلى ليبيا عقدت عدة جلسات في طرابلس والقاهرة، نوقشت خلالها آليات وسبل الربط الالكتروني وكيفية تأمينها ، وتم إجراء تجارب محاكاة واقعية لتفعيل ذلك الربط بين الطرفين للتأكد من جاهزيتها لاستقبال طلبات استقدام العمالة من الجانب الليبي، وسيتم تطبيق هذا النموذج بعد إطلاقه ونجاحه على باقي الدول الراغبة في استقدام عمالة مصرية.
من جانبه قدم وزير العمل والتأهيل الليبي الشكر والتقدير للوزير وفريق العمل بين الوزارتين على المجهود المضني الذي تم في سبيل إنجاح مشروع الربط الإلكتروني بين البلدين، مشيراً إلى أن فكرة الربط الإلكتروني تم طرحها منذ أكثر من 15 عاماً وكانت مطلباً للدولتين المصرية والليبية لتنظيم سوق العمل داخل الدولة الليبية لتجهيزه لاستقبال العمالة التي سيتم استقدامها ، بما يزيد من متانة وعمق العلاقات بين البلدين.
وأكد الوزير الليبي، أن العمالة المصرية سوف تشارك في إعمار الدولة الليبية لعودة الحياة إلي طبيعتها، مشيرا إلى أنه فى إطار ذلك قامت الحكومة الليبية بإطلاق منصة "وافد" المختصة باستجلاب العمالة ، لضبط سوق العمل الليبي والحفاظ على حقوق العمالة التي يتم استخدامها وتحديد أماكن عملها وأصحاب الأعمال التى يعملون لديهم وكذلك تحديد المهن المتوافرة والمتاحة داخل السوق الليبي وإصدار بطاقات عمل لكل العمالة المصرية على الأراضي الليبية حتى يتمتعوا بكافة الحقوق والإلتزامات التى يتمتع بها غيرهم من العمالة الليبية من ضمان إجتماعي وخدمات صحية بما يتوافق مع توصيات منظمة العمل الدولية في هذا الشأن.
ويأتي هذا التدشين للمنظومة نتاج أعمال اللجنة الفنية المصرية الليبية المشتركة التي عقدت اجتماعاتها ما بين طرابلس والقاهرة منذ توقيع مذكرة التفاهم بين البلدين في أبريل الماضي "2021"، بطرابلس بحضور رئيسي وزراء الدولتين.
وأشار الجانبان إلى أن الهدف من عملية الربط الإلكتروني تسهيل حركة تنقل العمالة، حيث يوفر هذا النظام المتكامل "المصري والليبي" جميع البيانات المطلوبة للحصول على تسهيل دخول العمالة التي يحتاجها سوق العمل الليبي.
وسيعمل هذا النظام على منع التلاعب والتزوير والاستغلال غير الشرعي لعمليات استجلاب العمالة المصرية، والإتجار بالبشر والدخول بطريقة غير شرعية إلى الدولة الليبية، ويؤكد الجانبان أنه لن يتم تسفير أي عامل مصري إلى ليبيا إلا من خلال هذا النظام الذي تم إطلاقه.
ونوه الجانبان إلى استمرار أعمال اللجنة الفنية المشتركة لمتابعة سير عمل المنظومة وتذليل أي معوقات قد تواجه المستخدمين في عملية التسجيل وبإشراف شخصي من وزير القوى العاملة المصري، وزير العمل والتأهيل الليبي.
الخطة الليبية للاستقدام
كشفت الدراسة عن كافة التصريحات والبيانات الرسمية عن خطة ليبيا لإستقدام العمالة المصرية، وهو ما فسره رئيس الديوان بالمنطقة الشرقية في وزارة العمل والتأهيل الليبية المستشار عادل سالم عبد السلام في تصريحات رسمية أوضح فيها تفاصيل خطة استقدام العمالة المصرية للمشاركة في خطط ومشروعات إعادة إعمار ليبيا وسوق العمل الليبية..وقال عبد السلام، الذي ترأس الوفد الليبي لتنسيق الربط الإلكتروني للعمالة مع مصر، إن خطة استقدام العمالة المصرية تستهدف 2 مليون عامل.
وقال عبد السلام إنه سيجري استقدام العمالة المصرية على مرحلتين خلال عامين، وكل مرحلة ستشمل من 3 إلى 4 دفعات بإجمالي مليون عامل في 2022، ومليون في العام التالي لقطاعات البناء والتشييد وبناء الجسور والطرق والكباري، ومنشآت البنية التحتية.
ومن المقرر، وفق المسؤول الليبي تخصيص نسبة من العمالة المصرية لقطاعات الأطباء والتمريض والتعليم للاستعانة بها في تشغيل المنشآت الصحية والتعليمية الحيوية، كما أن أهم المهن المطلوبة في ليبيا "الصناعية والزراعية والورش والحدادة، والسباكة، والنقاشة، والكهرباء، والمحارة، والتشييد والبناء، وخرسانة المسلح، والنجارة، وتركيب البلاط والسيراميك وغيرها من المهن الأخرى" ،كما أن الأيدي العاملة تُحَدد من خلال الشركات المصرية المتعاقد معها على الطرق والجسور والكهرباء وغيرها من المشروعات الأخرى، بجانب أساتذة الجامعات والمعلمين على كل المستويات التعليمية، وفق الإجراءات المتفق عليها بين الدولتين.
ووعد رئيس الديوان بالمنطقة الشرقية في وزارة العمل والتأهيل الليبية بأن يشهد عامي 2022 و2023 ازدهار وضع العمالة المصرية في سوق العمل الليبية في مختلف المجالات، كما كان عليه الوضع قبل 11 عاما.
إمتيازات للعمالة
عن منظومة الربط الإلكتروني، واصلت الدراسة التصريحات التي قالها عبد السلام بأنه سيتم الاعتماد كليًّا على وسائل التكنولوجيا الحديثة، سواء في تلقي طلبات شركات إلحاق العمالة المصرية بالخارج، أو استخراج المستندات الرسمية وكذلك إجراء الفحوصات الطبية للعاملين المصريين، قبل وبعد دخول ليبيا، ولفت المسؤول الليبي إلى أن الإجراءات الصحية المقرر اتباعها مع العمالة القادمة إلى ليبيا ستشمل فحص الإصابة بفيروس كورونا من عدمه، أو الأمراض المستجدة خلال هذه الجائحة، فضلًا عن إقرار نسبة التأمين الصحي والاجتماعي على العمالة المصرية بنسبة 100 بالمئة.
وبالتنسيق بين القيادة السياسية لمصر وليبيا جرى التوافق ، على أن يكون الحد الأدنى لراتب العامل المصري الوافد 1500 دينار ليبي أي ما يعادل 5 آلاف و115 جنيها مصريا، فيما ستكون أجور الأطباء والمعلمين أضعاف ما كان يحصل عليه أصحاب هذه المهن قبل 11 عاما.
فرص واعدة للفنيين
بحسب الدراسة كشف مصدر حكومي في مصر أنه تم الاتفاق بين مسؤولي العمل في مصر وليبيا على توقيع اتفاق العام المقبل، يقضي باعتراف السلطات الليبية بشهادة التعليم الفني التي يحملها العمال المصريون خاصة الفنيين، وتدريس المناهج الفنية المعتمدة في مصر لطلبة التعليم الفني داخل دولة ليبيا.
وأوضح المصدر، أن هذه الخطوة من شأنها فتح أسواق العمل الليبية أمام خريجي مدارس التعليم الفني بمصر، خاصة في ظل التطور الذي شهده هذا القطاع، وتزايد عدد الخريجين إلى نحو 700 ألف سنويا،خاصة وأن وزارة القوى العاملة المصرية قد أعلنت عن تنظيم دورات تدريبية للعمالة المصرية الراغبة في السفر إلى ليبيا، إذ تتضمن شروط قبول الالتحاق بالعمل في ليبيا تقديم شهادة خبرة في المهنة أو الحرفة التي يريد العامل العمل بها، وتولي الحكومة المصرية اهتمامًا بتدريب العمالة، وتم إطلاق 27 وحدة تدريب متنقلة ضمن مبادرة "مهنتك مستقبلك" في قرى مصر، بحيث تستهدف تأهيل الشباب للمهن المطلوبة لسوق العمل، أبرزها الحياكة والكهرباء والسباكة الصحية.
أزمات لها تاريخ
ذكرت الدراسة أنه عند الخوض في أبرز الأزمات التي لحقت بالعمالة المصرية في ليبيا،وجبت الإشارة إلى أن أعدادها تزايدت كما جاء في مقدمة الدراسة ،فبعد أن كانت 350 ألف عامل عام 1998، وصلت إلى مليون و600 ألف مصرى في مختلف أنحاء ليبيا، حسبما ذكر سفير ليبيا في القاهرة، محمد فايز جبريل، في مارس 2014، غير أن أعداد المصريين في ليبيا، كانت غير مستقرة، في معدلاتها بين الانخفاض والارتفاع بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وغياب الدولة وسيطرة الجماعات المسلحة على كافة مفاصلها في أوقات معينة من الفترة الماضية.
السيسي وموقف مصر الثابت
أكدت الدراسة على المواقف الجريئة للرئيس عبدالفتاح السيسي في مواجهة التوتر والإرهاب الذي يضرب الدولة الليبية، معتبرا إن ليبيا أمن قومي لمصر، واستقرارها هو استقرار الدولة المصرية.
واستخدمت الدولة المصرية كافة الطرق الديبلوماسية لحماية الأمن القومي الليبي من خطر الإرهاب،مع الحفاظ على سيادة وثروات الدولة الليبية وإعادة إعمارها، وهو ما انعكس بالإيجاب على تطور العلاقات بين البلدين وعودتها الي طبيعتها خاصة في ملف الاقتصاد والعمالة، وهو ما أكده الرئيس السيسي مؤخرا في لقاء من أبرز لقاءاته مع الجانب الليبي،كان بتاريخ 16-9-2021،حيث شدد السيسي على موقف مصر الثابت تجاه احترام السيادة الليبية والحفاظ على وحدة أراضيها، ورفض كافة أشكال التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الليبي، فضلاً عن تعزيز تماسك المؤسسات الوطنية الليبية وتوحيد الجيش الوطني الليبي لحماية مقدرات الشعب الليبي الشقيق وتفعيل إرادته الحرة، فقد جاء ذلك خلال اجتماع الرئيس السيسي في ذلك التاريخ ، مع عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والوزير عباس كامل رئيس المخابرات العامة.
وتوضيحا لتفاصيل اللقاء أفاد السفير بسام راضي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس رحب بـ "الدبيبة" في زيارته إلى مصر للمشاركة في اجتماعات اللجنة العليا المصرية الليبية المشتركة، مؤكداً الأولوية القصوى التي توليها مصر لعودة الاستقرار إلى الشقيقة ليبيا وتمكينها من استعادة دورها إقليمياً ودولياً.
كما أشاد الرئيس بمساعي حكومة الدبيبة على المستوى الداخلي لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطن الليبي، معرباً عن ثقته في قدرة الشعب الليبي الشقيق على التغلب على كافة التحديات الآنية التي تواجهه وصولاً إلى إعادة بناء دولة حديثة قوية تتمكن من إرساء دعائم الأمن والاستقرار في كافة أنحاء ليبيا.
من جانبه، أكد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية التقدير والاعتزاز الشديدين من قبل بلاده على المستويين الرسمي والشعبي للدور المصري البالغ الأهمية بقيادة حكيمة من الرئيس في تثبيت السلم والاستقرار في ليبيا، وذلك في ظل العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط بين البلدين الشقيقين، لا سيما فيما يتعلق بدعم المؤسسات الوطنية الليبية، ونقل الخبرات المصرية ذات الثقل في مجالات إعادة الإعمار والتنمية لليبيا، بما يلبي تطلعات الشعب الليبي نحو الحياة الآمنة والكريمة، معرباً في هذا الإطار عن التطلع للارتقاء بالعلاقات المصرية الليبية لما فيه صالح الشعبين الشقيقين، ودعم الاستثمارات المصرية لتنفيذ المشروعات المختلفة على الأراضي الليبية.
وأضاف المتحدث الرئاسي أن اللقاء شهد التباحث حول مستجدات الأوضاع على الساحة الليبية، حيث ثمن الرئيس في هذا الصدد صدور قانون الانتخابات مؤخراً عن مجلس النواب الليبي، باعتبارها خطوة مهمة على صعيد تنفيذ استحقاقات خارطة الطريق التي أقرها الليبيون، وصولاً إلى عقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها المحدد بنهاية العام الجاري.
وأعرب الرئيس السيسي عن استعداد مصر لتقديم كافة الإمكانات الضرورية من أجل مساعدة الأشقاء الليبيين على تهيئة المناخ المطلوب من أجل تنفيذ هذا الاستحقاق الانتخابي البالغ الاهمية، احتراماً وإنفاذاً لإرادة الشعب الليبي المقدرة، وانطلاقاً من مبادئ السياسة المصرية القائمة على التعاون والبناء والتنمية واحترام قيم ومبادئ حسن الجوار.