«الانتشال من الفقر».. مشروعات كفلتها التضامن لمساعدة المرأة المصرية
"من شبَّ على شيء شاب عليه" قول مأثور غالبًا ما ينطبق على ربات المنازل فإذا اعتادت السيدة على الاكتفاء بالمنزل والاهتمام بالأبناء، يصبح سعيها للبحث عن فرصة عمل أمر صعب ليس عليها وحدها إنما على الدائرة المحيطة بها من الأسرة والمعارف، حتى وإن بدأت رحلة البحث من منطلق احتياج مادي يبدأ التضييق عليها وحصرها في دورها التقليدي كربة منزل.
هكذا كان الحال مع فتحية عبد الحميد البالغة من العمر 52 عامًا، حيث تحدت رفض أبنائها لتتمكن من الخروج للعمل، تروي "فتحية" أنها شعرت بتهميش دورها في المنزل لا سيما بعد زواج أبنائها الثلاث وبعد انشغال كل منهم في عمله وأسرته، حتى أن زيارتهم لها باتت قليلة جدًا، لذا أدركت أن خروجها للعمل أمرًا مُلحًا، لكن في سن كهذا يصعب إيجاد فرصة عمل ولن يقبل بها أحد بسهولة.
عملت عن مبادرة مبادرة “الحياة فرصة” التي دشنتها مؤسسة أضواء المستقبل للتنمية، برعاية وزيرة التضامن الاجتماعي من خلال احدى موظفات التضامن أثناء تحضير أوراق معاش تكافل وكرامة وهي ضمن المبادرات التابعة للمعاش.
"فتحية" تقطن عزبة الخصوص بالقليوبية، انضمت للمبادرة منذ عامين وخلالهم تمكنت من امتلاك مشغلاً لتطريز والخياطة، كمبتدئة كانت صناعة “الملايات” والمفارش أسهل القطع التي من الممكن أن تنتجها وابتكرت أشكال جديدة لكافة مستلزمات المنزل من خلال إعادة تدوير المخلفات.
أطلقت على مشغلها اسم "باب رزق" ليعبر عن البداية الجديدة لحياتها التي بدأتها بعد الخمسين، تذكر أن أول الدروس التي تعلمتها على يد المشرفات ألا تسمع للزمن أن يمر عليها كـ "خيل الحكومة" أي بعد انتهاء مهمته داخل الأسرة يصبح وجودها كعدمه.
وأضافت “فتحية”، لـ"الدستور": أنه عندما عرف أهالي الخصوص بمنتجاتها، أصبح الإقبال عليها يتزايد بالتدريج خاصةً بأن بيعها كان متوقف على المعارض التي تنظمها التضامن لدعمهن.
نموذج فتحية ليس فريدًا، فالدولة في السنوات الأخيرة شملت المرأة بعدة برامج رعاية لإعالتها ولعل أبرزها هو معاش تكافل وكرامة لعدم حمل شريحة كبيرة من السيدات أي مؤهل تعليمي أو حرفة يدوية، وحسب آخر إحصاء صادر عن وزارة التضامن الإجتماعي، فإن نحو 2.5 مليون سيدة يحصلن على الدعم النقدي “تكافل وكرامة” بأسمائهن (بنسبة 75%) بتكلفة شهرية تبلغ 1,54 مليار جنيه، كما تم استخراج أوراق ثبوتية لما يقرب من 800 ألف سيدة بما يشمل بطاقات رقم قومي، شهادات زواج، شهادات طلاق وشهادات ميلاد للأطفال، كما يبلغ إجمالي عدد السيدات أصحاب المعاشات والمستحقات من السيدات 6.1 مليون سيدة من إجمالي 10.5 مليون صاحب معاش ومستحق، وذلك بتكلفة سنوية 38 مليار جنيه.
منال : مشروعات التضامن حسنت دخلي وساعدت فتيات على كسب رزقهن
المعاش في المقام الأول للإعالة، ولكن عدد منهن قرر الاستفادة منهم بشكل مثالي واستثماري، حيث يتيح للمستفيدات منه الإدماج مع مبادرة أخرى أو برنامج دعم آخر، وهو التفكير الإنمائي التي تسعى مصر غرسه في الوعي لديهن، من خلال الندوات وبرامج التثقيف المختلفة والمشارك فيها عدد كبير من المثقفات المجتمعيات.
من بين هؤلاء السيدات كانت منال عادل من محافظة القاهرة ، توفي زوجها منذ 3 سنوات ومع ازديدا متطلبات ابنتيها وعدم قدرتها المادية على سد لجمعية احتياجتهم المادية طلبت من حماها مساعدتها على فتح مشغل يُزيد دخلها لكن وجدت منها معارضة لكنها لم تبالي به - كما تروي-، و لجأت لتعلم الخياطة في مشغل تابع أضواء المستقبل وهي احدى الجمعيات الأهلية المنتشرة في معظم المحافظات لدعم وتوجيه مشروعات التنمية تحت إشراف من وزارة التضامن الاجتماعي وبنك ناصر، ومن خلال تدريبهم تعلمت الخياطة واشترت أول ماكينة في منزلها وبدأت توزع منتجاتها لمحلات في العتبة.
بعدما زاد الاقبال عليها أصبحت مكينة واحدة غير كافية لإنجازه؛ لذا قررت "منال" شراء ماكينتين، بالتدريج استطاعت تأجير "بدروم" أسفل عقار بمنطقة دار السلام و خلال عامين، تقول منال إن التدريب من خلال المبادرة يختلف عن غيره أنه يعلم الفتيات مراعاة الدقة والجودة في التصنيع وعدم اغفال أن يكون المنتج منافس في فئته السعر.
الفكرة التي نشأت لمجرد زيادة الدخل تسببت في تزويج 5 فتيات عملنَّ لديها، وتوسيع دايرة الانتاج حتى اشتركت في أكثر من معرض تنظمه الدولة كـ"تراثنا".
بالأرقام كيف دعمت مصر المرأة؟
حزمة برامج كبيرة قد دشنتها الدولة مؤخرًا لتحسين حياة المرأة المصرية من مختلف فئاتها، أوضحت وزيرة التضامن الاجتماعي أن برنامج الألف يوم الأولى فى حياة الطفل استهدف 41 ألف أُم في عام 2020 بتكلفة 56,68 مليون جنيه،كما تم دعم الأمهات أثناء فترة الحمل بصرف تعويضات للسيدات العاملات في القطاع الخاص أثناء فترة الوضع بنسبة 75% من الأجر التأميني الأخير، وذلك لمدة 90 يومًا تُسدده الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي نيابة عن صاحب العمل.
وتقوم التضامن تقوم بالتعاون مع الجمعيات الأهلية الشريكة بسداد ديون 50% من الغارمات المسجونات للعمل على إخراجهن من السجون وعودتهن إلى أسرهن، بالإضافة إلي العمل علي تعقب سماسرة الإقراض، حيث تم تشكيل لجنة وطنية تضم جميع الجهات المعنية لتقوم بوضع خطة تنفيذية مفصلة تشمل تعديلات تشريعية وتطوير قاعدة بيانات موحدة وإجراء ربط شبكي لتدقيق حصر المستفيدين وضمان عدم ازدواجية الصرف من أكثر من جهة، بالإضافة إلى حملات توعية لترشيد الاستهلاك غير الواعي والتوعية بأضرار اللجوء للاقتراض غير الآمن بتكلفة تبلغ 35 مليون جنيه.