«عطا المراكيبي».. الشاطر حسن الذي نذر نفسه لتحقيق حلم «ست الحسن»
رغم أنه قدم عددا من الأدوار السينمائية والتلفزيونية، إلا أن دوره في مسلسل "عطا المراكيبي"، يعد للفنان أحمد خليل، والذي وافته المنية صباح اليوم، عن عمر ناهز الثمانين عاما، إثر إصابته بمرض كوفيد 19.
قدم الفنان في فيلم "كتيبة الإعدام"، للمخرج الرحل عاطف الطيب، دورا لا ينسي، ربما لا يعني اسم أحمد خليل لدي المشاهدين، إلا شخصية "العميد عدلي"، والتي قدمها في هذا الفيلم بعبقرية منقطعة النظير. فالعميد عدلي، رغم إيمانه بحيثيات براءة "حسن عز الرجال" من تهمة الخيانة الموجهة إليه، وموافقته ــ غير الصريحة ــ علي محاولات الضابط الشاب "يوسف كامل"، في البحث عن الحقيقة، يتلخيص لطبقة كاملة انسحقت تحت هجوم الطفيليين والأثرياء الجدد، ممن لا أصل لثرواتهم غير المشروعة التي كونوها من التهليب والنصب تحت مسمي "الانفتاح" في عقد السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
العميد عدلي يدور بين شقي رحي، فعلي صعيد وظيفته الشرطية مطلوب منه أن ينفذ الأوامر في مراقبة حسن عز الرجال والوصول إلي أموال الجنود والضباط المتهم عز الرجال بسرقتها، في الوقت ذاته لديه شبه قناعة داخلية أن عز الرجال برئ وفترة السجن التي سرقت من عمره، كانت فاتورة غير مستحقة عن جريمة لم يرتكبها، وأن هناك من قام بهذه الجريمة البشعة وخان الجيش وخان بلده بهذه السرقة. هذا التمزق الذي يعيش فيه العميد عدلي، جسده الفنان أحمد خليل برهافة شديدة لا تكاد تبين أمام الكاميرا، إنما من خلال إنفعالات وجهه ولغة جسده في المناقشات المحتدة التي يخوضها المرة تلو الأخري مع الضابط يوسف كامل، وكيف يعيش علي أعصابه مما يسبب له أمراض قاتلة، فنجده طوال الوقت يتناول أدوية تعالج أمراض عضوية ناتجة عن الجهد العصبي والذهني الذي يبذله.
ــ "عطا المراكيبي": الشاطر حسن الذي نذر نفسه لتحقيق أحلام ست الحسن
أما الدور الأشهر الذي قدمه الفنان الراحل أحمد خليل، فهو شخصية "عطا المراكيبي"، من خلال مسلسل "حديث الصباح والمساء"، المأخوذ عن رواية لأديب نوبل بنفس العنوان.
عطا المراكيبي بكل ما يحمله من صفات البطل الملحمي، هو بعينه الإنسان البسيط المنحدر من أصول شعبية، ويعيش في حارة مغلقة علي نفسها. يتلخص عالمه بين ابنته "نعمة"، وصديقه الملاصق له في الجيرة والعمر ورفقة العمر "يزيد المصري".
عطا المراكيبي يفقد زوجته "سكينة" أم نعمة، فيخلو عالمه من الجمال، ويعاني الفقد والوحدة رغم عشقه لابنته الوحيدة. إلي أن تظهر في عالمه "هدي هانم"، فيقع صريع هواها، يتيم عطا المراكيبي بجمال هدي هانم وحسنها، لكن وكما في الحواديت والحكايات الخرافية، بينه وبينها الأسوار الطبقية والاجتماعية، الثروة والجاه والفقر أو كما يسمونه الحال المستور.
لا يستسلم "عطا المراكيبي"، وما أن ينال الرضا والقبول، وتخبره هدي هانم بأنها هي أيضا وقعت أسيرة هواه، حتي تندفع في دمائه القدرة علي تحطيم كل الأسوار بينهما، وعلي رأسها سور الثروة والجاه، يسافر عطا المراكيبي بعد أن قطع علي نفسه وأمام هدي هانم، وعدا بأن يعود بعد سبع سنوات، ليحقق حلمهما، وبالفعل يفي المراكيبي بقسمه ووعده، ويعود بعدما زصاب الثروة والمال، ليكون جديرا باينة الملك، ست الحسن والجمال، بعدما أثبت لنفسه وللعالم بأنه لا يقل شيئا عن الشاطر حسن.