«الغاز والربط الكهربائي».. أبرز ثمار التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص
يعد "منتدى غاز شرق المتوسط"، أهم ثمار آلية التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص التي انطلقت عام 2014، وتكمن أهميته في أنه يقع مقره الرئيسي في القاهرة، ويضم الدول المنتجة والمستوردة للغاز ودول العبور بشرق المتوسط، بهدف إنشاء سوق غاز إقليمية من المنطقة، لتنسيق السياسات الخاصة باستغلال الغاز الطبيعي بما يحقق المصالح المشتركة لدول المنطقة، ويسرّع من عملية الاستفادة من الاحتياطيات الحالية والمستقبلية من الغاز بتلك الدول.
وفي إطار القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص التي تشهدها العاصمة اليونانية أثينا، اليوم الثلاثاء، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، يستعرض "الدستور" أبرز أوجه التعاون الثلاثي بين الدول الثلاث، والذي يأتي على رأسها منتدى غاز شرق المتوسط، إلى جانب اتفاقات تعيين الحدود والربط الكهربائي والعودة للجذور.
منتدى غاز شرق المتوسط
أُعلِن إنشائه في 14 يناير عام 2019، بعد أن اجتمع 7 من وزراء الطاقة في منطقة شرق المتوسط، في القاهرة، وشارك في الاجتماع وزير الطاقة الأمريكي، وممثل المفوضية الأوروبية لشؤون الطاقة، وممثل البنك الدولي، وتم التوصل إلى اتفاق لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، يهدف إلى استثمار اكتشافات الغاز في شرق المتوسط، التي تعد من المناطق الواعدة في اكتشافات الغاز الطبيعي.
ويُنظر إلى منتدى غاز شرق المتوسط، على أنه منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء في مواردها الطبيعية بما يتفق مع مبادئ القانون الدولي ودعم جهود الدول الأعضاء في الاستفادة من احتياطاتهم من الغاز، واستخدام البنية التحتية، وبناء بنية جديدة، بهدف تأمين احتياجاتهم من الطاقة لصالح رفاهية شعوبهم.
وفي 22 سبتمبر 2020، وقَّع وزير البترول والثروة المعدنية، طارق الملا، على ميثاق هذه المنظمة الوليدة مع أعضائها من قبرص، واليونان، وإيطاليا، والأردن، والسلطة الفلسطينية، على أن تكون القاهرة مقرًا لها نظرًا لخبرتها الكبيرة في مجال الغاز الطبيعي وبنيتها التحتية المتميزة وثقلها السياسي الكبير وسعيها الدؤوب للتحول إلى مركز إقليمي وطريق رئيسي لتجارة الغاز، وأسهم بشكل كبير في وضع مصر على خريطة الطاقة العالمية.
مصر مركز إقليمي لتجارة للغاز الطبيعي
ساهم منتدى غاز شرق المتوسط، في تحقيق حلم مصر في التحول إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز الطبيعي، لما ستجنيه من عائد نظير تحويلها الغاز الطبيعي لبقية الدول المشاركة في المنتدى، لذلك تمثل هذه الخطوة التي تعد إحدى أهم ثمار التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، نقطة محورية في إطار سعي القاهرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز ثم التحول إلى تصديره وانتهاء بالتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز عبر أراضيها.
كما كان المنتدى ضمن أهم العوامل التي ساعدت مصر على تطوير سوق غاز إقليمي دائم، يمكنه إطلاق إمكانات موارد الغاز الكاملة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، بالتزامن مع وجود اكتشافات كبيرة بمنطقة شرق المتوسط لمصادر الطاقة خاصة الغاز الطبيعي.
وفي ضوء اكتشافات الغاز التي حققتها مصر، وخططها الطموحة لتصبح مركزًا للغاز والنفط في شرق المتوسط، وتطويرها لفرص الاستثمار، لاقت القاهرة إشادات دولية بالغة فيما يخص جهودها في ملفي الطاقة والغاز، واستثمارها أموالًا طائلة في مصافي التكرير، مما سيتيح لها تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج النفط بحلول عام 2023.
اتفاقيات تعيين الحدود والعودة للجذور
من أبرز الملفات الثنائية التي تمت مناقشتها خلال الفترة الماضية، مسألة تعيين الحدود البحرية بين البلدين، حيث وقَّع الجانبان المصري واليوناني، اتفاقًا جزئيًَا لتعيين الحدود البحرية المشتركة بينهما يوم 6 أغسطس 2020، وذلك خلال الزيارة التي أجراها وزير الخارجية اليوناني إلى القاهرة، وكانت تتويجًا لـ13 جولة من المفاوضات الثنائية بين البلدين، على مدار خمسة عشر عامًا.
وجاء ذلك الاتفاق بما يتوافق مع مبادئ وأحكام القانون الدولي ومعاهدة الأمم المتحدة للبحار لعام 1982، وتأتي أهمية إبرام الاتفاق لما يتيحه من فرص للبلدين للبدء فى السماح للشركات المختلفة بالتنقيب والبحث عن الثروات الطبيعية في المناطق التابعة لكل دولة منهما، بما يعظم من الاستفادة من تلك الثروات ويعود بالنفع على مصالح الشعبين المصري واليوناني، ويُضاف إلى ذلك عدد آخر من القضايا المهمة.
وتفتح اتفاقية تعيين الحدود البحرية المشتركة بين مصر واليونان، الطريق واسعًا أمام تطوير واسع للعلاقات المتجذرة بين القاهرة وأثينا، لاسيما بعدما لعبت العلاقات الوطيدة بين البلدين، دورًا كبيرًا فى تفعيل مبادرة "منتدى الغاز الطبيعى لشرق المتوسط".
ولا يتوقف عمق العلاقات بين مصر واليونان، عند العديد من الملفات الاقتصادية والسياسية فحسب، وإنما يمتد إلى البُعد الثقافي الذي يُعد أحد أبرز مجالات التعاون بين البلدين، وهو البُعد الذي تمتد جذوره عبر آلاف السنين، نظرًا لما تمثله الحضارتين المصرية واليونانية، من ركائز للإرث الثقافي والحضاري والإنساني في المنطقة.
توقيع مذكرات تفاهم للربط الكهربائي
وقعَّت وزارة الكهرباء، مذكرة تفاهم مع وزارة البيئة والطاقة بجمهورية اليونان، لدراسة إنشاء مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان عن طريق كابل كهربائي بحري يوفر ربط مباشر لتبادل الكهرباء بين مصر واليونان ويمتد للسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي.
جاء ذلك خلال زيارة الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة والوفد المرافق له، جمهورية اليونان خلال الفترة من 14-15 أكتوبر الجاري، لبحث أوجه التعاون المشترك فيما يخص الربط الكهربائي بين شبكات نقل الكهرباء باليونان ومصر.
وأوضحت الوزارة فى بيانٍ لها، أن مشروع الربط الكهربائي يحقق العديد من الفوائد الفنية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، حيث يهدف المشروع إلى إنشاء شبكة ربط قوية بشرق المتوسط لتحسين أمن واعتمادية الإمداد بالطاقة، وكذلك المساعدة عند حدوث الأعطال والانقطاعات والحالات الطارئة على شبكات النقل ورفع درجة تأمين الإمدادات الكهربية.
وبعد أيامٍ من توقيع اتفاق مع اليونان، وقعَّ وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، محمد شاكر، في 16 أكتوبر الجاري، مذكرة تفاهم مع وزارة الطاقة والتجارة والصناعة بجمهورية قبرص، لدراسة إنشاء مشروع الربط الكهربائي بين مصر وقبرص لتوفير ربط مباشر لتبادل الكهرباء بين البلدين.