تفاصيل الدراسة النقدية الحاصلة على المركز الأول في «مسرح يجدد الحياة»
تحصلت الكاتبة والناقدة الأكاديمية دكتور نهلة راحيل على المركز الأول عن بحث "المسرحية وإجراءات التحويل" بمسابقة "مسرح يجدد الحياة" في فرع الدراسات النقدية دورة الدكتور فوزي فهمي، والتي نظمتها لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة.
قالت الناقدة نهلة راحيل لـ"الدستور" "قامت الدراسة النقدية والتي جاءت تحت عنوان "المَسْرحة وإجراءات التحويل"على تحليل النص المسرحي بعنوان “أم الروبابيكيا، هند الباقية في وادي النسناس، مونودراما" (1992) للكاتب الفلسطيني "إميل حبيبي" قام بمسرحته عن طريق مزج قصتيه "أم الروبابيكيا" و"النوريَّة"- ضمن مجموعته القصصية "سداسية الأيام الستة وقصص أخرى" (1968)- والمقارنة بين النصين بهدف الوقوف على إجراءات تحويل النص السردي إلى نص مسرحي، ورصد الأفكار والرؤى التي أراد الكاتب التعبير عنها بعد مسرحيته للنص الأصلي.
تلفت «راحيل» إلى أن إميل حبيبي احتفظ بعنوان القصة عند مسرحتها "أم الروبابيكيا"، وأصحبه بعنوان فرعي يحدده "هند الباقية في وادي النسناس"، وآخر يشير إلى تجنيسة حيث أضاف أسفل عنوان المسرحية كلمة "منودراما"، مما قد نعتبره المؤشر الأول للقراءة الجديدة للنص الذي كثّف الكاتب من خلاله منظوره السردي وبؤرة أحداثه بعد مسرحته عن نص سردي قصصي قصير؛ فالمونوداما آلية تعتمد على أداء شخصية واحدة تروي الأحداث مخاطبة المتلقين (الجمهور) مستعينة بتقنيات المسرح المختلفة، وتعتمد في رواية الأحداث واستدعاء الشخصيات الأخرى- بشكل رئيس- على تيار الوعي.
وتابعت راحيل "أم الروبابيكيا" مسرحية من فصل واحد، تتحدث عن امرأة فلسطينية- تدعى هند بنت الفران المعروفة بأم الروبابيكيا- باقية في وادي النسناس في حيفا تعيش وسط أنقاض بيوت جيرانها الذين هُجّروا عام 1948، وتنتظر عودة أهل الحي من الغائبين. وقد تم عرض المسرحية على خشبة مسرح "الميدان" بحيفا عام 2010، وكذلك عُرضت ضمن فعاليات مهرجان "مونودراما" في عام 2005.
وأشارت راحيل إلى ان المسرحية تحكي قصة امرأة فلسطينية في الخمسين من عمرها، رفضت النزوح إلى لبنان مع زوجها وأولادها الثلاثة (حسن وحسني وحسنية) بعد نكبة 1948 وبقيت في بيت العائلة في وادي النسناس في حيفا تنتظر عودتهم مع عودة الغائبين الآخرين الذين تشردوا عقب نكسة 1967، وهو زمن انطلاق الأحداث بالمسرحية. وكانت مهنتها هي بيع المستعمل من الأثاث والأواني والملابس وغيرها من متاع عربي منهوب أو متروك كانت تقوم بإصلاحه وتجديده ثم بيعه، ولكن بعد الاحتفاظ بكنوزها من قلادات وأساور ورسائل حب أول من فتيان رحلوا مع أهلهم منتظرة عودتهم لترد إليهم كنوزهم. وقد اضطرت لهذا العمل بسبب الفقر الذي تعيشه بعد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي فرضها الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين ليهجروا الوطن تاركينه للمستوطنين اليهود، وبعد أن كانت تلقب بـ"ملكة الوادي غير المتوجة" أصبح الجميع في وادي النسناس يلقبونها بـ"أم الروبابيكيا".
وتتلخص حكاية هند -الباقية في وادي النسناس- في طلاق زوجها لها وتركها وحيدة بعد اكتشافه رسالة غرامية مخبأة في إحدى فُرش المنزل فظنها "خائنة"، وهي الصفة التي نسبها إليها أيضا أبناء وطنها المهجّرين خارج فلسطين؛ لأنها قبلت أن تظل باقية في حيفا عقب سقوطها في أيدي الصهاينة ورفضت أن ترحل عن الحي رغم راحيل زوجها وأولادها.
وختمت راحيل "بهذا تكون المسرحية مستمدة في الأساس من قصة "أم الروبابيكيا" التي جاءت ضمن المجموعة القصصية "سداسية الأيام الستة"، ويسرد بها حبيبي حكاية امرأة في أواخر مرحلة الشباب ظلت باقية في وطنها رغم نزوح زوجها وأولادها عقب النكبة، تجمع أثاث المهجرين وبقايا متاعهم عقب راحيلهم عن مساكنهم خوفا من عصابات الإرهاب الصهيوني، ثم تقوم بإصلاحه وبيعه.
وقد مزج بها قصة أخرى هي "النوريًّة" التي جاءت حكاية بطلتها "زنوبا" على لسان "هند" التي تورد طوال أحداث المسرحية عددا من الشخصيات المأزومة التي مرت بها وتجسد من خلالها الواقع المأساوي الذي عاشت فيه عقب الحرب وما فرضته من شتات.