حكاوي النصر.. "الدستور" تستعيد سيرة حرب أكتوبر في ذكراها
دائمًا وأبدًا، ستظل مصر تحتفل بملحمة النصر العظيم التي حققته في حرب أكتوبر، لتسترد الأرض والعرض مرة أخرى، بعدما كبدت العدو الإسرائيلي خسائر فادحة سواءً على المستوى المادي أو المعنوي.
بعد حرب أكتوبر المجيدة تعاظمت الروح المعنوية لجميع المصريين، الذي أعادوا ثقتهم في الجيش المصري ثانيةً، لاسيما وأن القوات المسلحة أوفت بوعودها لجميع المصريين وحققت نصرًا عظيمًا أمام العدو الإسرائيلي وحصونه التي أدعى وقتها أنها منيعة لا تُقهر.
خطة محكمة، شفرات سرية، تدريبات مكثفة، عنصر المفاجأة.. كانت تلك هي "التوليفة" التي اعتمدت عليها مصر خلال أيام الحرب، خاصةً مع تأكد العدو الإسرائيلي بأن مصر لن تقدر على خوض الحرب والانتصار عليهم.
ومن هنا، كل فرد في الجيش المصري لعب دورًا هامًا لا يمكن الإغفال عنه لتحقيق نصر أكتوبر، بدايةً من العساكر والمجندين وصولًا إلى أكبر قيادات القوات المسلحة.
اليوم، تحل ذكرى نصر أكتوبر الـ 48، وتشارك "الدستور" احتفال المصريين بذكرى أكتوبر المجيدة وعودة سيناء الحبيبة، واستعادة سيرة النصر وحكاوي مختلفة عن الحرب.
مصطفى عبد العزيز: النصر أو الاستشهاد.. وابنتي وُلدت يوم العبور
مصطفى عبد العزيز، يتذكر الحرب والنصر العظيم يوميًا وليس في ذكرى الحرب فقط، يقول أنه التحق لتأدية الخدمة العسكرية منذ عام 1969 وقت حرب الاستنزاف، وظل مجندًا فى سلاح المظلات والإبرار الجوي خلال تلك السنوات العصيبة.
لم يشارك مصطفى، في حرب أكتوبر فقط، وإنما في حروب الاستنزاف التي كانت تشنها مصر على العدو في سنوات ما قبل الحرب، من أجل إرهاق جنودهم واستنزافهم معنويًا وماديًا.
يروي مصطفى، أنه خلال الثلاث سنوات ما قبل الحرب، كانت تتكرر أوامر التحرك وعمليات الانتقال بين الجنود والعساكر، "كانت القوات المسلحة حينها تلعب على تشتيت انتباه العدو وخططه".. هكذا يقول جندي سلاح المظلات.
"لم يكن أحد يعلم عن توقيت الحرب.. حتى العساكر والجنود اعتادوا حركة التنقلات، فلم يفكر أحد في الحرب".. يقولها مصطفى، مستطردًا، في مساء الخامس من أكتوبر، نُقل مع زملائه إلى معسكر الجلاء بالإسماعيلية، وقضوا الساعات التى سبقت العبور فى الجلوس والتسامر مثل أي يوم عادى، دون أن يدرى أحدهم أن المعركة الحاسمة على وشك البدء.
وفي فجر يوم العبور، يذكر جندي المظلات أنه جاءتهم الأوامر بتحرك كل فرد فى الكتيبة بسلاحه، كل فى سيارته، لكن لم يكن أحد يعلم إلى أين يتجه، وقبل ركوب السيارات جاءت الأوامر بأن يحمل كل مجند سلاحه مع الذخيرة الخاصة به وقنبلتين، أحدهما هجومية وأخرى دفاعية بالإضافة إلى زجاجة مياه.
يذكر جندي المظلات: "كنت أحمل رشاشًا خفيفًا وشريطًا به 100 طلقة، وعندما وصلنا إلى الجبهة أدركنا أنها الحرب، بعدما وجدنا قواتنا الجوية فوق رؤوسنا وكانت قد دمرت الكثير من مناطق ارتكاز العدو فى الضفة المقابلة".
"حينها لم يفكر أحد في نفسه أو أهله، لم يكن أمامي سوى أن أعود منتصرًا ولا خيار آخر، النصر أو الموت، وساعتها لم أفكر فى أي شىء، ولم يكن فى عقلى سوى مصر، وكيف أستعيد الأرض أو أموت شهيدًا".
يستكمل: "صمدنا طوال أيام الحرب، كانت روحنا المعنوية عالية واحنا شايفين رعب الإسرائيليين مننا، وفي يوم 23 أكتوبر بالتحديد حصلت الثغرة، وأصبت فى اليوم الأخير لها، لأن كان ضغط العدو كبيرًا، وأصيب الكثير منا، وجاءت إصاباتي من رشاش إحدى الطائرات الإسرائيلية".
يختتم: "انتصرنا على العدو وعلى نفسنا، وبعدما رجعت منتصرًا عرفت إن ابنتي ولدت في لحظة العبور، ولم أراها سوى بعدما تمت بضعة شهور، إذ حققنا الكثير وأخذنا ثأرنا أخواتنا الذين استشهدوا بأيدينا وروحنا".
سيد محمد: الحرب استمرت في المحاكم الدولية.. وشجر الدوم أثبتت مصرية طابا
بدأ سيد محمد، أحد أهالي طابا، حديثه عن ذكرى نصر أكتوبر الـ 48، أن بدو سيناء كانوا لهم دورًا كبيرًا في تحقيق نصر أكتوبر واسترداد الأرض، وطابا فيما بعد.
يضيف: "بعدما خلصت الحرب، كانت لا تزال طابا محتلة من الإسرائيليين، ومش بس كدة، بدأوا يدلسوا في الأوراق وتاريخ الأرض، حتى لا نستردها منهم، وكان وقتها القضية هي حديث العالم وتُنظر القضية في محاكم دولية".
يقول: "الجميع يعلم أن الحرب لم تتوقف عند السادس من أكتوبر فقط، لأن كان في طابا لازم نستردها عشان تكمل فرحة النصر، دي تعتبر حرب جديدة من نوع آخر، استرداد طابا لم يكن حربًا على الجبهة وإنما حربًا لحماية تاريخ الأرض واستردادها بالتحكيم الدولي".
يقول: "رواية أشجار الدوم هي الأكثر انتشارًا بين قبائل البدو والأهالي هنا، إذ كانت عائلة الشيخ الكبير سلامة مسمح، شيخ قبيلة الحيوات، الذي توفاه الله منذ بضعة أعوام تمتلك أراضي واسعة من طابا وكانت الأراضي دي تتميز بزراعة الدوم تحديدًا".
يضيف:" حاول العدو الإسرائيلي مرارًا وتكرارًا إقناع العائلة بشراء أراضي الدوم والتنازل عنها، ومش بس كدة هما عرضوا أموالًا طائلة مقابل تركها للعدو الإسرائيلي، ولكن الشيخ سلامة مسمح رفض رفضًا قاطعًا.. وهنا تتجلى عظمة وبسالة البدو والمصريين".
وذكر "ابن طابا"، أن هذه الأراضي كانت لها دلالة كبيرة وسببًا في نجاح مصر لكسب قضية طابا واستعادتها مرة أخرى بالتحكيم الدولي، إذ كانت أراضي شجر الدوم واحدة من أكثر الأدلة التي استند إليها المصريين في إثبات ملكية الأرض وتاريخها المصري الأصيل.
أحمد: "بنستنى ذكرى الحرب عشان نسمع حكايات النصر من والدي"
يفتخر أحمد علي، بوالده الذي شارك في حرب أكتوبر، ويقول: "حكايات كتيرة وروايات عظيمة عن تفاصيل الحرب أسرارها، دايما بيكون عندنا شغف اننا نسمعها من أبويا، وبيزيد الشغف مع حلول ذكرى الحرب".
"بنحتفل بالحرب وبنحتفل بأبويا"، هكذا يقول "علي" عن اعتزازه بمشاركة والده في حرب أكتوبر الذي كان جندي بسلاح المشاة.
يروي علي، أن والده كان واحدًا ضمن الجنود الذين حصلوا على شهادة تقدير من قبل القوات المسلحة، إذ كانت كتيبة سلاح المشاة ضمن الجنود الذين تقدموا عبور خط بارليف.
يذكر على عن روايات والده قائلًا: "قوات العبور تقدمت نحو المعابر التي قسمت وفق خطة دقيقة تناسب نوع وكمية السلاح الذي يملكه العدو على الجهة المقابلة، وكان الجنود على علم بها بالتفصيل وكيفية مواجهتها".
يختتم على لسان والده:" حققنا نصر غير مسبوق، ولكن مع أواخر أيام الحرب، كان عددًا من الجنود أُصيب، وكان المصابين يُنقلون فى الإسماعيلية لإنقاذهم وعلاجهم سريعًا، كانت مستشفى القصاصين هي التي تستقبل مصابي حرب أكتوبر حينها، لإجراء الإسعافات الأولية".