«الكاثوليكية» تفتتح العام الدراسي الجديد للكلية الإكليريكية بالمعادي
افتتحت الكنيسة الكاثوليكية، صباح اليوم السبت، العام الأكاديمي الجديد بالكلية الإكليريكية بالمعادي "إكلريكية القديس لاون الكبير".
وترأس الأنبا كيرلس وليم مطران أسيوط للكاثوليك، صلاة القداس الإلهي بمشاركة ولفيف من الآباء الكهنة والرهبان والراهبات، والشمامسة الاكلريكيين الدارسين بالكلية.
والكلية الإكليريكيّة هي المكان الّذي يدرس ويتخرّج فيه طالبو الكهنوت وهذه الكلمة تأتي من اللغة اللاتينية وتعني المشتل حيث تشير إلى البيئة الملائمة لنموّ الدعوات الكهنوتيّة والخدميّة.
مراحل إنشاء الكلية الإكليريكية
وكان عدد الكهنة المتخرجين، من كلية انتشار الإيمان محدوداً وضئيلاً، ولم يكن كافياً لسد احتياج الكنيسة إلى العديد من الكهنة المثقفين والملمين بجميع احتياجات الوطن. لذا فقد كلّف مجمع انتشار الإيمان، الآباء اليسوعيين في عام 1878م بتأسيس إكليريكية للأقباط الكاثوليك بمصر، والقيام بإدارتها. فقدم إلى القاهرة الأب نورمان، رئيس إرسالية الآباء اليسوعيين في سوريا في يناير 1879م، بصحبة الأب هنري اليسوعي، ونزلا ضيفين لمدة شهر لدي الآباء الفرنسيسكان، إذ لم يكن حينذاك مرسلون يسوعيون في مصر.
وفي 3 فبراير 1879، استأجرا منزلاً صغيراً في حي الموسكي، وبعد أن تفقد الأب نورمان الحالة وأتم مهمته، ترك الأب هنري في القاهرة ورجع إلى بيروت، وأوفد من هناك إلى القاهرة الأب جرنييه والأخ يوحنا سيمرلي. وانتقل هؤلاء اليسوعيون الثلاثة، في شهر مايو من نفس السنة، من منزلهم الصغير بالموسكي، واستأجروا منزلاً فسيحاً ليس ببعيد عن الأول، هو قصر باغوص باشا ، في حديقة روزيتا بالموسكي، الذي صار بعد قليل المقر الأول للمدرسة الإكليريكية للأقباط الكاثوليك.
فتحت المدرسة الإكليريكية أبوابها في أول أكتوبر عام 1879م، وكان قد تم الاتفاق على أن تكون هذه المدرسة، إكليريكية صغرى يتلقى فيها إكليريكيو الأقباط الكاثوليك دروسهم الثانوية، ويرسلون من بعدها إلى الكلية الشرقية للآباء اليسوعيين ببيروت ليواصلوا فيها علوم الفلسفة واللاهوت. وأن يصرّح لمن يشاء من الطلبة، أن يتلقنوا الدروس في نفس المدرسة مع الإكليريكيين.
بدأ العام الدراسي، وقد ضمّت المدرسة بين جدرانها ثمانية إكليريكيين وأربعة عشر طالباً خارجياً. وكان قد عين لها رئيساّ هو الأب إدوارد سلزاني، عوضاً عن الأب هنري وأصبح الأب جرنييه مساعداً له. وقد حققت هذه المدرسة الإكليريكية نجاحاً باهراً ونمواً مشجعاً. إلا أن ثورة عرابي باشا، عام 1882م، أرغمت الآباء اليسوعيين- الذين وصل عددهم آنذاك في القاهرة إلى حوالي سبعة عشر راهباً- على الرحيل مع الإكليريكيين إلى بيروت، ولم يبق منهم إلا الرئيس الجديد الأب ميشيل جوليان وأربعة من اليسوعيين ومعهم أكبر الإكليريكيين سناً وهو حبيب سبع الليل. ولكن نظراً لتزايد حدة الثورة اضطر حتى هؤلاء أن يرحلوا إلى بيروت في 15 يونيه 1882 ولم يرجعوا إلا في أعقاب ثورة عرابي باشا. بعد هذه المحنة البسيطة عادت المدرسة بالقاهرة لتفتح أبوابها في شهر نوفمبر 1882م وتواصل الإكليريكية سيرها على ما يرام. وفي عام 1883م أي بعد ثلاث سنوات فقط من تأسيسها، بلغ عدد طلاب المدرسة ثمانية عشر إكليريكياً وثلاثة وستين طالباً خارجياً.
الإكليريكية بحي الفجالة 1889م
في عام 1888م شرع الآباء اليسوعيون، في بناء مدرسة كبيرة في حي الفجالة بالقاهرة، وهي مدرسة "العائلة المقدسة" للآباء اليسوعيين حالياً. وتم افتتاحها الرسمي في عام 1889م، فترك الآباء حينذاك قصر باغوص يصحبهم الإكليريكيون إلى جناح خاص بهم بجوار مدرسة العائلة المقدسة، وظلت المدرسة الإكليريكية الصغرى بالقاهرة تحت إدارة الآباء اليسوعيين إلى عام 1907م، حيث أغلقت المدرسة أبوابها من جديد على أثر استقالة، مثلث الرحمات غبطة الأنبا كيرلس الثاني عام 1908وتعيين الأنبا مكسيموس صدفاوي نائباً رسولياً للبطريركية فسافر طلابها الإكليريكيون إلى بيروت لمواصلة دراساتهم الثانوية والفلسفية واللاهوتية، في الكلية الشرقية للآباء اليسوعيين. ثم افتتحت ثانية في عهد الأنبا مرقس خزام حتى سنة 1947حين انتقل كل الإكليريكيين إلى طنطا.
إكليريكية المنيا الكبرى المؤقتة 1895-1896
لما كان عدد الكهنة المتخرجين من بيروت، قليلاً جداً بالنسبة إلى احتياج الكنيسة، اتجهت الفكرة في عام 1894م إلى افتتاح مدرسة إكليريكية، في دير الآباء اليسوعيين بالمنيا، تقبل الراغبين في الكهنوت والحاصلين على السن القانوني للرسامة الكهنوتية، حتى من المتزوجين. يتلقى هؤلاء- في مدة وجيزة- ما هو ضروري من معارف الكهنوت يشمل: شرح العقائد الدينية وكيفية الاحتفال بذبيحة القداس، وطقوس خدمة الأسرار المقدسة، ولم يتمّ هذا المشروع إلا بهمة النائب الرسولي الجديد، الأنبا كيرلس مقار، الذي افتتح هذه المدرسة في 7 مايو 1895م واضعاً إياها تحت إدارة الآباء اليسوعيين، وعين مدرساً لها الأب بولس قلادة، الذي صار فيما بعد الأنبا أغناطيوس برزي.
وظلت هذه الإكليريكية عامرة لمدة سنة، تخرّج منها أربعة عشر كاهناً، ثم أُغلقت هذه المدرسة لأن أساقفتنا، كانوا يطالبون الكرسي الرسولي بتأسيس مدرسة إكليريكية خاصة بالأقباط الكاثوليك، متكاملة، على مثال الإكليريكيات الأوروبية، منظمة في قوانينها ودروسها، بحسب ما تتطلبه الشرائع الكنسية.
المعهد الإكليريكي للأقباط الكاثوليك بالمعادي 1953
ولما كان المعهد الإكليريكي بطنطا في مبنى القديس لويس مؤجراً، فكّر آباء السينودس في تشييد مبنى كبيرٍ يضم إكليريكيين من جميع الكنائس الكاثوليكية بالقطر المصري. وقد التحق به فيما بعد بعض الإكليريكيين من الموارنة والسريان وبعض الرهبان الفرنسيسكان. وفي عام 1952م قامت الدار الجديدة في شارع من أجمل شوارع حي المعادي. على مساحة عشر أفدنه والمبنى مستطيل يبلغ طوله 117م وعرضه 67م وتحيط به حدائق. وأُعِدَّ المعهد لاستقبال إكليريكيي القسم المتوسط (إعدادي وثانوي) وإكليريكيي القسم العالي (الفلسفة واللاهوت).
اُفتتح المعهد رسمياً في 3 نوفمبر 1953م بحضور الكاردينال أوجين تيسيران مندوباً عن البابا بيوس الثاني عشر وجمع غفير من أبناء وإكليروس الطوائف المسيحية وعلى رأسهم البطريرك الأنبا مرقس الثاني خزام ومعاونه الأنبا إسطفانوس سيداروس الذي صار مديراً للإكليريكية الجديدة على رأس مجموعة من الكهنة الأقباط الكاثوليك وبعض الرهبان اللعازريين حتى عام 1954م. وحين اُنتخب الأنبا إسطفانوس سيداروس بطريركاً في يونيو 1958 أُسنِدَت الإدارة إلى الآباء اليسوعيين بالتعاون مع مجموعة من كهنة الأقباط الكاثوليك واستمر هذا الوضع حتى سنة 1969 عندما عُيّن الأب لويس أبادير مديراً للمعهد الإكليريكي على رأس مجلس إدارة من كهنة الكنيسة.