«سرديات الطريق».. من قطار مندور إلى عربة غسان كنفانى
سرديات الطريق هي تلك الأعمال الإبداعية التي تمثل الطريق وأدواتها ركنًا رئيسًا في أحداث العمل، وهناك من الأعمال الروائية والقصصية التي صارت بمثابة مسار وأنموذج لما يعنيه مصطلح "سرديات الطريق" ومنها وعلى رأسها تأتي رواية "جريمة في قطار الشرق السريع ـ 1934" لأجاثا كريستي، ورواية "مترو 2033" للروسي ديميتري جلوجوفسكي.
ومن الأعمال العربية المؤسسة والمبكرة في تلك المساحة والتي اتخذت من القطار فضاء لها "في القطار" والتى اعتبرها النقاد أول قصة مصرية، تدور أحداث القصة حول ست شخصيات عبر رحلة تتكشف فيها أفكارهم رؤاهم إلى جانب ذلك النظرات، فى إحدى عربات القطار، وفى مدة زمنية لا تتجاوز الساعتين.
وتعد رواية "قط وفار في قطار" للكاتب الروائي فتحي غانم واحدة من أبرز تلك الروايات التى اتخذت من القطار بشكل مركزي فضاء لأحداثها، حيث ما إن يضع بطل الرواية المحامي قدمه في القطار حتى تبدأ الغرائب والعجائب، وتبدأ رحلة في الزمان والمكان الذي يترامى من سويسرا إلى الصين.
وقد أشارت الكاتبة والأكاديمية زبيدة عطا زوجة الكاتب الراحل فتحي غانم عبر حوار أجرته معها "الدستور" عن حكايات أعماله الأدبية: "كان يمتزج القاص بالإنسان في فتحي غانم، فلقد بدأ في كتابة قصة "قط وفأر" في القطار ونحن نجلس في أحد الفنادق أيضًا، فقصها على كحادثة حدثت له، وفجأة شعرت أنها بداية لفكرة رواية وليست حدثًا وقع له".
من قطار محمد مندور وفتحي غانم إلى قطار إبراهيم فرغلي الروائي "قارئة القطار" والتى تدور أحداثها حول قارئة تقرر أن تروي حكايتها والذي يمتزج فيها الفانتازي والتاريخي، والتي تبدو كرحلة عبر الزمن، تطرح العديد من القضايا الرئيسية وعلى رأسها الهوية وقضايا الثأر وغيرها.
من فضاء روايات القطار إلى فضاء عربة مياه غسان كنفاني، والتي جاءت كمحور رئيس في روايته "رجال حول الشمس" والتي تعد بمثابة صراخ شرعي في وجه العالم، والصوت الفلسطيني المكتوم والذي يمكن وصفه بالمفقود تحت ركام الحرب، تجسد الرواية تفاصيل الموت اليومي العالق بتفاصيل حياة الفلسطينيين اليومية، الموت الحتمي عبر الهروب والهجرة والابتزاز، أبطال الرواية أبوقيس، وأسعد، ومروان، وأبو الخيزران، تعبر الرواية عن واقع ما يعيشه الفلسطينيون من صراع داخلي وخارجي.