اعترافات أنيس منصور بين الصغر والكبر
"عندما كبرت، واستقر رأسي على كتفي وجدت ما يميزني عن غيري من الصغار، وذلك عندما تفوقت في الدراسة، وحفظت القرآن الكريم، ونظمت الشعر، وأحسست أنني أنتسب إلى فصيلة أخرى من الناس، إلى طراز يعيش بعيدًا"، هكذا تحدث الأديب أنيس منصور عن نفسه في حواره لجريدة "شباب بلادي" 1984.
وقال أنيس منصور: "اهتديت إلى نظرية فلسفية من كل ما مررت به، سجلتها لتكون موضوعًا لرسالة دكتوراه في الفلسفة، وادخرتها في كتاب لي بعنوان "وداعًا أيها الملل"، وفسرت كل العلاقات الإنسانية على أنها مسافات قصيرة أو بعيدة، فالزمالك والصداقة والمودة والحب والعشق والزواج والحرية والسجن والايمان والكفر كلها مسافات صغيرة وكبيرة، وعاودني هذا المعنى كثيرًا".
في لقاء مفتوح مع الكاتب الراحل أنيس منصور بمجلة "أكتوبر" 1992، اعترف بأنه ليس كاتبًا أو صحفيًا، وقال: "أنا أديب أنشر في الصحف، وقد حققت أقصى ما يمكن أن يحققه أي صحفي ناجح، وتوليت تحرير العديد من الإصدارات الصحفية، الجيل وآخر ساعة وأكتوبر".
وعن ارتفاع أسعار مؤلفاته الجنونية، قال أنيس منصور: "أسألوا الناشرين، أي شكوى من ارتفاع أسعار الكتب وجهوها لمحمد المعلم وإبراهيم معوض".
وحكى أنيس منصور عن تجربته الأولى في الكتابة للصحافة عن كتب الفلسفة والفلاسفة، وقال إن أول عهده بالصحافة في عام 1948 كتب مقالًا عن معنى الفن عند الفيلسوف تولستوي، فأبدى "العقاد" إعجابه بالمقال، وهو ما أزعج "أنيس"؛ لأنه كان يعرف أن أسلوب "العقاد" صعب.
وكان وقع الإعجاب على نفس "أنيس" سيئًا، فقد ترتب عليه، أنه توقف عن الكتابة أو نشر أي شيء وعكف على إعادة كتابة المقال 29 مرة، حتى انتهى منه تمامًا، وتخلص من كل التراكيب النفسية والفلسفية الصعبة.
وقال "أنيس"، إنه عانى من التخلص من المصطلحات الصعبة، وكان طوال الوقت يشعر بصعوبة توصيل المعنى للقارئ، ووصف أسلوبه قائلًا:"أسلوب يعبر عن المعنى بالضبط".
واعترف بأنه استغرق في كتابه "200 يوم حول العالم" وقتًا طويلًا، فقد أعاد كتابته مرتين، فبعد أن حصل على جائزة الدولة التشجيعية عن الكتاب، تصفح الكتاب، قال: "ولأني كاتب موسوس قررت كتابته كله ولمدة 31 يومًا تفرغت لإعادة كتابة 800 صفحة كاملة ليظهر الكتاب بشكله النهائي"، ومن ذلك اليوم لا يقرأ "أنيس" كتبه التي تصدر؛ لأنه لو قرأها سيفعل نفس الشيء.