ما هي الحكمة من استخدام لفظ الرحمن في سورة يس بدلا من الله؟
قال الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الديار المصرية الأسبق، إن استخدم الحق تبارك وتعالى في المثل الذي ضربه في سورة "يس" اسم "الله" "الرحمن"، ودلالة ذلك أن الرحمن من الأسماء المختصة به سبحانه فهو غير مشتق ولا اشتقاق له؛ ولذلك لا تدخل عليه ياء النداء فلا يقال: يا الرحمن؛ ودليله أن العرب حين سمعوه كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ﴾، ولم يقولوا: ومن الرحمن؟
وأضاف في رده على سؤال منشور عبر الموقع الإلكتروني لدار الإفتاء المصرية ، يقول: في سورة "يَس" ضرب الله مثلًا في استخدم في هذا المثل اسم الله (الرَّحْمَن) فقال تعالى: ﴿قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ﴾، وكان من الممكن استخدام لفظ الجلالة (الله) دون أن يتغير المعنى، فما دلالة ذلك؟ وما معنى ﴿إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾؟ أنه قد ذهب الجمهور إلى أن الرحمن مشتق من الرحمة، وهو مبني على المبالغة، ومعناه ذو الرحمة التي لا نظير له فيها؛ فلذلك لا يثنى ولا يجمع.
وتابع واصل: والدليل على أن لفظ الرحمن مشتق من الرحمة ما أخرجه الترمذي وصححه عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «قَالَ اللهُ: أَنَا اللهُ، وَأَنَا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا مِنْ اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ».
واستشهد بما قاله أبو علي الفارسي: [الرحمن اسمٌ عامٌّ في جميع أنواع الرحمة يختص به الله تعالى] اهـ. ذكره ابن عطية في "تفسيره" (64/1).
وأوضح واصل، أما (الله) فهذا الاسم أكبر أسمائه وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يَتَسَمَّ به غيرُه؛ ولذلك لا يُثَنَّى ولا يجمع، فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الألوهية المنعوت بنعوت الربوبية المتفرد بالوجود الحقيقي لا إله إلا هو سبحانه.
وأكد المفتى الأسبق، أن الرحمن اسمُ صفةٍ لا اسم ذاتٍ، والعرب حينما أنكرته إنما أنكرت الصفة ولم تنكر الذات، وفي معرض الكلام عن القرية وأصحابها و إنكارهم للرسل وتكذيبهم إياهم ناسب استعمال اسم الصفة الدالة على الرحمة التي لا نظير له فيها؛ ترغيبًا لهم على تصديق رسلهم واتباع طريقهم.
وفسر معنى (الإمام المبين): قيل: الكتاب المقتدى به الذي هو حجة، وقال مجاهد وقتادة وابن زيد: أراد اللوح المحفوظ، وقالت فرقة: أراد صحائف الأعمال.