علاقته بنجاة الصغيرة أثارت الجدل.. هل يوسف إدريس هو بطل قصيدة «لا تكذبي»؟
تناثرت أقاويل كثيرة في فترة الستينيات حول علاقة يوسف إدريس بالمطربة نجاة الصغيرة، كانت نجاة حينها مطربة شابة تتمتع باسم لمع سريعًا في عالم الفن والغناء، لما اتسمت به من مقومات صوتية متميزة وعلاقات واسعة في المجال الفني، وقد عُرف في الوسط الفني أيضًا حب الشاعر كامل الشناوي لها.
وأمّا عن بداية هذه الأقاويل، ففي شتاء أحد الأيام لمح الشناوي نجاة الصغيرة تستقل السيارة على كورنيش النيل بجوار إدريس الذي كانت قد نفت علاقتها به عدة مرات، وهي الواقعة التي أشعلت نار الغيرة بقلبه، فما كان منه إلّا أن ذهب إلى مكتبه بالزمالك وشرع في نظم قصيدة «لا تكذبي» الشهيرة، قبل أن يلقيها على مسامعها بأنفاس متقطعة في ظل بكائه، فأُعجبت بالقصيدة وقررت غناءها في عام 1962 في فيلم «الشموع السوداء»، الذي مثّلت فيه أمام الراحل صالح سليم.
ويذكر الكاتب الصحافي مصطفى أمين في كتابه «شخصيات لا تُنسى»: «عشت مع كامل الشناوي حبه الكبير، وهو الحب الذي أبكاه وأضناه.. وحطمه وقتله في آخر الأمر، أعطى كامل لهذه المرأة كل شيء المجد والشهرة والشعر ولم تعطه شيئًا، أحبها فخدعته.. أخلص لها فخانته.. جعلها ملكة فجعلته أضحوكة».
وأضاف: «كتب قصيدة (لا تكذبي) في غرفة مكتبي بشقتي في الزمالك.. وهي قصيدة ليس فيها مبالغة أو خيال، وكان كامل ينظمها وهو يبكي، كانت دموعه تختلط بالكلمات فتطمسها، وبعد أن انتهى من نظمها، قال إنه يريد أن يقرأ القصيدة على المطربة بالتليفون، بدأ كامل يلقي القصيدة بصوت منتحب خافت... تتخلله الزفرات والعبرات والتنهيدات والآهات، ما كان يقطع القلوب وكانت المطربة صامتة لا تقول شيئًا، ولا تعلق ولا تقاطع ولا تعترض، وبعد أن انتهى كامل من إلقاء القصيدة قالت المطربة: كويسة قوي.. تنفع أغنية.. لازم أغنيها».
لكن عندما سُئل يوسف إدريس في إحدى المرات عن حقيقة علاقته بنجاة، فضحك ضحكة عالية ثم صمت، ولم يعلق بعدها تاركًا السؤال بلا إجابة.
وتساءل الجميع: من هو «الغريم» الذي خطف قلب حبيبة كامل الشناوي، ووجدها في أحضانه فكتب تلك القصيدة التي تفيض بالوجع.. وجع المحب المغدور والمصدوم؟ وهل صحيح هو يوسف إدريس؟ تعددت الإجابات واختلفت الأسماء، ولكن النصيب الأكبر كان من حظ ثلاثة: يوسف إدريس، ونزار قباني، وشقيقه صباح قباني الذي شغل منصب مدير الإذاعة السورية وكان لا يقل عن نزار حضورًا ووسامة.
لكن أحمد عثمان قدم إجابة مختلفة واسمًا جديدًا، في أحد حواراته الصحافية مع الكاتب الصحفي أيمن الحكيم، وهو هنا لا يتوقع ولا يخمن ولا ينقل عن آخرين، بل كان شاهدًا على تلك الواقعة، بحكم قربه الشديد من كامل الشناوي. يحكي أحمد عثمان شهادته فيقول: «اتصلت بكامل الشناوي مرة ونحن في سهرتنا اليومية في الهيلتون، وبعد المكالمة استأذن في الانصراف وأخذني معه وعرفت أن نجاة كلّمته وأخبرته بأن ابنها وليد مريض ويحتاج إلى دواء معين بسرعة ولم تجد أجزخانة في هذا الوقت المتأخر، فطلبت منه أن يحضر لها الدواء، وأخذنا تاكسيًا وظللنا نبحث عنه في الأجزخانات المفتوحة حتى وجدناه، وأمام بيت نجاة طلب مني أن أنتظره في التاكسي وصعد بنفسه ليوصل الدواء، وكنت أعرف أنه حب أفلاطوني، كانت هي ملهمته ولم تتعدَّ العلاقة أكثر من ذلك وعرفت منه في ما بعد تفاصيل تلك الصدمة، التي جعلته يكتب (لا تكذبي)، فقد كان ضيفًا دائمًا على نجاة ويزورها كثيرًا، وكانت خادمتها تعرفه جيدًا ففتحت له وسمحت له بالدخول عندما صعد إليها فجأة دون موعد سابق فوجدها في مشهد عاطفي مع المخرج عز الدين ذو الفقار، وكان جارها ويسكن معها في نفس العمارة... فالموضوع لم يكن فيه نزار قباني ولا يوسف إدريس، فطبقًا لرواية كامل الشناوي لي أنه المخرج عز الدين ذو الفقار».
وهذه الشهادة تتفق مع ما صرحت به السيدة رجاء الرفاعي عن حقيقة علاقته بالمطربة الشهيرة، حيث علقت: «إن كل هذه شائعات، كان إدريس يتجاهلها وتتجاهلها الأسرة، ولا يتم الالتفات لها أو الرد عليها»، ولهذا لا يمكننا أن نجزم أن يوسف إدريس هو البطل الحقيقى لقصيدة «لا تكذبي» ولا يمكننا في المقابل أن ننفي تماما عكس ذلك.