رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: شفرة 30 يونيو «10».. 100 حكاية من قلب ثورة المصريين على الجماعة الإرهابية

محمد الباز
محمد الباز

الحكاية «43».. قرار حصار الدستورية صدر من مكتب الإرشاد ونفذه صفوت حجازى بالتنسيق مع مرسى 

بعد شهور من حصار المحكمة الدستورية العليا، وفى مايو ٢٠١٣، كان المستشار محمد فؤاد جادالله يتحدث إلى أحد البرامج التليفزيونية، ودون أن يسأله المذيع كشف هو عن أن قيادة كبيرة بجماعة الإخوان المسلمين هى التى دعت لحصار المحكمة الدستورية قبل نظر دعوى حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور. 

كشف جادالله كذلك عن أنه علم من مسئول كبير قرار حصار المحكمة الدستورية العليا، ولما تبين له حجم الحرج الذى وقع فيه الرئيس مرسى، نصحه بعدم إصدار أوامر لفض الحصار بالقوة، لأن هذا من شأنه أن يزيد الحرج السياسى الذى سيجد الرئيس فيه نفسه. 

كان المستشار القانونى لمحمد مرسى يحاول أن يجد له مخرجًا أو تبريرًا لما حدث، بحجة أنه لم يكن يعرف بأمر حصار المحكمة الدستورية العليا، وإلا كان منعه. 

لكن دون أن يدرى ورط فؤاد جاد محمد مرسى فيما هو أكبر، عندما قال فى نفس اللقاء إن الرئيس محمد مرسى كان يشاور مكتب الإرشاد فى بعض القرارات المهمة قبل إصدارها. 

ما حدث فعلًا أن مكتب الإرشاد كان قد استقر على أن يقوم أعضاء الجماعة وأنصارها بحصار المحكمة، وأحاطوا محمد مرسى علمًا بذلك، وتم تكليفه بالتنسيق مع صفوت حجازى، الذى كانت الجماعة تتعامل معه على أنه ليس من قياداتها، لكنها كان تستفيد به من خلال تصديره كأحد أعضاء مجلس أمناء الثورة المناصرين للجماعة. 

أثناء انعقاد مليونية «الشريعة والشرعية» أمام جامعة القاهرة، صرخ صفوت حجازى فى المعتصمين، طالبًا منهم بالتوجه إلى المحكمة الدستورية، وكان يهدف من ذلك إلى استخدام الحصار كورقة ضغط على قضاة المحكمة حتى يرهبهم فلا يصدرون حكمهم بحل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية للدستور، وبالفعل جمع المعتصمون أمام جامعة القاهرة رحالهم وتوجهوا على الفور إلى المحكمة الدستورية. 

كان لحصار الدستورية هدف آخر، وهو تمهيد الأرض أمام محمد مرسى الذى كان قد قرر أن يتوجه بكلمة إلى الشعب مساء السبت ١ ديسمبر ٢٠١٢. 

توقع الكثيرون أن يحاول محمد مرسى استيعاب الغضب فى الشارع، وأن يدعو المحاصرين للمحكمة الدستورية إلى فض حصارهم على الأقل من باب التأكيد على احترامه لمؤسسات الدولة. 

لكنه قال ما يؤكد إصراره على التصعيد، فقد تجاهل تمامًا الحديث عن الإعلان الدستورى، وتجاهل رد الفعل الشعبى عليه، بل إنه تجاهل تمامًا قوله السابق إنه لن يوافق على دستور غير توافقى، عندما قرر طرح مشروع الدستور للاستفتاء فى ١٥ ديسمبر دون أن أى تعديل، وهو المشروع الذى احتج عليه الجميع، وكان سببًا فى زيادة الغضب ضده. 

الحكاية «44».. الإخوان خططوا لحرق المحكمة الدستورية وتدخل الجيش أفسد خطتهم 

لم تبدأ مشكلة جماعة الإخوان الإرهابية مع المحكمة الدستورية العليا فى ديسمبر ٢٠١٢، عندما ذهبوا لحصارها لمنعها من إصدار حكمها فيما يخص مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، ولكنها بدأت مبكرًا. فى ١٦ يونيو ٢٠١٢، أى قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بأيام، قرر المجلس العسكرى حل مجلس الشعب، وذلك بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية طريقة انتخابات ثلث أعضائه المستقلين، بما يعنى أن انتخابات المجلس، الذى يقوم بدور التشريع كلها، غير دستورية.

أخبر المجلس العسكرى المجلس، الذى كانت أغلبيته من الإسلاميين «إخوان وسلفيين»، بأنه أصبح محلولًا، وتم إرسال صورة من القرار إلى مجلس الوزراء بصفته الجهة التنفيذية، وعندما أعلن بعض أعضاء المجلس من الجماعة تحدى القرار، والذهاب إلى البرلمان فى اليوم التالى، تم منعهم من الدخول. 

أحدث القرار حالة من الجدل. 

سعد الكتاتنى، رئيس المجلس المنحل وأحد قيادات الجماعة، أحال حكم المحكمة الدستورية العليا إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب- رغم أنه أصبح دستوريًا منحلًا- لدراسة كيفية التعامل مع هذا الحكم، وكأنه يريد أن يقول للجميع إن المجلس سيد قراره، ناسيًا أو متجاهلًا أن هذا كان زمان ومضى. 

لم يكتف سعد الكتاتنى بذلك، بل بدأ فى الإدلاء بتصريحات صحفية، كان منها أن هذا الحكم شهد تأويلات عديدة من فقهاء القانون الدستورى حول شكل تطبيقه وهو متعلق بالفردية، أو بمرشحى الأحزاب الذين خاضوا الانتخابات على المقاعد الفردية أو حل البرلمان كاملًا، أو ما أشار إليه البعض بأن هذا الحكم لا ينطبق من الأساس على البرلمان الحالى. 

وفى محاولة من الكتاتنى للتملص من هذا الحكم ارتد مرة أخرى إلى الإعلان الدستورى الصادر فى ٣٠ مارس ٢٠١١، وقال تأسيسًا عليه إن هذا الإعلان الذى يمثل الدستور الملزم لكل مؤسسات الدولة وهيئاتها قد خلا من أى مادة صريحة أو تحتمل التأويل بأحقية أى جهة فى تنفيذ هذا الحكم. 

كلام سعد الكتاتنى لم يكن مستقيمًا، ولذلك تصدى له المستشار فاروق سلطان، الذى كان وقتها رئيسًا للمحكمة الدستورية العليا التى أصدرت الحكم. 

قال سلطان إن الحكم الذى يصدر من المحكمة الدستورية العليا ملزم لكل أجهزة الدولة، دون أى إجراءات أخرى، وأضاف أن المجلس أصبح لا وجود له بعد حكم المحكمة الدستورية. 

لم تطمئن جماعة الإخوان، رغم كلام فاروق سلطان، فأصدرت بيانًا رسميًا قالت فيه إنه بمراجعة الإعلان الدستورى نجد أنه لا يخول المجلس العسكرى هذا الحق، ومؤدى هذا أن المجلس العسكرى ينتزع السلطة التشريعية بغير حق، إضافة إلى السلطة التنفيذية التى من المفروض تسليمها للسلطة المدنية بعد أسبوعين، الأمر الذى يمثل انقلابًا على المسيرة. 

لم يلتفت المجلس العسكرى لما تقوله جماعة الإخوان، وأصدر الإعلان الدستورى المكمّل. طبقًا لهذا الإعلان الدستورى، وما يهمنا هنا هو المادة «٣٠» منه الفقرة الثالثة تحديدًا التى قالت: إذا كان مجلس الشعب منحلًا أدى الرئيس اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا. 

كانت المحكمة الدستورية تمثل تحديًا كبيرًا لجماعة الإخوان، ولذلك عندما ذهبوا لحصارها كانوا يحاولون تخليص ثأرهم منها. 

كان الهتاف الذى ردده المخربون الإخوان وهم يتجهون إلى المحكمة الدستورية «يا مرسى إدينا الإشارة وإحنا نجيبهم فى شيكارة» يوحى بما يخطط له الإخوان، فهم كانوا يفكرون فى اغتيال قضاة المحكمة الدستورية، وحتى لو لم يكن مقصدهم الاغتيال المادى، فقد كان فى هتافهم إهانة بالغة للقضاة الأجلّاء. 

قبل أن يصل المخربون إلى مبنى المحكمة على كورنيش المعادى، أخبر حرس المحكمة قضاتها بأن الإخوان فى طريقهم إليها، وكان الاقتراح بأن يخرج القضاة فى سيارات مصفحة، لكنهم رفضوا ذلك وقال أحدهم: إذا خرج القاضى بهذه الصورة فلا يمكن أن يكون قاضيًا. 

ألغى القضاة جلساتهم وعلقوا العمل إلى أجل غير مسمى، وكان لافتًا اعتداء المخرّبين على القضاة وهم فى طريقهم إلى الخروج، فقد اعترضوا طريق سياراتهم، وحاولوا تحطيمها، ونالت تهانى الجبالى أكبر قدر من الهجوم. 

تدخل الجيش فى الوقت المناسب واستطاع حماية المحكمة الدستورية التى خطط الإخوان لحرقها، وهو ما لم يكن يتخيله أحد.

الحكاية «45».. المتظاهرون يحاصرون قصر الرئاسة ويهتفون: قول ما تخافشى مرسى لازم يمشى

كانت الحركة سريعة فى الشارع المصرى بما لا يقدر على احتماله أو استيعابه أحد. 

ففى الوقت الذى كان أنصار محمد مرسى يحاصرون المحكمة الدستورية العليا، منشغلين تمامًا بإرهابها لمنعها مما يعتقدون أنه تعطيل لمحمد مرسى عن مسيرته فى حكم مصر، كان هناك تحرك فى اتجاه مختلف.. تحديدًا إلى قصر الاتحادية. 

استغل المتظاهرون تظاهر أنصار مرسى أمام المحكمة الدستورية، وانشغالهم بحصارها، فجمعوا أنفسهم وتوجهوا فى ٤ ديسمبر ٢٠١٢ إلى قصر الاتحادية. 

عصر هذا اليوم خرجت مسيرات تقدر بعشرات الآلاف من مسجد رابعة العدوية ومن مسجد النور بالعباسية ومن أمام جامعة عين شمس متوجهة إلى قصر الرئاسة للتعبير عن رفض الإعلان الدستورى، والاعتراض على عرض مشروع الدستور للاستفتاء. 

كان قصر الاتحادية مؤمَّنًا بقوات الشرطة والأسلاك الشائكة، لكن المتظاهرين لم يلتفتوا إلى ذلك، واصلوا زحفهم، وعلا هتافهم، للدرجة التى جعلت محمد مرسى يخرج من باب القصر الخلفى، وحتى عندما فعل ذلك لم يَسلم من المتظاهرين الذين تجمعوا حول سيارته وقذفوها بالحجارة، وطاردوه بالشتائم، والهتافات. 

هتفوا: قول ما تخافشى مرسى لازم يمشى.

يسقط يسقط حكم المرشد.

ثورة ثورة حتى النصر ثورة فى كل شوارع مصر.

ارحل ارحل. 

كان الغضب قد وصل إلى ذروته. 

ففى صباح هذا اليوم احتجبت ١١ صحيفة مصرية اعتراضًا على مشروع الدستور الجديد الذى قرر مرسى الاستفتاء عليه يوم السبت ١٥ ديسمبر ٢٠١٢، واحتجاجًا أيضًا على الإعلان الدستورى. 

لم يكتف المتظاهرون بما فعلوه أمام قصر الاتحادية، واصلوا التحدى وأعلنوا أنهم سيعتصمون أمام القصر لحين الإعلان بوضوح عن إلغاء الإعلان الدستورى المعيب، نصبوا خيامهم، وظلت مجموعات من الشباب مرابطة أمام القصر، بينما انصرف آلاف المتظاهرين عائدين إلى بيوتهم على وعد بالعودة مرة أخرى. 

كانت المظاهرات فى مصر قد أخذت شكلها، فالمتظاهرون فى الغالب لا يخرجون من بيوتهم إلا فى ساعات متأخرة من النهار، ليستكملوا الليل كله فى التظاهر والهتاف، وهو ما جعل الإخوان يقررون شيئًا دبروا له بالليل.

الحكاية «46».. عندما قال نائب الرئيس الإخوانى: البقاء للأقوى 

 

الأربعاء ٥ ديسمبر ٢٠١٢. 

كنت أتابع مؤتمرًا صحفيًا عقده نائب الرئيس، المستشار محمود مكى، فى قصر الاتحادية، جمع له فيه عددًا من الصحفيين ليتحدث إليهم عن طرح مشروع الدستور الذى انتهت منه الجمعية التأسيسية للاستفتاء على الشعب، فى ظل معارضة فئات عديدة لهذا المشروع الذى تضمن مواد خلافية كثيرة، وانسحب عدد من الشخصيات المؤثرة من الهيئة التى أعدته اعتراضًا على محاولة جماعة الإخوان فرض سيطرتها عليها، وصياغته كما تحب وتهوى ويروق لها. 

توجه أحد الصحفيين إلى محمود مكى بسؤال عن رأيه فى الاعتراضات التى تواجه مشروع الدستور الذى تعكف عليه الجمعية التأسيسية؟ 

فقال بأريحية: بعض المطالب أنا سمعتها وحضراتكم سمعتموها، وسمعت أيضًا بعض الهتافات التى تتجاوز سقف المسموح، وأنا عاتب جدًا على من يرددها، فالقياس على رحيل الرئيس السابق والمطالبة برحيل رئيس منتخب بانتخابات حرة نزيهة هو تحدٍ لإرادة ١٢ مليون مصرى انتخبوه، مَن يطالبون برحيل الرئيس يُقصون ١٢ مليون مواطن على الأقل، ومَن يطالب بإجراء إنتخابات جديدة أقول له إن هذا لا يصح ولا يجوز، لأننا نسعى إلى الاستقرار، فطالما جرت انتخابات لم تشُبها شائبة وعبّرت عن إرادة الناخبين لا بد أن تحترم، والشرعية لا بد أن تحترم، وإلا فإن البقاء للأقوى، والذى يتصور أنه يمكن أن يهدم الشرعية اليوم، لا يضمن ما يمكن أن يحدث معه بعد ذلك. 

فى هذه اللحظة التى كان يتحدث فيها محمود مكى، كانت ميليشيات الإخوان وجحافلهم تقوم بفض اعتصام الاتحادية بالقوة، تقوم بحرق الخيام التى نصبها المعتصمون، وتخرجهم منها، وتضربهم ضربًا مبرحًا، لا لشىء إلا لأنهم كانوا يحتجون على الإعلان الدستورى الذى أعلنه محمد مرسى. 

كانت الصورة على شاشات التليفزيون معبرة عن الموقف تمامًا، محمود مكى يقف فى منتصف الشاشة يقول: البقاء للأقوى، والنصف الآخر تحتله صورة الإخوان وهم يفضون الاعتصام بالقوة، وكأنهم يستجيبون لفلسفة نائب الرئيس، الذى أعلن أن القوة هى اللغة المناسبة لحسم الأمر. 

تخيلت أن نائب الرئيس حسن النية، فهو يتحدث فى مؤتمر صحفى دون أن يعرف ما الذى يحدث بجانب أسوار القصر الذى يتحدث منه. 

تواصلت تليفونيًا مع أحد مستشارى محمد مرسى، سألته: هل يعرف بما يحدث أمام القصر؟

فقال لى إنه يتابع ما يحدث، ويحاول التواصل معهم ليتدخل أحد، لكنه لا يتلقى ردًا على اتصالاته، وقال لى: سأعود إليك مرة أخرى. 

ولما عاد قال إنه فشل فى التواصل معهم، وإن فض الاعتصام ماضٍ فى طريقه، طلبت منه أن يعلن استقالته على الفور، حتى لا يرتبط اسمه بنظام يقتل مواطنيه، ولو كان مجرد مستشار لرئيسه ولا يعرف حقيقة ما يحدث، وجدته يفكر فيما أقوله له، قال لى: لا أريد أن يفهم الأمر على وجه خاطئ. خاصة أنه لا يعرف كواليس ما يحدث. 

سارعت بالاتصال بأحد المواقع الإلكترونية، وأخبرتهم بأن فلان الفلانى مستشار محمد مرسى يعلن استقالته من منصبه، ولما نشر الخبر بعد دقائق، وجدته يعاود الاتصال بى قائلًا: لقد وضعتنى فى موقف حرج. 

قلت له: لقد أنقذتك، فصفحة الإخوان انتهت حتى لو استمرت الجماعة لشهور.. فقد انقضى كل شىء. 

لم يرد علىّ، فعلى ما يبدو أنه لم يكن مقتنعًا بما أقوله له.

بعد ٣٠ يونيو وجدته يقول لى: كان عندك حق، لقد أنقذتنى. 

 

الحكاية «47».. شهود الحقيقة.. كيف جرت مذبحة الاتحادية على يد الإخوان؟ 

فى حوالى الساعة الرابعة عصر الأربعاء ٥ ديسمبر ٢٠١٢ توجه عدد كبير من أعضاء جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة إلى محيط قصر الاتحادية، فوجئ أهالى المنطقة والمتظاهرون المعتصمون بسيارات ميكروباص محملة بأعداد كبيرة من شباب الإخوان وبأيديهم عصى يقتحمون بها خيام المعتصمين ويزيلونها بالقوة، وانهالوا بالضرب المبرح على كل من فيها من الشباب والفتيات، ما جعل المعتصمين يتراجعون حتى ميدان روكسى، ليستمر الكر والفر والتراشق بالحجارة والزجاجات الفارغة بين الطرفين. 

تواجدت خلال الأحداث ٢١ سيارة إسعاف لنقل المصابين إلى المستشفيات، وقامت قوات الأمن المركزى بوضع أسلاك شائكة ومصدات حديدية بين ميليشيات الإخوان والمتظاهرين لمنع استمرار التشابك. 

خلال الأحداث تم نقل ١٦٧ مصابًا إلى مستشفى هليوبوليس و١١٠ إلى مستشفى منشية البكرى و١٦ إلى مستشفى التأمين الصحى بمدينة نصر، و٤٢ إلى مستشفى عين شمس التخصصى و٢٠ إلى مستشفى رابعة العدوية و٧ إلى مستشفى كوبرى القبة، و١٠ إلى مستشفى برج مينا، و١٥ إلى مستشفى الزهراء الجامعى، و٦ إلى مستشفى الدعاة، و١١ إلى مستشفى الدمرداش، و٣ إلى مستشفى فلسطين، و٧ إلى مستشفى القاهرة التخصصى، و٢٦ إلى مستشفى كليوباترا، و٢ إلى مستشفى الجلاء العسكرى، و٤ إلى مستشفى الجمالية، وتوفى ٩ كان منهم ٥ ينتمون إلى حزب الحرية والعدالة. 

لا تكتمل هذه الرواية إلا بشهادة من كانوا بعض ضحايا هذه المذبحة. 

رامى صبرى، طبيب وصيدلى شاب وعضو الهيئة العليا لحزب التحالف الشعبى، قال عما جرى: منذ بدأ الاعتصام أمام مقر الاتحادية وأنا أمارس عملى كطبيب مسعف ومعتصم مع المتظاهرين، وفى اليوم الذى حدثت فيه الاشتباكات هاجم شباب الإخوان المعتصمين واعتدوا عليهم، ما أدى إلى إصابتهم إصابات بالغة، وتم نقلهم إلى المستشفى الميدانى ومداواة عدد منهم بمساعدة زملائى من الأطباء، وبعد تدخل عدد من القوى الثورية للوقوف بجانب المعتصمين بدأ الإخوان فى الاشتباك والتعدى على كل من يخالفهم فى الرأى، حتى لو كان مارًا فى الطريق، وبدأنا نسمع صوت الأسلحة النارية يطلق بقوة. 

ويضيف رامى: فى هذا الوقت بدأت حالات إصابات تأتى إلى المستشفى الميدانى لنعالجها، وتلاها سقوط العديد من المتواجدين بطلقات نارية، وتمت إحالتهم من المستشفى الميدانى إلى مستشفيات الزهراء والقبة، والمفاجأة أن المستشفى الميدانى لم يسلم من اعتداء أعضاء جماعة الإخوان، فتعدوا على الأطباء، وعند وقوفى لإحضار أحد زملائى الذى كان مصابًا من شارع الخليفة المأمون فوجئت بتتبع ٦ شخصيات من الإخوان، مطلقى لحاهم، لى، واستوقفونى واعتدوا علىّ بالضرب بالشوم والعصى الحديدية. 

أحمد سيد، عضو التيار الشعبى بأسيوط، ومينا ماجد عطا غالى الطالب فى كلية الصيدلة، كانا من بين المعتصمين، حررا محضرًا فى قسم ثان، قالا فيه ما حدث معهما، حيث اتهما عددًا من أعضاء حزب الحرية والعدالة باختطافهما واقتيادهما إلى مقر حزبهم والاعتداء عليهما بالضرب، واعترف أحمد سيد بأن أعضاء الحرية والعدالة ضربوه بالعصى وصعقوه بالكهرباء وحلقوا شعر رأسه. 

المهندس مينا فيليب، الذى تداول المصريون فيديو تعذيبه فى أحداث الاتحادية، قال: تصادف وجودى فى شارع الخليفة المأمون بمصر الجديدة أثناء عودتى من عملى، وفوجئت بهجوم عدد من الإخوان قاموا بضربى على وجهى وسحلى على الأرض وسبى بأقذع الألفاظ، وتم احتجازى لساعات، لم يعلم أحد أنى مسيحى، إلى أن جاء أحدهم وقال بصوت عالٍ: الرجل ده مسيحى، فاستمروا فى لكمى وضربى بشدة، كان أغلب المصابين مسلمين فيما عدا القليل، ولم تتم التفرقة، بل رأينا جميعًا الموت بأعيننا، ويوجد الكثير إصابتهم أخطر من إصابتى. 

القصة كانت دامية، يقول: ظللنا محتجزين مع الإخوان والملتحين حتى جاء ضابط شرطة وطلب منهم تسليمنا، ثم أخذنا إلى نيابة قسم مصر الجديدة، وتم إثبات حالتنا المتدهورة، وتم إحضار مسعفين لنا لعمل إسعافات أولية لإصاباتنا، وكان معنا فى الحجز أكثر من ١٥ شخصًا بينهم أطفال ورجال ونساء والجميع إصاباتهم سيئة للغاية.

من بين ضحايا الجماعة فى أحداث الاتحادية أيضًا، كان السفير المصرى السابق يحيى نجم الذى كان سفيرًا لمصر فى فنزويلا، الذى تظل صورته شاهدة على إجرام الإخوان فى أحداث الاتحادية، وهو ما يمكن أن ندركه من صورته، ومن بعض تصريحاته عما جرى له هناك. 

قال: تعرضت وعدد كبير من المتظاهرين لتعذيب مبرح فى أحداث الاتحادية على أيدى عناصر جماعة الإخوان، لدرجة أننا حمدنا الله على أننا وقعنا فى يد الشرطة قبل أن نتعرض للموت. وقال: تعرضنا لكل ألوان التعذيب، من سحل وضرب بالخرطوش واعتداء بالأسلحة البيضاء، كاد التعذيب أن ينتهى بالموت لولا أن الشرطة أنقذتنا، ثم تم تحويلنا إلى النيابة. 

وقال: طبيبة تابعة للإخوان كانت تعتدى علينا بالجزمة وتضربنا، وتتهمنى شخصيًا بأننى جاسوس، ولم أخرج من بين أيديهم إلا بعد كسر سبعة أضلع، هذا غير إصابتى بالخرطوش تحت عينى. كان المشهد لافتًا جدًا، فقد تسابق أنصار مرسى فى تعذيب متظاهر وضربه وهو معلق على عمود الإنارة، ولولا تدخل رجال الحرس الجمهورى، الذين التزموا بأقصى درجات ضبط النفس، ما استجاب أنصار مرسى لإنزاله من على العمود وإطلاق سراحه، وأعتقد أنه كان من حسن حظ الجماعة أن هذه اللحظة لم تسجل لا بالصورة ولا بالفيديو، لكن قالها شهود العيان، ولو سجلت هذه اللحظة لكانت عارًا يلاحق الجماعة، إلى جانب أشكال العار الأخرى التى ستطاردها إلى يوم الدين.

الثلاثاء.. حكايات جديدة