الديني والحربي والتحطيب.. أنواع الرقص في مصر القديمة
الكثير من أنواع الرقص عرفتها مصر القديمة، ويمكن من ذلك معرفة أهمية الرقص في هذه الحقبة الكبيرة من تاريخ مصر، وفي كتابه "الرقص بين أهل الدين وأهل السياسة" الصادر عن دار الهالة للنشر والتوزيع، يستعرض المؤلف بيجاد سلامة هذه الأنواع من الرقص، وحددها كالتالي..
الرقص الديني والحياة الأبدية
على أنغام الموسيقى تتمايل الفتيات في المعابد المصرية القديمة، لاسترضاء الآلهة لتجلب المطر والخصب للبلاد وتعود الحياة من جديد، لأن المرأة كانت هي رمز الخصوبة والإنجاب؛ وقد ربط الفراعنة بين المرأة وإيمانهم بالحياة الأبدية؛ كما تتجدد الحياة في النبات بعد موته.
ولهذا ظهر نوع الرقص الذى نطلق عليه الآن «الرقص الشرقي».. فتحريك الخصر الذى يحمل الجنين بداخله هو جزء من رمزية الخصوبة والحياة الأبدية.
الرقص الحربى والتحطيب
في بدايتها كان التحطيب نوع من الفنون القتالية عند الفراعنة، وتحولت بمرور الزمن وأصبحت فن استعراضي، وأصبحت تقام لها مهرجانات خاصة تجمع عشرات اللاعبين المحترفين من جميع أقاليم مصر بوجود محكمين أو شيوخ اللعبة، وصوّر الفراعنة هذه اللعبة على جدران معابدهم وكانوا يهتمون بتعليمها للجنود ويختلف نسبيًا شكل وخطوات اللعب الآن عن السابق، كما أن العصا المستخدمة فى اللعب فى عصور الفراعنة التي وجد نقوش لها على جدران معابد الأقصر تتكون غالبًا من نبات البردى المعجون الذى لا يؤذى الخصم أو المنافس أو يؤدى إلى الموت.
وبالرغم من أن "التحطيب" هي رقصة تُروّح عن النفس وتبهج الروح، إلا أنها تؤدى إلى الموت أيضًا؛ فإذا ما غاب الراقص عن مراقبة منافسه، فاجأه الآخر بضربة عصا في أي جزء من جسده، والمهارة هنا لمن يسدد ضربات لمنافسه، ويبادر بضربات راقصة متوالية.
وبمرور السنوات تحول التحطيب لوسيلة تهدف إلى تسلية الجنود وإشعال الحماس بينهم لتخويف الخصوم قبل الحرب، ثم أصبحت نوعًا من الرقصات التراثية المسلية لتفريغ الطاقة فى جو من الحماسة، وهناك رأي آخر يرجع رقصة التحطيب لمعنى أعمق من القتال والفروسية، فهى تجسيد للصراع بين الإله «أوزوريس» وأخيه «ست» الذى كان صلب العقيدة المصرية منذ الدولة القديمة.
الرقص التمثيلي والمسرح الفرعوني
عندما زار «هيرودوت» مصر فى القرن الخامس قبل الميلاد، شاهد عرضًا تمثيليًا لأسطورة إيزيس وأوزوريس الشهيرة التي تمثل الصراع بين الخير والشر.
وسبقت مصر اليونان نفسها فى العروض المسرحية التي وُظف فيها الرقص، لإعادة تمثيل الطقوس الدينية والأحداث التاريخية الهامة.
الرقص فى الجنائز
لم يتوقف المصري القديم عن ممارسة الرقص حتى فى الجنائز، تعبيرًا عن حزنه على المتوفى، إلى جانب الرقص الدينى المصاحب لطقوس الجنازة.
وعلى الإيقاع السريع مارس الحركات التعبيرية التى تدخل البهجة على روح المتوفى فى رحلته للعالم الآخر لتطرد عنه الأرواح الشريرة.
الرقص الأكروباتى
تدريب شاق وطويل كان على المصرى القديم أن يؤديه حتى يتقن نوع محدد اسمه الرقص الأكروباتى، مرونة كبيرة فى الجسد يحتاجها الراقص ليستطيع تأدية حركات خاصة جدًا مثل تقويس الجسد بالكامل، أو الانحناء حتى يلامس الذراعين الساقين أو القفزات السريعة والحركات البهلوانية على أنغام الموسيقى ودقات الطبول.
والرقص الأكروباتى يهدف إلى شىء محدد عند المصرى القديم، وهو تحقيق التوازن النفسى وطرد الطاقة السلبية والمساعدة فى تصفية الذهن والتأمل.
الرقص الحربى
كان الرقص الحربى وسيلة مألوفة من وسائل التسلية للقوات العسكرية فى وقت راحتها، ويمثل مزيجًا ساذجًا من حركات غير منظمة تصحبها صيحات التحدى ويحاول قارع الطبلة الكبيرة توجيه حركات الراقصين وتغطية الصيحات عن طريق صوتها التوقيعى.
رقص الصيد
يذكر د. شريف بهادر إن رقصات السحر قد لعبت دورًا حيويًا فى مرحلة الصيد، فقبل الخروج للصيد كان الراقصون يلبسون أقنعة مثل الحيوان المطارد، ويقومون بتقليد حركات هذا الحيوان حتى يتم صيدها بواسطة الراقصين أثناء الرقص وبعد الصيد الناجح يأتى نوع آخر من الرقص يقوم فيه الساحر بتقليد خطوات الحيوان الذى تم صيده وبهذه الطريقة يعود الحيوان إلى الحياة ويضمن بذلك صيداَ آخر من وجهة نظرهم.
رقص الحصاد
كان يقوم به الرجال وهم يصفقون بالأذرع المصفقة الواحد خلف الآخر فى اتساق ونظام والرقص بالآلات الايقاعية كانت تقوم به نساء ذوات دلال، وكن لا يرتدين إلا غلالات شفافة تنم عن جسوم غضة بضة يرقصن ويعزفن فى آن واحد، والرقص بمتابعه الصاجات والرءوس الصفقة وكان الراقص غير العازف، ضارب بالصاجات الأول من اليمين ثم راقص ومصفق وضارب بالرءوس المصفقة.
الرقص الجميل
وكانت تقوم به النساء شبه عاريات إلا ما يستر عورتهن وكن يحلين صدورهن ونحورهن بالحلى والأربطة ويرتدين بعد ذلك ثوبًا شفافًا طويلًا وإن كان لا يستر شيئًا إلا أنه كان يزيدهن فتنة وسحرًا وكان رقصهن رقصًا مهذبًا بديعًا راقيًا يمتاز بالبطء والرشاقة، وكان على شكل جماعات تتجه اتجاهًا واحدًا الواحدة خلف الأخرى، وكان بعضهن يصفق ليحفظ الإيقاع الموسيقى.
الرقص السريع
وكان يقوم به الرجال فى حركات سريعة منتظمة قابضين بأيديهم على قطعتين صغيرتين من الخشب تقرع فى أثناء الرقص قرعًا متتاليًا سريعًا يتمشى مع حركاتهم.
الرقص الفنى «الكلاسيك»
ويمتاز بنشاطه ولونه الفنى البديع وجماعاته المنتظمة وهذا الرقص الذى ابتكره قدماء المصريين من آلاف السنين هو الذى نقلته أوروبا الحديثة عنهم واستعملته فى أوبراتها وسمته«ballet».
الرقص الحى
وهو أبدع أنواع الرقص القديم لأنه كان ترجمانًا صادقًا للتفاعيل الطبيعية والخوالج النفسية فكان يمثل الانتصار والاندحار فيجثو المغلوب خاشعًا خاضعًا تحت قدمى الغالب، وكان يمثل زقزقة العصافير وتغريد البلابل ومداعبة النسيم للأغصان.
رقص المجموعتين
أو «رقصة المجادلة» نظرًا لأن كل مجموعة من المجموعتين اللتان ترقصان تقومان بالحركات ذاتها، كانت تتحرك فى اتجاه عكسى لحركة المجموعة الأخرى، وكانت كل من المجموعتين تتكون من أربع راقصات يقفن أولًا الواحدة خلف الأخرى ثم يكونن تشكيلات أثناء رقصهن وتنتهى الرقصة فى الوضع الذى بدأن فيه.
رقصة الرياح
وهى كانت نوعًا من التمثيليات الدينية، وكان يصاحبها انشاد وعزف وتبدو من النقوش الموجودة على المعابد أنها تتكون من مجموعة العازفين والمغنيين وأمامهم راقصات ذوات شعر طويل مصفف فوق رؤوسهن على شكل تاج مزين بالحلى وكانت الأغنيات التى تنشد وحركات الراقصات تحكى قصة حياة الإنسان وكفاحه للسيطرة على الرياح الشمالية والجنوبية والرياح الشرقية والغربية حتى يستطيع التمتع بالحياة الخالدة بعد موته.
رقصة الرجة ورقصة وجه السفينة ورقصة اختطاف الفاتنة
هي أنواع من الرقص تحكى قصة ولكن بدون العنصر الغنائى والطابع الدينى واقتصارها على الرقص والموسيقى، وتعتبر من أول المظاهر التى سجلها الإنسان للباليه على النحو الذى نعرفه اليوم.