«تسعى للنيل من الوطن».. كيف تتصدى المؤسسات الإسلامية للشائعات؟
انتشار الشائعات في الأمة يؤدي إلى هدمها بسهولة، وإذا لم تحاربها الأطراف الواعية في المجتمع تزداد خطورتها، لذا اتخذت المؤسسات الإسلامية في مصر على عاتقها مهمة هدم الشائعات لتكون منبرًا لا يعلو فوقه سوى الحقيقة الكاشفة، ويجد الناس ما يلتفون حوله ويثقون فيه لدحض ما يسمعونه أو يشاهدونه من معلومات مغلوطة.
وقدمت المؤسسات الدينية العديد من الوسائل التي تعينها على هذه المهمة، تعتبر الدورات التدريبية أهمها، حيث يخرج الملتحقين بها قادرين على مواجهة أي شائعة بأسلوب جميل لا ينفر المستمعين إليه منه، وقد أوصى رئيس جامعة الأزهر الدكتور محمد المحرصاوي، الأئمة المشاركين في الدورة التدريبية الأولى (فنون الخطابة والإلقاء) بالتصدي للشائعات الهدامة التي تسعى للنيل من استقرار الوطن، وإلى جانب الدورات توجد وسائل أخرى، حدثنا عنها عدد من العلماء الأزهريين كما في السطور التالية.
أمين لجنة الدعوة بالأزهر: دورات تأهيل الداعية تدحض الشائعات
يرى الشيخ محمد زكي، الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر والأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية سابقًا، أن مؤسسة الأزهر الشريف قامت بخطوات فعلية لتلبية مطلب دحض الشائعات الذي نحتاج إليه في هذا العصر، فقامت بتنظيم دورات واجتماعات في الدعوة يحضرها المتخصصين.
وأوضح "زكي"، في حديثه لـ"الدستور"، أن ذلك يتم من خلال استحضار كبار رجال الدعوة الإسلامية لملاقاة الدعاة والعمل على النهوض برسالتنا وتفنيد كل ما يعوق مسار الدعوة الإسلامية قيامًا بواجب الدعوة، من خلال تأهيل الداعي الإسلامي بما يناسب المرحلة التي تمر بها البلاد يتيح له القيام بمهامه الدعوية.
وأشار إلى أن ذلك يتم أيضًا إلى جانب توجيه الجماهير الإسلامية في الداخل والخارج لما يحقق وحدة الأمة الإسلامية وتفعيل دورها بين الأمم ومشاركتها الفعالة في قيادة الركب الحضاري وترشيده وتوجيه حركته تحقيًقا لقول الله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" سورة آل عمران.
واختتم حديثه قائلاً: عندما يكون الداعية متمكنًا وعالمًا بثقافات العصر فهذا أدعى بأن يحترمه الجمهور وينتظر الاستماع إليه ليصحح مسار حياته ودينه.
أزهري: يجب عدم إغفال دور الأزهر لوقف تيار تخريب العقول
فيما اعتبر الشيخ عزالدين ذكي، شيخ أزهري أن دار الإفتاء هي من توجه الناس، معللًا أنها ركيزة للفتوى، لذا يجب عدم إعطاء الثقة لأي شخص غير مؤهل للفتوى، لأن الفتوى عبارة عن تحليل أو تحريم لما يدور في أذهان الناس من استفسارات ولا يملك إجابات لذلك سوى العلماء والفقهاء المختصون، فالأزهر يقوم بتوجيه الناس إلى قول الله عز وجل: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، سورة النحل، وأهل الذكر هم المفتي وله مستشارين وله جهاز كامل في دار الإفتاء بكل اللغات ليس العربية فقط.
وأضاف "زكي"، في حديثه مع "الدستور"، أنه إذا احترمنا الأزهر وأرسلنا إليه أسئلتنا سنتلقى الإجابات القويمة، لكن للأسف هناك بعض المتعمدين لإغفال مؤسسة الأزهر مما يستلزم أن يتم تعريف الناس بأهل الذكر حتى يتم وقف هذا التيار المخرب للعقول، ومن هنا بدأ الأزهر الشريف في تنظيم البرامج التعليمية التي تقوم على الوسطية والاعتدال والسماحة وعدم احتكار الحقيقة وعدم إقصاء الآخر وهو أساس العمل والبيان والعلم وهو ما يتوجه الأزهر للقيام به في الوقت الراهن، كذلك إعطاء توجيهات للأئمة والوعاظ بنشر هذا الهدف السامي.
وكيل الأوقاف سابقًا: نعد قوافل لنشر الفكر الوسطي
وتحدث الشيخ محمد عز الدين عبد الستار، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة سابقًا: عن اتخاذ إجراءات مشددة لتجديد الخطاب الديني والقضاء على الشائعات بالشكل الصحيح، فلا يصعد خطيب إلى المنبر دون أن يكون أزهريًا ومصرح له بالخطابة، وذلك حتى يمد الناس بالمعلومات الأزهرية الشرعية الوسطية المعتدلة، كما تم تفعيل خطوة الخطبة الموحدة في خطبة الجمعة على مستوى الجمهورية.
وعن وسائلهم في تلك المهمة، قال "عبدالستار"، في حديثه مع "الدستور": لنا قوافل في كافة مساجد الجمهورية وشركات البترول وفي أماكن الصحة لنشر الفكر الوسطي الأزهري، فنعمل على نشر الوسطية والاعتدال ومحاربة التطرف والغلو والتكفير والتهجير، بالتعاون مع الأزهر الشريف، كما أننا نرحب بأي مبادرات من قبل المنظمات المجتمعية للتعاون معنا، فنحن نواظب على عقد لقاءات مستمرة مع وزارة التضامن الاجتماعي والجمعيات والمنظمات الأهلية والاجتماعية والجمعيات الخيرية ممن لديهم الاستعداد الكافي للتعاون معنا في نشر الدعوة الإسلامية الوسطية ومنهم المجلس القومي للمرأة.
وفي سبتمبر 2019، أطلق مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، حملة إلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن أضرار الشائعات والأخبار الكاذبة، لأنها تعمل على هدم الأوطان والمجتمعات وزعزعة الثقة المتبادَلة بين أفراد الوطن الواحد، هادفة إلى التصدي لهذه الأخبار الكاذبة من خلال تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ونصوصه المقدسة.
دور المؤسسات الدينية في الفضاء الإلكتروني
وفي مارس الماضي، عُقد مؤتمر وسائل الإعلام ودورها في تحقيق السلم المجتمعي والأخوة الإنسانية، الذي كانت ركيزته عن الشائعات خاصة الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي حذّر من مخاطر انتشار الشائعات، وخطرها على الأوطان ومؤسسات الدولة، موصيًا المؤسسات التعليمية والدعوية والاجتماعية والإعلامية بوضع البرامج المناسبة للحد من الشائعات وآثارها السلبية.
واهتمت المؤسسات الدينية أيضًا بالفضاء الإلكتروني بشكل خاص، باعتباره أكثر الوسائل التي تشتعل تشتعل فيها الشائعات كالنار في الهشيم، فبحسب تقرير صادر عن الأزهر الشريف عام 2020؛ أثبت العاملون والباحثون في مجال الجماعات المتطرفة أن 75% من الشباب الذين كانوا يذهبون إلى سوريا والعراق في الفترة من 2014 حتى 2017؛ لينضموا إلى التنظيمات الإرهابية، كانوا ينضمون إلى تنظيم داعش الإرهابي، مقابل 25% كانوا ينضمون إلى الجماعات الإرهابية الأخرى، والسبب الرئيسي في ذلك قوة الآلة الإعلامية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم داعش.
أيضًا بالنسبة لدار الإفتاء، فتمتلك الدار 16 صفحة رسمية على الفيس بوك بأكثر من لغة وحسابين على تويتر وحسابًا على إنستجرام ويوتيوب وقناة تليجرام وساوند كلاود، تبث من خلالها أنشطة مختلفة تعرض تفنيد الفكر المتطرف. وقد بلغ عدد متابعي صفحة الدار على الفيس بوك ما يقارب 10 ملايين متابع، كما وصلت قناة اليوتيوب إلى 206 ألف مشترك، ووصل حساب تويتر إلى 469 ألف متابع، وقناة تليجرام 28.2 ألف مشترك، وحساب انستجرام وصل إلى 495 ألف مشترك.