جولة بلينكن.. محطتان ناقصتان
إلى تل أبيب، وصل أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، صباح أمس الثلاثاء، وبدأ جولته فى المنطقة، التى تشمل أربع محطات: القدس المحتلة، رام الله، القاهرة. وقبل عودته إلى واشنطن، غدًا، الخميس، سيزور العاصمة الأردنية عمان.
العناوين العريضة لتلك الجولة هى ترسيخ وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، وبحث إرسال مساعدات إنسانية عاجلة لقطاع غزة، دون أن تستفيد منها حركة «حماس»، والتمهيد لإعادة إطلاق عملية السلام، المتعثرة منذ سنوات.
غير أن هناك عناوين، قد لا تكون مرتبطة، تهدد استقرار المنطقة، وكانت تتطلب إضافة محطتين أخريين، إلى جولة وزير الخارجية الأمريكى، إحداهما أداة أمريكية، والأخرى تمزج المقاومة بالمساومة.
فى القدس، التقى بلينكن الرئيس الإسرائيلى رؤوبين ريفلين وبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، وجابى أشكنازى، وزير الخارجية. ومن المقرر، أن يجتمع اليوم، الأربعاء، فى رام الله، مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس ومحمد أشتيه، رئيس الوزراء. وهنا، فى القاهرة، سيستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، ثم سامح شكرى، وزير الخارجية. وستكون العاصمة الأردنية عمّان، هى محطته الأخيرة وفيها سيجتمع مع الملك عبدالله الثانى وأيمن الصفدى، وزير الخارجية.
جولة بلينكن هى الأولى فى المنطقة، لمسئول كبير فى إدارة بايدن منذ أن تولى الأخير الحكم. وأعلن البيت الأبيض، فى بيان، عن أن الرئيس طلب من وزير الخارجية التوجه إلى الشرق الأوسط فى سياق «دبلوماسيتنا الهادئة والمكثفة لتحقيق وقف إطلاق النار»، مؤكدًا «الالتزام الذى لا يتزحزح حيال أمن إسرائيل»، مع مواصلة الجهود «لإعادة بناء العلاقات مع الشعب والقادة الفلسطينيين، بعد سنوات من الإهمال». وأشار البيان إلى أن بلينكن سيعمل مع الشركاء الرئيسيين فى المنطقة، «لضمان وصول المساعدة الفورية إلى مواطنى غزة، وليس لحركة حماس»، وسيعمل أيضًا «على الحد من مخاطر اندلاع المزيد من النزاعات فى الأشهر المقبلة».
استبق بلينكن جولته بالإشارة إلى أن الوقت ليس مناسبًا لاستئناف فورى للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وردًا على سؤال بشأن احتمال التحرك نحو «حل سياسى حقيقى»، قال لشبكة «سى إن إن»، إنه «يتعين علينا إيجاد طريقة لكسر الحلقة»، لأن عدم القيام بذلك ستكون له «تكلفة كبيرة»، وأكد أن واشنطن ستعاود التواصل مع الفلسطينيين، وستواصل مشاركتها العميقة مع الإسرائيليين، وستحاول تهيئة الظروف التى تسمح بدفع عملية سلام حقيقية.
فى المؤتمر الصحفى، الذى عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، كرّر بلينكن أن الرئيس جو بايدن طلب منه الذهاب «لإظهار دعم أمريكا لأمن إسرائيل والعمل على الاستقرار وتخفيف التوترات وإعادة بناء العلاقات مع الفلسطينيين». وأضاف أنه شدّد خلال محادثاته مع نتنياهو «على نقطة أوضحها بايدن وهى أن الولايات المتحدة تدعم حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها». وتعهّد بإغاثة غزة مع منع حركة حماس من الاستفادة من المساعدات، وأعرب عن دعم بلاده لـ«حق الإسرائيليين والفلسطينيين فى العيش بأمن وسلام». وفى الشأن الإيرانى، وعد بلينكن بأن تستمر بلاده وإسرائيل «فى العمل معًا» لمنع إيران من زعزعة استقرار المنطقة. مشيرًا إلى أن ذلك «يبدو ممكنًا من خلال إعادة بناء هذه المنطقة وحشد الدعم الدولى».
طهران، إذن، هى إحدى المحطتين الناقصتين، أو اللتين نراهما كذلك، أما المحطة الأخرى، فهى أديس أبابا. ليس فقط لأن ممارسات إثيوبيا، هى الأخرى، ستؤدى إلى زعزعة الاستقرار وتفجير أوضاع المنطقة، ولكن أيضًا لأن الولايات المتحدة أمام لحظة فاصلة فى تاريخ علاقاتها بدول المنطقة، ولأن الرئيس جو بايدن أكد، خلال اتصاله بالرئيس السيسى، مساء الإثنين الماضى، تفهم واشنطن الكامل للأهمية القصوى لقضية السد الإثيوبى بالنسبة للشعب المصرى، وأشار إلى اعتزامه بذل الجهود من أجل ضمان الأمن المائى لمصر، وتعزيز الجهود الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة من أجل التوصل إلى اتفاق يحفظ الحقوق المائية والتنموية لجميع الأطراف.
.. وأخيرًا، ليس منطقيًا أن تبذل القاهرة جهودًا مضنية لإحلال الأمن والاستقرار فى المنطقة، بينما تمتنع واشنطن عن الضغط، بالقدر الكافى، على أبرز حلفائها، أو أدواتها، فى القرن الإفريقى، لحماية أمن مصر المائى.