رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«رؤية الرحالة الأوروبيين لمصر» يرصد سبق الرعاة المصريين لنظرية بافلوف عن الارتباط الشرطي

ليون الإفريقي
ليون الإفريقي

 تناولت الباحثة الدكتورة إلهام ذهني، في كتابها "رؤية الرحالة الأوروبيين لمصر"، اختلاف دوافع توافد الرحالة الأوروبيين علي مصر منذ القرن السادس عشر وحتي أواخر القرن التاسع عشر، مشيرة إلى أن ثروة مصر الحيوانية لفتت انتباههم، ويكفي دراسة "بيلون دي مان" من القرن الـ 16 عن أهم الحيوانات في مصر التي أثارت الإعجاب والانتباه في أوروبا، ولا سيما "وعل أوريكس" أو المها الذي خصص له فصلا كاملا من مؤلفه فوصفه بأنه يشبه الثور وإن كان أصغر حجما ويباع بأسعار مرتفعة. 

 وأشار الكتاب إلى أن "ليو الإفريقي"   ذكر أن وعل أوريكس يفقد أظافره في الصيف بسبب سخونة الرمال فيمنعه الألم من الركض، ولذلك يسهل صيده في هذا الفصل، ويستخدم جلده في صنع التروس لأنه يمتاز بالصلابة، و فاض ليون الإفريقي في وصف ثروة مصر من الماشية والجمال والخيول، ولفتت الإبل المصرية أنتباهه، مشيرا إلي أن المصريين لديهم قدرة غريبة علي تدريب الحيوانات ولا سيما الجمال.

 - تدريب الجمال على الرقص

 وتابع الكتاب أن ليون "الإفريقي"، قال رأيت في القاهرة جمالا ترقص علي نغمات الطبل، وقد شرح لصاحبه كيف دربه،  فقد اختار قعودا وحبسه مدة نصف ساعة في غرفة مبنية كأنها غرفة حمام، وكانت أرضيتها مدفأة بواسطة موقد، وفي خلال هذا الوقت يقف الرجل خارج الحجرة ويلعب بدق الطبل، وكان الجمل يرفع رجلا ويخف الأخري، كما لو أنه يرقص وليس بسبب الموسيقي، ولكن بسبب السخونة التي تؤلمه، وبعد سنة من الترويض قاد الرجل هذا الجمل إلي الساحة العامة وما أن يسمع هذا قرعات الطبل حتي يظن أنه فوق الأرض التي كان عليها، وذلك بسبب تذكره حرارة النار التي كانت تلسع خفيه فيرفع قوائمه بنفس الطريقة حتي ليبدو وكأنه يرقص." 

- تطبيق الرعاة المصريين لنظرية الارتباط الشرطي  

يبدو مما ذكره ليون الإفريقي عن طريقة تعليم الجمال الرقص علي قرع الطبول، وكيف توصل إليه الرعاة البسطاء متطابقا مع نظرية "الارتباط الشرطي" التي قدمها عالم النفس الروسي إيفان بافلوف، وهي نظرية تقوم أساساً على عملية الارتباط الشرطي التي مؤداها إنه يمكن لأي مثير بيئي محايد أن يكتسب القدرة على التأثير في وظائف الجسم الطبيعية والنفسية إذا ما صوحب بمثير آخر من شأنه أن يثير فعلاً استجابة منعكسة طبيعية أو اشراطية أخرى.

ويتابع ليون الإفريقي مشيرا إلي أن الجمال من الحيوانات التي تتسم بالقدرة علي تحمل مشاق الصحراء والسير علي الصخور الجافة، ولذلك فالجمل من أهم الحيوانات في الشرق ولا سيما في فارس وآسيا الصغري. وقد أعطي ليوم الإفريقي وصفا دقيقا عنه وعن كيفية اختزانه الماء في أمعائه للإفادة منها.

أما الماشية والأغنام فيفوق حجمها في مصر أي بلد آخر، كما أن حجمها في الوجه البحري يفوق حجمها في الوجه القبلي، وعلل "سونيني" ذلك بأن الماشية والأغنام في مصر العليا يغلب عليها الشراسة والتوحش لطبيعة أراضي المنطقة فهي محصورة بين جبال البحر الأحمر والنيل، وأورد سببا آخر ألا وهو ارتفاع درجة الحرارة في صعيد مصر. وقد أكد علماء الحملة الفرنسية نفس هذه الملاحظات فذكر "جيرار" أن قطعان الجاموس أقل فظاظة كلما هبطنا نحو الشمال. أما الخنزير فقد ذكر الرحالة أن المصريين يمتنعون عن أكله لأن لحمه محرم في شريعتهم. كما ذكر "سونيني" كذلك لا يأكله اليهود حتي أقباط مصر لا يأكلون لحمه إلا نادرا.