بالتزامن مع «القاهرة كابول» و«الاختيار2»: روايات تناولت ظاهرة الإرهاب والتطرف
يشهد الموسم الرمضاني زخمًا من المسلسلات التي ترصد وتوثق وتفضح جماعات الإسلام السياسي وفصائله وجرائمه في حق الإنسانية، والتي لم تستثن المسلمين ممن يتجهون إلى نفس القبلة.
والمدقق في مسلسلات "القاهرة كابول، الاختيار 2، وهجمة مرتدة" يجد ترابطًا في أحداث المسلسلات الثلاثة والتي تكاد أن تكمل بعضها بعض.
وكعادة الرواية التي تسبق الدراما في التعرض للقضايا الكبري، وتشريح الظواهر الإنسانية، ففي الرواية المتسع الزمني الذي تتمتع به دون غيرها من الأجناس الفنية والأدبية جعلها الأكثر استجابة، لأن تكون "تأريخا" موازيا للتاريخ الرسمي كما يسجله المؤرخون.
في التقرير التالي نستعرض أهم الروايات التي تناولت ظاهرة الإسلام السياسي وما يستتبعه من الإرهاب وإراقة الدماء.
ــ "جنود الله" للكاتب السوري فواز حداد
قسّم الكاتب روايته إلى 3 أقسام: "طريق آخر إلى الجنة"، وفيه على طريقة الفلاش باك يسرد الراوي عودته من بغداد متخفيا داخل صندوق سيارة بيك آب بيضاء عتيقة، مجهزة بأدوات ومواد إسعافية حيث تجتاز السيارة الشوارع مغادرة بغداد في طريقها إلي الحدود السورية، هو أبٌ فاقد الذاكرة عائدٌ من رحلة البحث عن ابنه الشاب "سامر" الذي التحق بجماعة القاعدة في العراق، التي انضم إليها أثناء دراسته في الجامعة العربية ببيروت وتردده على المساجد القريبة من مخيمات الفلسطينيين حيث تم تجنيده ورصدته المخابرات اللبنانية والسورية بعدما أطلق لحيته وارتدي اللباس الأفغاني.
ويحاول الأب الاتصال بابنه، ليمنعه من السفر إلى العراق، يلحقه إلى قرية "الدواسة" حيث يشهد مأتم أحد الشباب الجهاديين، وأسرته وأصدقاؤه يغنون له الأناشيد كونه عريس السماء يزف إلى الحور العين: "أسامة بن لادن يا مرعب أمريكا.. بقوة الإيمان وسلاح أمريكا.. يا قاعدي سمعنا الآربي جي.. سيلنا الدم فجرنا الموقع على الأمن"، لكنه يفشل فيضطر للسفر إلى بغداد بتنسيق مع الجهات الأمريكية.
ــ «فئران أمى حصة»
كانت الرواية التي صدرت في فبراير 2015، أشبه بالنبوءة٬ واستشرفت نتائج ومآلات الاحتقان الطائفي بين المسلمين السنة والشيعة٬ خاصة في منطقة الخليج العربي٬ فلم تكد تمر ثلاثة أشهر من صدور الرواية التي منعها الرقيب من التداول أو البيع في الكويت٬ حتى اندلعت سلسلة من التفجيرات.
وفي 22 مايو 2015، وقع تفجير مسجد الإمام علي في بلدة القديح التابعة لمحافظة القطيف شرق السعودية٬ وهو تفجير انتحاري تم تنفيذه أثناء أداء صلاة الجمعة٬ وراح ضحيته 22 شخصًا و102 جريح.
في الجمعة الثانية بعد هذا الانفجار، وقع انفجار آخر في 29 مايو 2015، في جامع الإمام الحسين في مدينة الدمام شرق السعودية٬ وهو أحد مساجد الشيعة٬ أثناء خطبة صلاة الجمعة، وهو تفجير انتحاري أودي بحياة أربعة مصلين وإصابة أربعة آخرين.
استشرف سعود السنعوسى مبكرا بنزاهة عيون زرقاء اليمامة، التى يختص بها المبدع، الواقع القميء وما يهدد المستقبل بهذه الفتن الطائفية بين معتنقي مذهبين يتوجهان لنفس القبلة٬ ويتبعان نفس النبي.
يتحدث السنعوسى فى هذه الرواية، عن المستقبل، تحديدا عام 2020، وتحديده هذا التاريخ لانفجار الفتن الطائفية والقتل على الهوية ربما وجده متلقى روايته شديد التفاؤل، حيث أجّل مشاهد الخراب والدمار وتقسيم المدينة الواحدة إلى مئات الحواجز والمناطق بين مشايعى كل طائفة وأخرى، وربما السنعوسى وهو يتابع أخبار تفجيرات القديح والعنود شعر هو الآخر بأنه كان مفرطا فى التفاؤل وليس التشاؤم كما تناولت الأقلام النقدية روايته.
يتوازى السرد عبر زمنين، ما كان فى طفولة الراوى وأيامه الخوالى، وبين ما «يحدث الآن»، الكابوسية الضاغطة على أنفاسك وأنت تتابعها، والتى تدفع الدماء حارة فى عروقك بالسؤال الشائك: ماذا قدمت الأديان للإنسانية سوى الشقاء والبؤس؟ وكيف فرقت الأديان بين البشر بعضهم البعض وبثت بينهم الحقد والبغضاء وشهوة القتل والإفناء للآخر إن لم يعتنِق معتنَقى لأننى أملك الحقيقة المطلقة؟! ذلك الشقاق الذى بثته الأديان لم يقتصر بين ديانة وأخرى، إنما داخل الدين الواحد ما بين شيعة وسنة، دروز وبروتستانت، كاثوليك وأرثوذوكس٬ سيخ وتاميل.
ــ ثلاثية "جزيرة الورد" لـ إبراهيم فرغلي
ترصد «الثلاثية» عبر امتدادها الزمكاني ما بين حي توريل بالمنصورة ومدينة الإسكندرية وصولا لدبي وباريس من حقبة السبعينيات التي شهدت بدايات التحول الجذري في الشخصية المصرية وتجريف هويتها وصولا للألفية الثانية وبزوغ تنظيم داعش الوحشي.
ويتناول «فرغلي» التحولات الاجتماعية والثقافية التي أصابت مصر والمصريين وتبدل قيم التعايش والتسامح وقبول الآخر بعيدا عن الدين والمذهب إلى قيم التطرف الفكري الذي وصل ذروته بالإرهاب المسلح، حيث يشير لملامح هذا التحول من خلال تواجد أكشاك الموسيقى ونوادي الجاليات الأجنبية آمنة مطمئنة التي يؤمها العديد من شباب المنصورة والصدقات التي تربطهم بشباب هذه الجاليات، ثم كيف انقلبت أوقات اللهو والمرح في أواسط السبعينيات إلى انخراط هؤلاء الشباب أنفسهم، وكان من بينهم (رامي)، في التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها الجماعة الإسلامية التي اغتالت السادات، وطاردت ابنته حنين أيضا حتى أبواب العاصمة باريس، وإن كانت في ثوب جديد يسمى داعش.
ــ «القداس الأخير»
ترصد الرواية الصادر عن الدار المصرية اللبنانية للكاتب ولاء كمال٬ الدور الذي تقوم به المراكز الإسلامية في أوروبا لتجنيد الغربيين للتنظيمات الإرهابية سواء القاعدة وداعش أو غيرهما من هذه التنظيمات، فتحول ماري إلى شخصيتها الإرهابية وأفكارها التكفيرية المتطرفة جاء بعد زواجها من "محمد قابل"، أحد المسئولين عن المركز والذي يلقي فيه الدروس الدينية للمترددين عليه سواء من أبناء الجاليات العربية المسلمة المقيمين في هذه الدول، أو حتى من الغربيين أنفسهم الذين يرغبون في اعتناق الإسلام.
فما إن تزوجت ماري بـ"قابل" حتى ارتدت النقاب رغم أنها لم تفكر فيه خلال زواجها الأول من الراوي، حيث نجح قابل في غرس الأفكار المتطرفة عن الإسلام في رأسها، حتى بدأت تكفر أفراد عائلتها وتمنعهم من تناول النبيذ خلال الأعياد عندما تزورهم، ومع الوقت قاطعتهم نهائيا كونهم كفارا يجب عليها قتالهم كما أقنعها وغرس في عقلها قابل، حتى وصلت في نهاية رحلتها إلى أن فجّرت نفسها في الكنيسة والموجودين فيها خلال الاحتفال بليلة عيد الميلاد.
ــ "القوس والفراشة": أفاعى سامة في فراشك
يكشف الروائي المغربي محمد الأشعري في روايته "القوس والفراشة"عن الجماعات الأصولية المتغلغلة في المغرب العربي ولا تقف فقط عند الجماعات المسلحة المتطرفة، فهناك بنية تحتية تؤسس لتناسل الأفكار التكفيرية الإرهابية.
تتصاعد الأحداث في قصة ياسين من خلال لقاء جمع يوسف في الطائرة، أثناء عودته من رحلته إلى مدريد، بشاب يعرف صديقا لياسين ويضرب له موعدًا ليوصله إلى شخص له علاقة تنظيمية بابنه، وحين يذهب إلى الموعد لا يجد أيًا من الشخصين، لكنه يلاحظ شخصًا غريب الهيئة فيتبعه من شارع لشارع، وحارة لأخرى متوهمًا أنه ابنه حين يهجم عليه ليمسك به يعرف فيه ملامح عصام، لكن بعد فوات الأوان فقد انفجر الحزام الناسف الذي يحمله عصام ليرفعهما عاليًا في الجو.